«التليغراف»: تحقيق يوصي بالاعتراف بالزواج الإسلامي في القانون البريطاني

السبت 3 فبراير 2018 08:02 ص

انتهى تحقيق أمرت رئيسة الوزراء البريطانية «تيريزا ماي» بإجرائه، إلى وجوب اعتراف القانون البريطاني بالزواج وفقا للشريعة الإسلامية.

ودعا التقرير الذي يمثل نقطة تحول، وأجرته البروفيسور «منى صديقي»، أيضا إلى تنظيم الحكومة البريطانية لمجالس الشريعة، وحذرت من أن حظر الهيئات الدينية قد يجبرهم على العمل «سرا»، وفقا لما جاء في تقرير لصحيفة التليغراف البريطانية.

وبإعلان نتائجه الخميس، أفضى التقرير إلى أنه ينبغي إجبار الأزواج على تسجيل زواجهم الإسلامي زواجا مدنيا، وينبغي فرض غرامات عليهم إذا لم يقوموا بذلك. 

ولا يوجد إلزام حالي للقيام بذلك، ما يعني أن الأزواج الذين يرغبون في الطلاق يجب عليهم القيام به في محكمة شريعة، حيث يُعترف بالزواج، بحسب الصحيفة البريطانية. ويتعين تغيير قانون الزواج كي تُطبق التوصيات الواردة في التقرير، التي تنظر فيها وزارة الداخلية البريطانية حاليا.

الهدف من الخطوة

ويعتقد الخبراء أن الاعتراف بالزواج الإسلامي في المحاكم البريطانية من شأنه أن يمنع إجبار النساء على الاستعانة بمجالس الشريعة، التي يديرها إلى حد كبير رجال، للحصول على الطلاق.

ووجد التقرير أنهن في كثير من الأحيان يُقدّمن تنازلات في سبيل التخلص من هذا الزواج، وأن مثل هذه العقوبات ليست مطلوبة من الرجال في المقابل، بحسب الصحيفة البريطانية.

وجاء في التقرير أيضا: «قد يكون أثر تغيير قوانين الزواج لضمان تسجيل الزواج الإسلامي هو حظر تعدد الزوجات غير الرسمي، من خلال تعدد الزيجات الإسلامية». وأضاف: «في حين لا نملك دليلا اعتباريا على انتشار وإدراك المجتمع لتعدد الزوجات، فالدليل الشفهي بأن التحقيق لديه شهادات يشير إلى أنه شيء نادر».

وكانت رئيسة الوزراء البريطانية قد أمرت بإجراء التحقيق عن قوانين الشريعة، عندما كانت وزيرة للداخلية، في محاولة لفهم والتعامل مع مخاوف من أن النساء يعاملن بإجحاف، من قبل ما تسمى بالمحاكم التي لا تعمل وفقا للقانون البريطاني.

وأُجري التقرير كجزء من استراتيجية الحكومة البريطانية لمكافحة الإرهاب، وقالت وزارة الداخلية حينها: «هناك أدلة على أن بعض مجالس الشريعة ربما تعمل بنحو تمييزي وغير مقبول، وتسعى إلى شرعنة الزواج القسري وإصدار قرارات الطلاق غير العادلة بالنسبة للنساء، وذلك على النقيض من تعاليم الإسلام»، بحسب الصحيفة البريطانية.

وكشفت الدراسة، أن النساء في كثير من الأحيان لا يُمثَّلن في مجالس الشريعة، وتطرح عليهن في محاكم الشريعة أسئلة جائرة ويُعامَلن بظلم. وأوصت بإطلاق حملة توعية لمساعدة النساء على فهم حقوقهن ومسؤولياتهن وفقا للشريعة الإسلامية، وتقديم النصح لهن.

ومع ذلك لم يتعامل التقرير مباشرة مع المخاوف الحالية حول الطريقة التي تمنع بها النساء من السعي للحصول على المساعدة القانونية.

وجاء في التقرير: «أن التغيير مطلوب داخل المجتمعات المسلمة، كي تعترف هذه المجتمعات بحقوق المرأة في القانون المدني، وخاصة في نطاقات الزواج والطلاق»، كما تقول «التليغراف» البريطانية.

صعوبة ضمان التطبيقات

لكن التقرير يقر أنه قد يكون من الصعب ضمان تطبيق التوصيات بسبب المعتقدات الثقافية المتأصلة.

ويبرز التقرير مخاوف أن النساء ما زلن مقيدات في نطاق الأماكن التي يسمح لهن بالذهاب إليها، أو الأشخاص الذين يسمح لهن بالحديث معهم، بحسب الصحيفة البريطانية.

ويخلص التقرير إلى: «أنه من الواضح من كافة الأدلة أن مجالس الشريعة تلبي حاجة في بعض المجتمعات المسلمة. وهناك طلب على الطلاق الديني، ويجري حاليا تلبيته من قبل مجالس الشريعة. ولن ينتهي هذا الطلب على الطلاق الديني في حال حظر وإغلاق مجالس الشريعة، وقد يؤدي ذلك إلى القيام به «سرا»، ما يجعل الأمر أصعب من ناحية ضمان تطبيقه على نحو جيد، ومن المرجح أن تزداد احتمالية القيام بممارسات تمييزية، وزيادة التكاليف المالية، وأن يكون من الصعب كشف كل ذلك».

ويضيف: «قد يتسبب ذلك أيضا في حاجة النساء إلى السفر للخارج للحصول على الطلاق، ما يعرضهن إلى خطر إضافي. ونعتقد أن عملية إغلاق مجالس الشريعة ليس خيارا قابلا للتطبيق. ومع ذلك، بالنظر إلى التوصيات المقترحة أيضا في هذا التقرير، بما في ذلك تسجيل كافة الزيجات الإسلامية، فضلا عن حملات التوعية، فمن المأمول أن يتقلص الطلب على الطلاق الديني من مجالس الشريعة تدريجيا مع مرور الوقت».

رد وزارة الداخلية

وبحسب الصحيفة البريطانية استبعدت وزارة الداخلية تنظيم محاكم الشريعة، لكنها تنظر في التوصيات الأخرى.

وقال متحدث باسم الوزارة: «نحن ممتنون للتحليل الشامل الذي أجراه فريق عمل التحقيق المستقل». وأضاف: «لن نمضي قدما في توصية التحقيق بشأن تنظيم مجالس الشريعة. ولا يوجد لقوانين الشريعة أي سلطة قضائية في المملكة المتحدة، ولن نقوم بتسهيل أو التصديق على أي تنظيم، من شأنه أن يقدم المجالس كبديل لقوانين المملكة المتحدة»، بحسب الصحيفة.

وتابع: «لدينا في بريطانيا تقليد من زمنٍ طويل بحرية العبادة والتسامح الديني، حيث يتبع كثيرون من المنتمين للديانات المختلفة القوانين والممارسات الدينية ويستفيدون من توجيهاتها. وليس لدى الحكومة نوايا بتغيير موقفها. وسننظر بعناية في نتائج التحقيق وتوصياته الباقية».

وخلال الكشف عن خطط لإجراء تحقيق مستقل، زعمت «تيريزا ماي»، وزيرة الداخلية آنذاك، أنه يجري «إساءة استعمال» و«استغلال» تعاليم الشريعة للتميز ضد المسلمات.

بيد أنها أصرت، خلال حديث لها، في مايو/أيار 2016، على أن العديد من البريطانيين «يستفيدون استفادة كبيرة» من التوجيهات التي تقدمها تعاليم الشريعة والقوانين الدينية الأخرى.

وركز فريق من الخبراء، من بينهم قاضي المحكمة العليا المتقاعد، السير «مارك هيدلي»، ومحامون بارزون يتلقون إرشادا من اثنين من الأئمة البارزين، على التحقيق في معاملة النساء في قضايا تتعلق بالطلاق، والعنف الأسري وحضانة الأطفال، وفقا للصحيفة.

وأشارت «تيريزا ماي» إلى أن «الكثير من البريطانيين استفادوا استفادة كبيرة»، من تعاليم الشريعة.

وأكدت «ماي» على أنها ستنظر في كيف «يساء استخدام أو استغلال» آراء الشريعة بدلا من إجراء فحص أوسع لما إذا كانت التعاليم ذاتها تُميز ضد المرأة.

محاكم الشريعة غير الرسمية

ومع أن أفكار الشريعة ليس لديها أساس رسمي في القانون البريطاني، فإنها تستخدم على نطاق واسع لحل النزاعات داخل المجتمعات المسلمة، وفي بعض الأحيان يكون لذلك آثار قانونية.

وقدرت إحدى الدراسات التي أجرها مركز الأبحاث «Civitas»، منذ تسع سنوات تقريبا، أنه كانت توجد أكثر من 85 هيئة للشريعة تعمل في بريطانيا، لكن لم تجر أي تقديرات رسمية.

وتضم هذه الهيئات محاكم معترفا بها قانونيا، تعمل علنا وفقا لقانون التحكيم، أنشئت في الأساس لحل النزاعات المالية، باستخدام المبادئ القانونية الإسلامية، لكنها شملت نطاقا واسعا من القضايا.

وأبلغ سابقا إلى البرلمان عن شبكة كبيرة تضم الكثير من محاكم الشريعة غير الرسمية، التي تكون في كثير من الأحيان موجودة في المساجد، وتتعامل مع حالات الطلاق الديني وحتى شؤون حضانة الأطفال بما يتوافق مع التعاليم الدينية.

وتقدم هذه المحاكم «الوساطة» بدلا من التحكيم القضائي، مع أنّه يُزعم أن بعض جلسات الاستماع تجرى على غرار المحاكم العادية، بوجود علماء دين وخبراء قانونيين يجلسون بطريقة أقرب إلى القضاة من المستشارين.

المصدر | الخليج الجديد + هاف بوست

  كلمات مفتاحية

بريطانيا إسلام مسلمين عقد قران زواج إسلامي زواج مدني قانون تقرير تحقيق