مصر وتركيا.. توتر سياسي جديد يشعل فتيل أزمة «الغاز»

الأربعاء 7 فبراير 2018 12:02 م

يبدو أن «الغاز» سيكون نقطة اشتعال للتوتر مجددا بين القاهرة وأنقرة، على خلفية التلاسن حول ترسيم الحدود البحرية، وحقوق التنقيب لكلا البلدين، في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.

وربما تبدد أزمة الغاز التي تلوح في الأفق، أجواء التهدئة الملموسة بين مصر وتركيا، خلال الشهور الأخيرة من بوابة العلاقات التجارية التي شهدت تقاربا لافتا، وتبادلا للزيارات بين وفود تجارية رفيعة المستوى، وتفاهمات نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية بعيدا عن التوتر السياسي القائم منذ الانقلاب العسكري بمصر 3 يوليو/تموز 2013.

وتتخذ الأزمة منحى تصاعديا، بتحذير دبلوماسي صدر أمس الثلاثاء، عن الخارجية المصرية، أكدت خلاله أنها «لن تسمح بأي محاولة للمساس أو الانتقاص من حقوق مصر السيادية، في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط».

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، المستشار «أحمد أبوزيد»، إن «اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، حيث إنها تتسق وقواعد القانون الدولي وتم إيداعها كاتفاقية دولية في الأمم المتحدة».

وأضاف، في بيان، عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، أن «مصر لن تسمح بالانتقاص من حقوق مصر السيادية في تلك المنطقة، وأنها تعتبر مرفوضة وسيتم التصدي لها».

وأعلنت مصادر مسؤولة في وزارة البترول المصرية، أنها طرحت عمليات البحث والاستكشاف في البحر المتوسط بعد اعتماد اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص من الأمم المتحدة.

تصعيد مصري

على خط الأزمة، دخل الإعلام المصري، معتبرا على لسان الإعلامي «عمرو أديب»، إعلان وزير الخارجية التركي، «مولود جاويش أوغلو»، أن بلاده تخطط لبدء التنقيب عن النفط والغاز شرقي البحر المتوسط في المستقبل القريب، ورفض بلاده اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، بمثابة «إعلان مبدئي بالحرب على مصر».

وفي نبرة تهديدية، قال «أديب» المقرب من أجهزة سيادية في البلاد، خلال برنامجه «كل يوم»، المُذاع عبر فضائية «ON-E»، إن «شراء القطع البحرية والميسترال يؤكد أن الدولة المصرية كانت تنظر للمستقبل وتتوقع مثل هذه التصرفات التركية»، على حد قوله.

وجاء التصعيد المصري، عقب تصريحات أدلي بها «جاويش أوغلو»، أمس الأول، بشأن عدم اعتراف تركيا بالاتفاق المبرم بين مصر وقبرص في ديسمبر/كانون الأول 2013، بترسيم الحدود البحرية بين البلدين للاستفادة من المصادر الطبيعية في شرق البحر المتوسط.

وشدد الوزير التركي على أن الاتفاقية المبرمة بين مصر وقبرص لا تحمل أية صفة قانونية، مؤكدا أن «الاتفاقية تنتهك الجرف القاري التركي عند خطوط الطول 32، و16، و18 درجة».

وتابع: «لا يمكن لأي دولة أجنبية أو شركة أو حتى سفينة إجراء أي أبحاث علمية غير قانونية أو التنقيب عن النفط والغاز في الجرف القاري لتركيا والمناطق البحرية المتداخلة فيه».

وترفض أنقرة قيام قبرص (المتحالفة مع مصر) بعمليات التنقيب في شرق البحر الأبيض المتوسط، من طرف واحد، متجاهلة حق جارتها «قبرص التركية» (المدعومة من أنقرة)، مشددة على أنه «لا يمكن القبول بهذه الأعمال في ظل عدم التوصل إلى حل عادل وشامل في المسألة القبرصية»، وفق بيان خارجية قبرص التركية.

وتعاني جزيرة قبرص من الانقسام بين شطرين، تركي في الشمال، ويوناني في الجنوب، منذ 1974 .

وهناك مفاوضات بين الجانبين برعاية الأمم المتحدة، حول 6 محاور رئيسية، هي: «الاقتصاد، الاتحاد الأوروبي، والملكية، إلى جانب تقاسم السلطة والإدارة والأراضي والأمن والضمانات».

ويطالب الجانب التركي بتجميد الأنشطة المتعلقة بالموارد الطبيعية في جميع محيط الجزيرة، أو مواصلة هذه الأنشطة عبر تعاون يحدده الطرفان (القبارصة الأتراك واليونانيين).

تفاقم الأزمة

ومن المتوقع أن تزداد حدة الأزمة، مع بدء الحكومة التركية تنفيذ أول أعمال لها للتنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط خلال العام الجاري.

وفي أبريل/نيسان الماضي، أعلن وزير الطاقة التركي «براءت البيرق»، أن بلاده ستشتري لأول مرة في تاريخها سفينة تنقيب «للتنقيب بشكل فعّال مرتين سنوياً في البحر الأسود، ومرتين أيضاً في البحر المتوسط».

وأضاف «البيرق»، أن بلاده ستقوم خلال الفترة المقبلة بتنقيب مكثف عن النفط والغاز الطبيعي في البحر الأسود (شمال)، والبحر الأبيض المتوسط (جنوب).

ويقف وراء أزمة الغاز، توترات سياسية أخرى، جراء مطالبات الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بتوحيد شطري الجزيرة القبرصية في إطار نظام فيدرالي، دون أي تدخل خارجي، في إشارة إلى تركيا.

وشدد «السيسي»، خلال زيارته لقبرص وقتها، للمشاركة في القمة الثلاثية بين «مصر وقبرص واليونان»، على دعم مصر استغلال قبرص حقوقها «الشرعية» في ثرواتها الطبيعية داخل «منطقتها الاقتصادية الخالصة»، وفقاً للقانون الدولي للبحار واتفاقات تعيين الحدود التي وقعتها قبرص مع دول الجوار ومن بينها مصر.

ومن المتوقع أن تتحول القضية إلى نقطة خلاف كبير بين القاهرة وأنقرة، خاصة أن الأولى تعمل ضمن تحالف ثلاثي يضم إلى جانب مصر كلا من قبرص واليونان، يحاول وقف تمدد النفوذ التركي في المنطقة.

ومنذ وصوله للحكم العام 2014، عبر انقلاب عسكري في 3 يوليو/تموز 2013، يسعى «السيسي»، إلى تدشين تحالف ثلاثي مع اليونان وقبرص؛ لمواجهة النفوذ التركي في المنطقة، وترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص واليونان، والتوافق فيما يرتبط بالتنقيب عن حقول الغاز في البحر المتوسط.

ويقول مراقبون إن التوتر التركي المصري هو أحد محركات ذلك التنسيق، خاصة في ظل مشاركة الدول الثلاث مصر مخاوفها من تمدد الدور التركي في المنطقة.

وتنظم اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الحدود البحرية بين الدول، وتنص على «النظام القانوني للبحر الإقليمي وللحيز الجوي فوق البحر الإقليمي ولقاعه وباطن أرضه، ومن ضمنها امتداد سيادة الدولة الساحلية خارج إقليمها البرى أو مياهها الداخلية أو مياهها الأرخبيلية إلى حزام بحري ملاصق يُعرف بالبحر الإقليمي، وتمتد هذه السيادة أيضاً إلى الحيز الجوي فوق البحر الإقليمي وكذلك إلى قاعه وباطن أرضه».

وتثير مفاوضات تجري حاليًا بين مصر واليونان لترسيم الحدود البحرية، ومفاوضات أخرى لتوريد الغاز القبرصي إلى مصر، حفيظة تركيا التي تعترض بشدة على بيع الغاز القبرصي قبل التوصل إلى حل سياسي للأزمة مع قبرص، وهو ما يدفع بالأزمة إلى دائرة التوتر السياسي مجددا بين البلدين، وربما اللجوء مستقبلا للتحكيم الدولي لحسم النزاع.

ومنذ إطاحة الجيش المصري، بالرئيس «محمد مرسي»، تمر العلاقات المصرية التركية بأزمة سياسية حادة؛ حيث ترى أنقرة أن ما حدث هو «انقلاب عسكري» على أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر، وتؤكد أن «مرسي» هو الرئيس الشرعي الذي تعترف به، كما تستضيف أنصاره، وتُبث من أراضيها قنوات معارضة للنظام المصري.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر تركيا قبرص الغاز البحر المتوسط العلاقات المصرية التركية الخارجية المصرية