«مريم».. واحدة من نساء مصر.. يعولن 30% من الأسر

الجمعة 2 فبراير 2018 09:02 ص

بابتسامة مشرقة كأنها لم تحمل هما قط، تصادفك بمنضدتها الصغيرة واقفة على قارعة الطريق، تسألك بصوتها الخافت عما تفضله من السندويتشات، وتبدأ في شق أرغفتها في سرعة وبراعة لتلبي طلبك لتدرك بقي طلبات الزبائن المتعجلين في طريق ذهابهم أو إيابهم من أعمالهم.

«مريم» ابنة مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، شمالي مصر، ذات النيف وعشرين ربيعا، تقدم أطعمتها الشهية في شارع الحجاز بمنطقة المهندسين بالجيزة (وسط)، بينما يلهو ابنها الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره بجوارها.. تتوقف لثانيتين؛ تعطيه رغيفا صغيراً، وتوصيه ألا يبتعد عن الحديقة، ويلعب إلى جوارها.

بابتسامة هادئة تضيف: «إنه ولدي.. وفي البيت أخ له أكبر منه قليلا، لكنه يفضل أن يجلس مع والده في المنزل».

وحسب تقديرات حكومية، فإن «مريم» واحدة من المصريات اللواتي يتولين (بشكل منفرد) إعالة نحو 30% من الأسر المصرية، وفي ظل غياب الرجل، أو وفاته تضطّلع نساء كثيرات بجميع الأعباء المادية والمعنوية، وفق ما نقلته صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية.

ويقول خبراء إن نسبة المرأة المعيلة في مصر ارتفعت بسبب ضعف معدلات التنمية وتفشي البطالة، خصوصاً في المناطق الريفية والنائية.

كما تتولى المرأة، في بعض الأحيان، مسؤولية عائلات يوجد بها رجال عاطلون عن العمل.

«مريم» واحدة من هؤلاء الذين عصفت الأوضاع الاقتصادية بحياتهم، درست بجد، وحصلت على بكالوريوس في الإعلام.

وعندما انتهت من دراستها وتزوجت، كانت تعمل في إحدى شركات الإنتاج الإعلامي، لكنها لم تستمر معهم طويلا؛ بسبب الظروف التي تمرّ بها البلاد؛ حيث استغنوا عنها، كما استغنى غيرهم عن زوجها.

حينها قرّرت أن تبدأ مشواراً جديداً، وتواجه مصاعب الحياة؛ فحملت منضدة كانت في مطبخ منزلها، واتفقت مع أحد باعة المواد الغذائية على أن يبيع لها ما تحتاج من مربّى وبيض وحلاوة طحينية وعسل وكريمة وخبز صباحا، على أن تعطيه مستحقاته مساء.

منذ ذلك الحين لم يعد زوجها يخرج من البيت، ولم يتقبل فكرة أن يأتي معها إلى الشارع.

وبسؤالها عما إذا كان يحزنها أنها خريجة جامعية، ولا تجد عملا وتلجأ إلى ما تقوم به، قالت إنّه «مرهق بالفعل، لكن ماذا أفعل؟، هل أصمت وأعجز بعدها عن دفع إيصالات الكهرباء والماء مثلا؟ نعم كان قراراً صعباً، وجريئاً، لكنّني اتخذته، وأقبل على العمل دون أي غضاضة أو شعور بالغبن، هل تعلم أن هناك كثيرين من الموظفين هنا، يريدون أن يقلدوني؟ لكنّهم لا يجدون من يقف معهم لإتمام مشروعهم».

ورغم طول مدة وقوفها في الشارع، تذكر ميزة مشروعها الجديد قائلة: «هنا لا أخاف من أحد ولا أخشى أن يستغني عني أحد، أعمل لدى نفسي وأشعر بأمان».

تتوقف مريم عن العمل، بانتظار شاب أرسلته كي يأتي لها بخبز جديد، بينما يترقب زبائنها في انتظار عودة الشاب، الذي لم يتأخر طويلاً، وتبدأ من جديد في شق أرغفتها: «بدأت هنا بـ20 جنيهاً (دولارا واحدا)، وها أنا، الحمد لله، مطمئنة على عيشي وعيش بيتي».

  كلمات مفتاحية

مصر المرأة المصرية البطالة المرأة المعيلة

10 أرقام صادمة حول ظاهرة العنف ضد المرأة المصرية

الكويت تتطلع لتأهيل مليون متضررة من حروب الشرق الأوسط