«هآرتس»: لماذا لا تكفي الطائرات الإسرائيلية لهزيمة «تنظيم الدولة» في مصر؟

الاثنين 5 فبراير 2018 11:02 ص

منذ توقيعها على اتفاقية «كامب ديفيد» عام 1979، كانت مصر تتلقى مساعدات عسكرية أمريكية، وقامت بتحديث مخزوناتها من منظومات الأسلحة السوفييتية بالكامل إلى أجهزة مصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وتمتلك في أسرابها على خط الجبهة طائرات إف-16 المقاتلة ومروحيات الأباتشي، وهي نماذج مماثلة لتلك التي تستخدمها القوات الجوية الإسرائيلية.

ومع كونه أكبر جيش في العالم العربي، كانت التوقعات كبيرة بأن الجيش المصري سيكون قادرا على التعامل مع التمرد في شمال سيناء، الذي يضم مقاتلين وفق جميع الحسابات لا يزيد عددهم على 1000 مقاتل.

ولكن مع استمرار سلسلة من الهجمات على الأهداف المدنية والعسكرية في شبه الجزيرة على حد سواء، فإن الجيش المصري في أحسن الأحوال «يحتوي» فقط ولاية سيناء؛ الفرع المحلي لـ«الدولة الإسلامية»، ولكنه لا يزال بعيدا عن تطهير شبه الجزيرة.

وبينما خسر «الدولة الإسلامية» تقريبا كل الأراضي الشاسعة التي كان يحتلها قبل عامين فقط في العراق وسوريا، حيث تم القضاء على قوته الرئيسية، فإن المجموعة الصغيرة الأصغر حجما في الفناء الخلفي لمصر ما زالت قوية.

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد ذكرت، نهاية هذا الأسبوع، أن (إسرائيل) تساعد مصر في سيناء، وعلى مدى العامين الماضيين، نفذت (إسرائيل) أكثر من 100 غارة جوية فوق سيناء باستخدام طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر هجومية وطائرات بدون طيار، بناء على طلب الحكومة المصرية.

وما يجعل الطائرات الإسرائيلية من طراز «إف 16» والأباتشي أكثر قدرة من الطائرات المصرية المماثلة هي مزيج من خبرات طواقم الطائرات، وتكنولوجيا الطيران الإسرائيلي المحدثة، ومجموعة واسعة من الذخائر الموجهة، والنسخ الاحتياطي لمجموعة من أجهزة الاستشعار الأرضية والجوية المتقدمة، والطائرات بدون طيار، ونظام القيادة والتحكم المتفوق.

وكل هذا يجعل طائرات (إسرائيل) أكثر مهارة في البحث عن أهداف «الدولة الإسلامية» في الصحراء، ويكون طيرانها أكثر أمنا عند مواجهة منظومات الدفاع الجوي المحمولة (الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من الكتف) التي يفترض أن الجهاديين يملكونها.

لكن المزايا التكتيكية للقوة الجوية الإسرائيلية ليست السبب الوحيد لاستعداد (إسرائيل) المخاطرة بطياريها وطائراتها في المهمات فوق مصر.

في عام 2010، أشار التقييم الاستراتيجي الوطني لـ(إسرائيل) إلى «خلافة مبارك» باعتبارها إحدى النقاط الرئيسية المثيرة للقلق، وكان الديكتاتور المخضرم مريضا، وكان المحللون الإسرائيليون يقيمون بفارغ الصبر فرص المرشحين المحتملين.

وكان الرئيس المصري «حسني مبارك» قد تولى منصبه في عام 1981، بعد مقتل الرئيس المصري «أنور السادات»، الذي أجرى اتفاق السلام مع (إسرائيل)، وذلك في القاهرة خلال موكب عسكري.

وعلى مدى 6 عقود، كان مبارك حليفا يمكن الاعتماد عليه، وحافظ على «السلام البارد»، وقد تسببت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في صدمة للجميع للعامين والنصف التاليين، حتى تسلم «عبدالفتاح السيسي» السلطة عبر انقلاب عسكري، حين كان هناك خوف عميق على مستقبل التحالف الإسرائيلي المصري، وتم حل خلافة «مبارك» أخيرا بشكل إيجابي.

وعلى وجه الخصوص، فإن مسؤولين إسرائيليين بارزين يصفون «السيسي»، علنا بأنه لم يكن هناك أي رئيس مصري آخر منفتح حتى الآن على علاقة جيدة مع قادة (إسرائيل) مثله.

وفي مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» عام 2015، قال «السيسي» إنه يتحدث «كثيرا» عبر الهاتف مع رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو»، وخلف هذه المودة، هناك مستوى غير مسبوق من التعاون العسكري والاستخباراتي، ويدعم هذا التحالف السلام، حتى لو كانت وسائل الإعلام والمثقفين في القاهرة لا يزالون على السطح معادين لأي احتمال لـ«التطبيع».

ولكن هناك حدود لفعالية هذا التحالف، والغارات الجوية وحدها بغض النظر عمن يقوم بها، ليست كافية للقضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» في سيناء.

وقبل مبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية»، كانت الجماعة الأصلية «أنصار بيت المقدس» حركة تمرد محلية تتألف من أفراد من القبائل البدوية المحلية الساخطين، عززها الإسلاميون الذين فروا من القاهرة ومدن أخرى، وهم يقاتلون على أرضهم، بين شعبهم؛ فهم يعرفون كيف يتحركون بين القرى والجبال.

وقد يكون الجيش المصري كبيرا ويسيطر على قطاعات رئيسية من الاقتصاد المصري، ولكن المجندين الفقراء والضباط ليسوا مجهزين ومدربين على محاربة معركة غير متكافئة في التضاريس، حيث يعتبرهم الكثيرون محتلين أجانب.

وشمال سيناء، على عكس المنتجعات السياحية على البحر الأحمر في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة، قد تم تجاهلها وعانت من نقص التمويل لعقود، ولا يوجد سوى القليل من الولاء للحكومة المركزية في القاهرة هناك، وقد تمكن الجيش بالكاد من السيطرة على الطريق الساحلية الرئيسية، ويرقد الجنود في عرباتهم المدرعة ليلا.

وبحلول نهاية عام 2016، أدت الغارات الجوية إلى إخماد مقاتلي «الدولة الإسلامية»؛ فقد انخفض عددهم إلى نحو 300 رجل، وقتل زعيمهم، لكن الجيش المصري فشل في تحقيق مزاياه على الأرض، وسرعان ما انتعشت ولاية سيناء، حيث عززها القادة والمقاتلون الجدد الذين فروا من سوريا والعراق، من ذوي الخبرة والمعرفة المكتسبة في معارك «الدولة الإسلامية».

ومثلما حدث في معارك العام الماضي في الموصل والرقة، تطلب الأمر قوة أرضية لإخراج «الدولة الإسلامية» من معاقله الرئيسية، ولذلك، فلن يكون الدعم الجوي الإسرائيلي ومساعدات الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى كافيا لهزيمة «ولاية سيناء»، ما لم تبدأ قوات الجيش المصري نفسها في مواجهة المتمردين على الأرض.

المصدر | هآرتس

  كلمات مفتاحية

كامب ديفيد ولاية سيناء تنظيم الدولة الإسلامية التعاون العسكري