«بي بي سي»: ضربات (إسرائيل) بسيناء دليل تنامي علاقاتها مع العرب

الثلاثاء 6 فبراير 2018 05:02 ص

اعتبرت «بي بي سي»، التعاون الأمني العسكري بين مصر و(إسرائيل) في سيناء، دليلا على نمو علاقاتها مع العالم العربي.

جاء ذلك ضمن تعليق للمحطة البريطانية، حول ما كشفته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، بتنفيذ مقاتلات إسرائيلية خلال مدة تزيد على عامين، أكثر من 100 ضربة جوية داخل سيناء المصرية.

تقرير الصحيفة الامريكية، وصفه محلل الشؤون الدبلوماسية بـ«بي بي سي»، «جوناثان ماركوس»، أنه «سبقا صحفيا مذهلا»، مضيفا أن الموضوع بأسره يتناغم مع توجه نحو تغير كبير في المنطقة، و«هو تغير يصح ملامحمه الأساسية، ولكن مداه ونتائجه ما زال يكتنفها الغموض».

وحسب آراء صحف ومحللين إسرائيليين وأمريكيين، ساعد التدخل الإسرائيلي في سيناء الجيش المصري على استعادة تواجده في معركته التي دامت 5 سنوات تقريبا ضد المسلحين، في الوقت الذي عززت فيه الغارات الإسرائيلية بسيناء أمن حدودها واستقرار جارتها.

ولفت مراقبون ومحللون، إلى أن التعاون الثنائي بين مصر و(إسرائيل) بدأ في الازدهار منذ أن تقلد الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» حكم مصر عام 2014.

مواجهة إيران

وحسب «ماركوس»، فإنه توسع النفوذ الايراني في المنطقة من الخليج إلى البحر المتوسط، أثار قلق وخوف دول كالسعودية ومصر والأردن، ما دفع بعض الدول العربية السنية إلى التقرب من (إسرائيل).

وأضاف: «هذه الدول تشارك إسرائيل في قلقها من الدور الإقليمي المتصاعد لإيران وطموحاتها النووية، إضافة إلى ما ينظر إليه أنه تقاعس واشنطن في مجابهة طهران».

ولفت إلى أن «هناك من الإشارات والتصريحات الدبلوماسية ما يوحي بأن هذا التقارب بين مصر و(إسرائيل) لا يخلو من أسس حقيقية»، مضيفا: «كما لوحظت في الآونة الأخيرة ثمة مؤشرات مبطنة وغير مبطنة فيما يخص هذا التقارب».

رسالة سعودية «مهمة»

الأمر لم يقتصر على مصر، حسب «ماركوس»، وامتد للسعودية، مشيرا إلى ما كتبه الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي والوزير السعودي السابق «محمد العيسى»، مؤخرا، من رسالة مفتوحة، وصفها بـ«المثيرة»، وجهها إلى مدير متحف المحرقة اليهودية في واشنطن.

وخلال الرسالة، عبر «العيسى» عن تعاطفه لضحايا المحرقة، التي نفذها النازيون في الحرب العالمية الثانية، وإدانته لأولئك الذين يقولون إن المحرقة لم تحصل أساسا.

وأضاف: «كانت تلك الرسالة، التي جاءت ذلك على لسان رجل دين بارز من منطقة كانت في مقدمة المناطق التي تنفي وقوع المحرقة منذ عقود، رسالة مهمة جدا».

ورحبت (إسرائيل) برسالة «العيسى»، فيما اعتبرت صحف إسرائيلية، هذا الموقف «ثمرة للحرب الشرسة التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضد التيار الديني».

تغييرات كبيرة

من الجانب العربي، على المرء أن يستجمع التطورات من أجل التوصل الى فهم للتغييرات الجارية تحت السطح، حسب «ماركوس».

وأضاف: «الإسرائيليون - وقد يقول البعض بأنهم تسرعوا في ذلك - كانوا أكثر صراحة». ونقل عن رئيس الحكومة الاسرائيلية «بنيامين نتنياهو»، قوله أمام معهد تشاتهام هاوس في لندن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي: «المسؤولون الإسرائيليون تواقون في لقاءاتهم الخاصة والعامة الى الترويج لعلاقات بلادهم المتحسنة مع الدول السنية المعتدلة».

وأضاف «نتنياهو» متطرقا للتطورات في منطقة الشرق الأوسط، أن «الأخبار السيئة هي أنه في المعركة بين قوى التخلف وقوى الحداثة، يتقدم المتخلفون وخصوصا في ايران».

ولكن الأخبار الجيدة، حسب «نتنياهو»، تتلخص في أن «الآخرين (السنة المعتدلين) يتعاونون مع (إسرئيل) كما لم يفعلوا من قبل. هذا شيء لم أتوقع رؤيته في حياتي، ولكننا نعمل بلا كلل لتأسيس تحالف فعال بين اسرائيل والدول العربية السنية المعتدلة لمجابهة تغول ايران ورده بالحد الممكن».

ولفت «ماركوس»، إلى أن «نتنياهو»، بذل جهدا كبيرا في تأكيد ذلك، إذ قال: «عندما تنتقل إلى الخليج الفارسي - أو كما يطلقون عليه الخليج العربي - ترى أن الموقف تجاه (إسرائيل) بدأت بالتحسن بشكل ملحوظ».

ومضى للقول: «ما زالت تلك المواقف متشددة في صفوف الفلسطينيين وفي محيطنا المباشر، ولكنها في طريقها للتحسن واللين».

وبالطبع، مصر ليست وحدها في التعاون المشترك مع العدو السابق، حيث إن الأكثر وضوحا، أن الإسرائيليين والسعوديين قد عمقوا علاقاتهم واتصالاتهم الأمنية بفضل الكراهية المشتركة لإيران، ولكن تعاونهم المتنامي ما زال سريا، حيث إن توثيق العلاقات مع البلد الذي ما زال يجعل ملايين الفلسطينيين تحت الاحتلال العسكري سيشكل مشكلة سياسية لأي بلد عربين حسب صحيفة «واشنطن بوست».

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية تقريرا، وصفت فيه ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» بأنه رجل (إسرائيل) في السعودية، وقالت إنه عنصر يمكن الاعتماد عليه في مشروع أمريكي إسرائيلي طويل الأمد لخلق شرق أوسط جديد.

وفي وقت سابق، كشف رئيس المؤتمر اليهودي الأمريكي «جاك روسن»، عن تعاون استخباراتي بين السعودية و(إسرائيل)، لافتا إلى أنه غير مندهش بذلك.

وانطلقت دعوات غير مسبوقة للتطبيع مع (إسرائيل)، رغم أن التصريح بهذا الأمر علنا كان محظورا قبل وصول «بن سلمان»، إلى رأس السلطة في المملكة.

ومنذ قيام ما يعرف بـ(دولة إسرائيل) عام 1948، رفضت السعودية الاعتراف بها، ودعمت حقوق الشعب الفلسطيني في السيادة على الأراضي التي تحتلها (إسرائيل) منذ عام 1967، ومع ذلك، فإن المملكة الخليجية لم تشارك في أي من الحروب العربية ضد (إسرائيل).

كما سبق أن كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، عن ارتفاع في وتيرة العلاقات العسكرية بين الإمارات و(إسرائيل)، في ظل زيارات معلنة بين شخصيات بحرينية وإسرائيلية للبلدين.

من جانبها، اعتبرت إيران، تطبيع السعودية وبعض دول المنطقة للعلاقات مع الكيان الصهيوني، هي خيانة بحق العالم الإسلامي، وبحق فلسطين وشعبها المسلوبة حقوقه الذي تكبد الكثير من الأضرار المادية والبشرية من قبل هذا الكيان.

رد فعل خجول

ودلل «ماركوس» على قوله بما وصفه «رد الفعل الخجول» على قرار الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، في 6 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بنقل سفارة بلده إلى القدس.

وأضاف: «لا يمكن القول إن ردود الفعل في العالم العربي بشكل عام - إن كان من جانب الطبقات المثقفة أم من جانب المواطنين عموما - عكست تليين مواقف القيادات، تجاه (إسرائيل) بل إن الأمر كان عكس ذلك».

واحتلت (إسرائيل) القدس الشرقية عام 1967، وأعلنت لاحقا ضمها إلى القدس الغربية، معتبرة القدس كاملة «عاصمة موحدة وأبدية» لها، وهو ما يرفض المجتمع الدولي الاعتراف به، فيما يتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة.

أزمة سلام

نقطة أخرى، تطرق إليها «ماركوس»، حين قال إن «هناك مفارقة كبيرة، ففي الوقت الذي يعتقد فيه الكثير من المحللين بأن هذه اللحظة تعد مناسبة لمحاولة دفع عملية السلام بين الفلسطينيين و(إسرائيل) إلى الأمام، والاستفادة من جو التعاون الجديد بين الدولة العبرية والعرب المعتدلين، ما زالت الدول العربية السنية غاضبة من بعض سياسات حكومة نتنياهو حتى وإن كانت تحرص على التعاون معها في مجابهة المخاطر الأمنية التي يواجهها الجانبان».

وتابع: «أضف إلى ذلك أولئك الإسرائيليين الذين يعتبرون أن ثمة فرصة قد تضاع في استغلال ما هو ممكن على الأقل».

وختم حديثه بالقول: «يبدو أن حكومة نتنياهو تشير إلى قدرتها على أن تأخذ ما تريد دون أن تدفع مقابل ذلك ثمنا، بعبارة أخرى، أنها ستسطيع ألا تحقق أي تقدم في مجال المفاوضات مع الفلسطينيين بينما تتمكن من تحسين علاقاتها مع الدول العربية المعتدلة»، حسب تعبيره.

وتوقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، نهاية أبريل/نيسان 2014، دون تحقيق أية نتائج تذكر، بعد 9 أشهر من المباحثات برعاية أمريكية وأوروبية؛ بسبب رفض (إسرائيل) وقف الاستيطان، وقبول حدود 1967 كأساس للمفاوضات، والإفراج عن معتقلين فلسطينيين قدماء في سجونها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التطبيع تنسيق أمني العرب إسرائيل تعاون عسكري سيناء