«نيويورك تايمز»: نصف الإيرانيين يقولون لا للحجاب الإلزامي

الاثنين 5 فبراير 2018 10:02 ص

كان مكتب الرئيس الإيراني يعج بإحدى المناقشات الأكثر إثارة للجدل حول طبيعة الجمهورية الإسلامية، التي أفرجت فجأة عن تقرير عمره 3 أعوام يظهر أن ما يقرب من نصف الإيرانيين يريدون إلغاء إجبار النساء على تغطية رؤوسهن في الأماكن العامة.

ويأتي الإفراج عن التقرير، في الوقت الذي احتجت فيه عشرات النساء في الأسابيع الأخيرة علنا ​ضد إجبارهن على ارتداء الحجاب، وهو رمز للثورة الإيرانية، بقدر ما يعتبر شرطا دينيا.

الإفراج عن التقرير كشف عن أن 49.8% من الإيرانيين، رجالا ونساء - يعتبرون الحجاب الإسلامي حرية شخصية، ويعتقدون أن الحكومة لا ينبغي أن يكون لها أي رأي فيها.

ويبدو أن هذا التقرير يضع الرئيس «حسن روحاني» مباشرة ضد قضاء إيران المتشدد، الذي قال، الجمعة الماضية، إن 29 شخصا تم اعتقالهم في إطار الاحتجاجات.

المسؤولون في إيران يطلقون على التظاهرات وصف «الأفعال الصبيانية»، ويصرون على أن الغالبية العظمى من الإيرانيين يدعمون الحجاب الإسلامي، ودعوا إلى اتخاذ تدابير أشد ضد أولئك الذين يحتجون ضد الإلزام بالحجاب.

والمثير أكثر من نتائج التقرير التي توصل إليها، هو توقيت الإفراج عنه.

وتعود الدراسة إلى عام 2014، ونشرها الآن يشير إلى أن الرئيس رأى في هذا التوقيت فرصة لتحدي المتشددين، الذين يملكون السلطة في نهاية المطاف، حول هذه المسألة القوية رمزيا.

وقال المراقبون إن الإفراج عن التقرير تم من قبل أحد المستشارين المقربين لـ «روحاني»، وربما كان قرارا محسوبا سياسيا من قبل الرئيس، وهو رجل دين إسلامي، لدعم الإصلاحات الاجتماعية، ولإرسال رسالة إلى السلطات لتخفيف ردة فعلهم ضد احتجاجات الحجاب.

وقال «فاضل ميبودي» - رجل الدين الإصلاحي من مدينة قم: «تريد الحكومة أن تظهر أن أية حملة ضد الحجاب غير قانونية وغير ديمقراطية». وأضاف: «على كل حال، فإن القمع والعقاب ليسا جزءا من الإسلام».

وكان «روحاني» - وهو رجل معتدل مقارنة بالمتشددين المحافظين في إيران - يفتخر قبل عقود من الزمن بأنه كان المسؤول عن تطبيق القانون الذي يلزم النساء بارتداء الحجاب الإسلامي.

ولكن منذ انتخابه رئيسا عام 2013، واستمراره بعد إعادة انتخابه العام الماضي، دعا إلى المزيد من الحريات للإيرانيين.

وقال «فرشد غوربانبور» - المحلل السياسي القريب من الحكومة - إن الرئيس يريد أن يكون شعبيا ومحبوبا، وأن فريقه يعرف أن عددا متزايدا من النساء لا يحبذن قانون اللباس الإسلامي». وأضاف: «إنهم يريدون جذب النساء والتأكد من ألا تناقص شعبية الرئيس».

ويرأس «حسام الدين آشنا» - مستشار «روحاني» الذي أصدر التقرير - مركز الدراسات الاستراتيجية، وهو فريق بحث حكومي أجرى عام 2014 استطلاعا للرأي العام على الصعيد الوطني حول الحجاب الإسلامي الإلزامي.

وقالت إحدى النساء اللواتي احتجن في الشارع - الأسبوع الماضي - عن طريق خلع وشاحها - وطلبت عدم الكشف عن هويتها خشية التعرض للاعتقال - إن التقرير كان مفيدا، ولكنه لم يذهب بعيدا بما فيه الكفاية. وقالت المرأة - البالغة من العمر 28 عاما - إن المرأة تطالب بالحرية الكاملة، مضيفة أن التقرير أظهر أن الكثير من الناس يوافقون هذا الرأي.

وفي الأسبوع الماضي، قامت العشرات من النساء بنفس اللفتة الرمزية، وشاركن أعمالهن على وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث خلعن أغطية الرأس (الحجاب) في الأماكن العامة، ووضعنها على عصي ولوحن بها. وكن بذلك يحاكين امرأة شابة كانت قد صعدت إلى أحد صناديق المرافق يوم 27 ديسمبر/كانون الأول، وأزالت حجابها، وتم إلقاء القبض عليها فيما بعد.

وتقول الناشطات إنها تم إطلاق سراحها منذ ذلك الحين، لكنها لم تظهر بعد في الأماكن العامة مرة أخرى.

ومع ذلك، فإن الاحتجاجات - وإن كانت صغيرة العدد - تعتبر مع ذلك علامة عامة نادرة على أن عدم الرضا عن بعض القوانين الإسلامية التي تحكم السلوك الشخصي قد تكون قد وصلت إلى نقطة تحول في إيران.

وكانت أول مظاهرة احتجاجية - في ديسمبر/كانون الأول الماضي - قد جرت في يوم أربعاء، ويبدو أنها ارتبطت بحملة «الأربعاء الأبيض»، وهي مبادرة قامت بها «ماسيه علي نجاد»، وهي صحفية وناشطة إيرانية في المنفى، تعيش في الولايات المتحدة.

وقد وصلت السيدة «علي نجاد» إلى المرأة الإيرانية عبر القنوات التلفزيونية الفضائية باللغة الفارسية، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال موقع على شبكة الإنترنت تديره يسمى «حريتي السرية».

وعلى الموقع، تنشر صورا لنساء دون حجاب للرأس، مطالبين بوضع حد لقانون الحجاب الإلزامي.

وينظر الأيديولوجيون الإيرانيون إلى غطاء الرأس الإسلامي - أو الحجاب - باعتباره دعامة من أركان جمهورية إيران الإسلامية.

وقد تم تطبيق القانون المتعلق بالحجاب منذ الثورة الإسلامية عام 1979، وتلزم كل امرأة في البلاد بحجاب الرأس، وكذلك السائحات والشخصيات الأجنبية الزائرة.

وعلى الرغم من أن النساء يخضعن لقوانين أوسع بشأن مسائل مثل الطلاق والميراث، فإن الحجاب هو رمز عام للغاية للقواعد التي يفرضها الزعماء الدينيون الإيرانيون.

كما تفرض قواعد على الرجال، الذين لا يسمح لهم بارتداء سراويل قصيرة.

ويستاء العديد من الإيرانيين الآن من مثل هذه القيود، كما أن البلاد قد أصبحت أكثر علمانية، وتهتز أركان القبضة الدينية على نحو متزايد.

كما اندلعت اضطرابات مؤخرا في إيران بسبب المخاوف الاقتصادية التي أثارت احتجاجات مناهضة للحكومة التي أفسدت البلاد، في أواخر العام الماضي.

والمظاهرات - التي استمرت أسبوعا في جميع أنحاء إيران، وتمركزت في المدن والبلدات المحافظة دينيا، وانتشرت بين الطبقة العاملة بدلا من طهران، كانت أوسع عرض للاستياء منذ احتجاجات «الحركة الخضراء» عام 2009 بعد انتخابات رئاسية متنازع عليها.

ولم يكن الغضب موجها فقط إلى «روحاني» - الذي فاز بإعادة انتخابه واعدا بتنشيط الاقتصاد - ولكن أيضا إلى المرشد الأعلى للبلاد «آية الله علي خامنئي». وقد تم اعتقال ما يقرب من 5 آلاف متظاهر، وقُتل 25 شخصا، وبعضهم - وفق أقوال أسر الضحايا - على أيدي سجانيهم.

  كلمات مفتاحية

الثورة الإسلامية الحجاب الإلزامي الاحتجاجات الإيرانية حسن روحاني علي خامنئي

مذيعة إيرانية محافظة تثير جدلا بعد خلع الحجاب وشرب الكحول بسويسرا

بقص شعرهن وحرق حجابهن.. إيرانيات يعبرن عن غضبهن لمقتل الفتاة مهسا أميني (فيديو)