ماذا حدث بعد أن مسحت «واتساب» وعشت بدونه سنة كاملة؟

الاثنين 5 فبراير 2018 08:02 ص

في نهاية 2016، أرسلت رسالة لكل جهات الاتصال في هاتفي قلت فيها: «بعد يوم 31 ديسمبر/كانون الأول، لن أستخدم واتساب بعد الآن، وسأستخدم برنامجي ثريما وسيجنال بدلاً منهما».
في ليلة رأس السنة أغلقت حساب «واتساب» ومسحت التطبيق من هاتفي، بعد أن كنت خرجت من كل مجموعات العائلة والأصدقاء والعمل، ومدرسة أبنائي، وفي أول لحظات 2017، كنت أتفرج على أصدقائي وهم يكتبون على هواتفهم المحمولة في الوقت الذي كان هاتفي فيه صامتاً دائماً، لقد شعرت بالغرابة وعدم الراحة، وفي وقت ذاته شعرت بشعور جريء وجيد.

تجربة غير مخطط لها

السبب الأساسي لمثل هذه الخطوة الجذرية لم يكن له علاقة بتفكير معين أو الرغبة في الانقطاع، ففي الحقيقة كنت قد حمّلت التطبيق في 2012 على هاتفي لأنني رأيت كل أصدقائي يفعلون ذلك.

وبحلول نهاية 2016، بدأ «واتساب» يرسل لي رسائل تذكيرية دورية بأنه سيتوقف عن العمل لأن نظام التشغيل على هاتف «نوكيا» الذي أحبه، لم يعد مدعوماً.

هذه الإشعارات جعلتني أفكر في استخدام بدائل أخرى لا تمتلكها شركة «فيسبوك»، والتوقف عن إنفاق الوقت في محادثات مريحة، لكنها نادراً ما تكون ذات معنى.

وجدت أن التحدي تحول إلى تجربة اجتماعية، فقد اشتريت هاتفاً أذكى، لكنني أزلت التطبيق الذي تقول «فيسبوك» إن «مليار شخص في العالم يستخدمونه للاتصال بأهاليهم وأصدقائهم»، وكانت البداية واعدة.

حفرة العزلة

كان أصدقائي المقربون يرسلون لي رسائل نصية للتهنئة بالسنة الجديدة، واتصلوا بي أو ردوا على مكالماتي الهاتفية بدلاً من كتابة رسالة «واتساب» أو تسجيل صوتي، وعدت للمحادثات التقليدية على هاتفي، حتى إن بعض أصدقائي حمّلوا تطبيقات الرسائل الأخرى التي حدثتهم عنها، لكن جهات الاتصال عندي انخفضت من 70 إلى 11 فقط.

في البداية شعرت بأنني معزول أو تخليت عن أصدقائي، وكان عليّ أن أحتمل نظرة الريبة أو عدم التصديق من الآخرين عندما شرحت لهم سبب عدم استخدامي «واتساب».

تفويت التحديثات

بعد عدة أسابيع لاحظت أنني كنت أتفقد هاتفي بشكل أقل، ولم أعد أمرّر جهات الاتصال لرؤية تحديث صور البروفايل أو إرسال رسائل لأناس لا أتحدث معهم عادة، بدأتُ أقرأ أكثر، لكنني تعلمت أيضاً ما يعنيه ألا أصبح في مجموعات بعد الآن وأن أفوّت الأشياء.

فعندما كنت أقابل الأصدقاء كنت أحتاج لتحديثات عما قالوه في مجموعاتهم، وكان عليّ أن أسأل زوجتي باستمرار عن المحادثات في مجموعات المدرسة الخاصة بأطفالنا، وتفهمت ضيقها عندما اضطرت للعبور بـ94 رسالة جديدة عن حفلة عيد ميلاد، أو الدراما غير المتوقعة التي قام بها طفلان في الحضانة.

حماية الخصوصية

كان صعباً أن أدافع عن خطوتي هذه من منظور الخصوصية، وقد قال المتعاطفون مع قراري إنه لا يوجد لديهم بديل للانضمام لاعتبارات تتعلق بالعمل والروابط الاجتماعية، وقد قال زميلي إنه ليس لديه حساب «فيسبوك»، ولهذا فإن مطابقة التطبيقين لأغراض إعلانية كان غير ممكن.

كنت أعرف أن «الفيسبوك» في أوروبا تم منعه من الحصول على بيانات من «واتساب»، لكن ماذا سيحدث مع بيانات مليار شخص تمت مطابقتها ومشاركتها بالفعل؟

لا أحد أجبر «فيسبوك» على مسح هذه البيانات، ولهذا لا أعرف على وجه التحديد كيف ستستخدمها «فيسبوك» للتأثير علينا دون أن نلاحظ.

كثير من الأصدقاء قالوا لي «على كل حال، ليس لدي ما أخفيه»، لكنهم كانوا يخفون انزعاجهم بصعوبة، والسؤال الرئيسي الذي كنت أتساءل بشأنه آنذاك: لماذا نثق بالشركات الخاصة أكثر مما نثق بحكوماتنا؟

ثقة في غير محلها

من المفترض أن موقفنا هو عدم الثقة بالحكومات والغرباء، لكننا نثق بأن الشركات الخاصة تستخدم البيانات كي «تحسن حياتنا»، وأن «فيسبوك» دفعت 19 مليار دولار لشركة تشفر محتويات الرسائل ولا تقوم بإعلانات.

بالتأكيد هناك قيمة لعاداتنا وجهات الاتصال لدينا، وليس فقط مضمون محادثاتنا، وخلال العام الماضي أدركت مدى قلة ما نعرفه ومدى قلة اهتمامنا، فنحن لا نعتبر بياناتنا سلعة نادرة وقيّمة، وهي تبدو مثل الوقت: نحن نفترض فقط أنها هناك.

على القهوة سألت صديقي: «إذا كان لديك قطعة واحدة متبقية من البيانات الشخصية لكي تنفقها، فكيف ستفعل ذلك؟»، فضحك، ثم توقف، وسمعت رنة هاتفه.

المصدر | الغارديان

  كلمات مفتاحية

«واتساب» «فيسبوك» نوكيا