التوتر في الشمال .. احتواء أم حرب؟!

الأربعاء 4 فبراير 2015 05:02 ص

هناك وجه شبه مفاجيء بين طرق تعبير قادة اسرائيل وقادة اعدائها في الجبهة الشمالية، سواء في كل ما يتعلق بجوهر النزاع أم بالتقنيات التي يتخذها الطرفان في اطار سلوكهما. فاسرائيل وحزب الله على حد سواء انشغلا الشهر الماضي سواء في محاولات تصميم "قواعد اللعب" على طول خط الفصل بين سوريا واسرائيل في هضبة الجولان أم بتغيير الرواية التي اضطر الطرفان اليها.

قبل بضعة ايام من الحدث الذي صفي فيه جهاد مغنية والجنرال الايراني قضى زعيم حزب الله بأن منظمته لا تتواجد في هضبة الجولان. وعندما قتل ستة رجال حزب الله في ذاك الحدث، لم تنف المنظمة مرة اخرى بأن رجالها يعملون هناك. وما سعى حزب الله الى اخفائه اصبح علنا. ورد حزب الله والايرانيون كل على حدة على العملية وقالوا إنه سيكون انتقام.

أما سلوك اسرائيل فكان اكثر تعقيدا في المراحل الاولى. فاسرائيل لم تتبنى المسؤولية عن التصفية فما بالك أن ظروف التنفيذ في وضح النهار لم تسهل أمر فرض الغموض على هوية المنفذين. كان واضحا أن اسرائيل تطلعت منذ البداية الى "احتواء" الحدث من خلال نوع من نفي الدور، وعلى ما يبدو أملت في أن هكذا تمنع تدهورا آخر.

غير أن هنا تعقد هدفان – الاول "احتواء" الحدث في مواجهة حزب الله والايرانيين، والثاني تشجيع الجمهور في اسرائيل. في البداية نقل عن مصدر كبير في القدس يقول إن اسرائيل لم تعرف بوجود الايراني في المكان. غير أن بعد بضعة ايام من ذلك قضى وزير الدفاع بأن تصفية الجنرال كانت ضرورية.

وعندها جاءت الحادثة في هار دوف التي قتل فيها مقاتلان من جفعاتي. وأدى هذا الحدث بنصر الله الى الظهور في خطاب مفصل حرص فيه على أن يعقد مساواة بين الحدثين في هضبة الجولان وفي هار دوف. فكلاهما وقعا في وضح النهار، كلاهما حققا هدفيهما، ومن هنا الجبهتان – هضبة الجولان وجنوب لبنان – جبهة واحدة. كما قضى بأنه لا يسارع الى الحرب في الوقت الحالي، ولكن اذا ما فرضت على حزب الله – فانه مستعد لها وبرأيه سينتصر فيها. عمليا سعى نصر الله لأن يقول بأن اسرائيل ولبنان يعيشان اليوم في وضع من الردع المتبادل.

ظاهرا اتخذت اسرائيل في هذه المرحلة تكتيكا مختلفا، فقد قالت إنها لا تقبل صيغة نصر الله في أن جنوب لبنان وهضبة الجولان جبهة واحدة، ولهذا فانها لا تمتنع عن مواصلة العمل لمنع سيطرة حزب الله والايرانيين في الجولان.

غير أنه ترافق مع ذلك خطوتان أخريان، على ما يبدو هما الاهم من ناحية القدس. فقد تكبد الناطقون بلسان الحكومة العناء للتشديد في منتصف الاسبوع الماضي على مسؤولية حكام لبنان وسوريا عن كل ما يجري على جانبي المتراس، بينما في نهاية الاسبوع قال رئيس الوزراء ووزير الدفاع إن المنفذ الاساس للجولة الاخيرة هي ايران، في اطار المواجهة الشاملة الآخذة في التصاعد بين القدس وطهران. أما الباقون فلم يذكروا على الاطلاق. 

القيادات العليا في الحكم الإيراني، الذين يحللون أحداث الأسابيع الأخيرة والتصريحات الواضحة في إسرائيل قد يستنتجون بأن اسرائيل قررت تحدي إيران. والتعريف الذي أعطي لتصفية الجنرال الايراني لا يقبل تفسيرا آخر. وبالفعل، يتحدث الايرانيون عن أن هذا الحساب مفتوح وبرأيهم سيسددون الدين.

لست واثقا من أنه جرت مراجعة في القدس لما حصل ولكن هذه هي النتيجة في هذه اللحظة، فالمواجهة العسكرية بين اسرائيل وايران على الارض السورية، اذا ما وقعت، ستبدأ في شروط افتتاح مفضلة بالنسبة لنا.

فإيران توجد في موقع ادنى في مواجهة إسرائيل في كثير من الجوانب الاستراتيجية. وهزيمة ساحقة لها في سوريا كفيلة بأن تمس بشدة بمكانتها الاقليمية والدولية.

غير أن على اسرائيل أن تفكر ايضا بموقف روسيا من مثل هذه الحرب بصفتها مشاركة في الازمة السورية من خلال التوريد المكثف للسلاح والتواجد الواسع في الميدان. والاسناد الامريكي الجدي – الامني والسياسي – سيكون حيويا أكثر من أي وقت مضى لحكومة اسرائيل.

لعل هذه الاعتبارات تدفع اسرائيل الى تفضيل "احتواء" المواجهة الاخيرة، التي رغب فيها حزب الله ايضا. ولكن "الاحتواء" هو دوما علاج مؤقت.

المصدر | أفرايم هليفي | يديعوت – مقال افتتاحي

  كلمات مفتاحية

إسرائيل المواجهة ايران حزب الله الجولان خيار الاحتواء علاج مؤقت خيار الحرب