تعزيزات عسكرية وطوارئ طبية.. سيناء المضطربة تترقب حدثا مهما

الخميس 8 فبراير 2018 08:02 ص

«تعزيزات عسكرية إلى منطقة سيناء.. استعدادات طبية غير مسبوقة.. فتح مفاجئ لمعبر رفح الحدودي لعودة العالقين في الجانب المصري إلى قطاع غزة».. إجراءات مصرية متزامنة يراها البعض مؤشرات على عملية عسكرية كبرى مرتقبة ضد المسلحين في سيناء المضطربة.

وتأتي تلك الإجراءات في الوقت الذي شارفت فيه مهلة الـ3 أشهر، التي حددها الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» للقضاء على المسلحين في سيناء (شمال شرق)، على الانتهاء بنهاية الشهر الجاري.

مهلة القوة الغاشمة

ففي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، كلف «السيسي» قوات الجيش والشرطة باستخدام ما أسماه «كل القوة الغاشمة» من أجل استعادة الأمن والاستقرار خلال 3 أشهر في سيناء، وتنتهي هذه المدة في 28 فبراير/شباط الجاري (بعد 20 يوما).

ووجه «السيسي»، آنذاك، كلامه لرئيس أركان الجيش المصري، الفريق «محمد فريد»، قائلا: «أنت مسؤول خلال 3 شهور عن استعادة الأمن والاستقرار في سيناء بالتعاون مع وزارة الداخلية».

وتنشط في محافظة شمال سيناء عدة تنظيمات أبرزها «أنصار بيت المقدس» الذي أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 مبايعة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وغير اسمه لاحقا إلى تنظيم «ولاية سيناء».

وعلى مدار السنوات الأخيرة، نفذ التنظيم المذكور هجمات وتفجيرات على قوات الجيش والشرطة في سيناء؛ ما أدى إلى مقتل المئات منهم، ولم تنجح عمليات وحملات عسكرية متواصلة في وقف هجماته. 
عملية عسكرية بسيناء

ومع قرب انتهاء المهلة، يرجح مراقبون قيام الجيش المصري بعملية عسكرية واسعة في سيناء للقضاء على المسلحين، في خطوة تستهدف تحقيق إنجازا ولو صوريا قبيل انتخابات الرئاسة المقررة في مارس/آذار المقبل.

وفي هذا الصدد، كشفت مصادر قبلية عن وصول تعزيزات أمنية وعسكرية ضخمة إلى محافظة شمال سيناء، وخصوصاً إلى مدينتي رفح والشيخ زويد، بينها مئات الآليات العسكرية والجرافات، فضلا عن دبابات ومدرعات وجرافات عسكرية، وكاسحات ألغام، ومعدات دعم لوجستي، حسب صحيفة «العربي الجديد».

كما لوحظ أن من ضمن القوات التي وصلت إلى المدينتين، فرقاً من القوات الخاصة التابعة للجيش والعمليات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية المصرية.

والشهر الماضي، نقلت صحيفة «الشرق اﻷوسط» اللندنية، عن مصدر أمني، إن إمدادات عسكرية إضافية وصلت إلى مدن العريش (مركز محافظة شمال سيناء)، والشيخ زويد، ورفح، فضلًا عن دعم أجهزة الأمن الرئيسية هناك «بصفوة الضباط المتخصصين في تتبع المعلومات، وتفكيك الخلايا الإرهابية».

وأضاف المصدر نفسه أنه «تمّ تزويد الكمائن الأمنية في شوارع مدينة العريش، بتحصينات مستوردة تمّ تصنيعها خصيصًا للتصدي لهجمات السيارات المفخخة وقذائف (آر بي جيه)، بينما كان التأمين السابق يعتمد على الكتل الإسمنتية وأكوام الرمال فقط».

حزام مطار العريش

فريق آخر من المراقبين تبنى تفسيرا آخرا لتلك التعزيزات الأمنية.

إذ رأى أنها ربما تأتي لتنفيذ قرار «السيسي»، في يناير/كانون الثاني الماضي، بإنشاء حرَم آمن لمطار العريش بمساحة 5 كم في الاتجاهات الأربع للمطار؛ إثر حادثة استهداف طائرة وزيري الدفاع والداخلية، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أثناء وجودها بمطار العريش، قبل دقائق من صعود الوزيرين للطائرة.

وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، خاطب «السيسي»، أهالي شمال سيناء، قائلاً بنبرة حادة: «يا تساعدونا، يا تساعدونا.. إحنا أخدنا قرار باستخدام عنف شديد خلال المرحلة دي.. وهانبقى غَاشمين قوي في استخدامنا للقوة».

ومثل استهداف طائرة الوزيرين الذي تبناه تنظيم «الدولة الإسلامية» ضربةً للحملة الأمنية التي تنفذها قوات الجيش والشرطة، منذ مجزرة مسجد الروضة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي راح ضحيتها 310 قتلى و128 جريحا.

ووفقا لحديث «السيسي»، فإن 25 كم من مساحة مدينة العريش، البالغة إجماليا 48 كم، ستكون ضمن أرض المطار وحرمه؛ ما سيفقد المدينة نصف مساحتها، ويتبع ذلك تشريد آلاف السكان، وجرف مئات الدونمات من الأراضي الزراعية التي تعتبر مصدر دخل لآلاف من سكان المدينة.

طوارئ طبية

في الوقت ذاته، كشف مصدر بوزارة الصحة المصرية أن مسؤولًا عسكريًا رفيع المستوى طلب، خلال اجتماع لقيادات من وزارتي الدفاع والصحة، توفير تغطية طبية عاجلة خلال يومين فقط، وذلك في 3 محافظات هي شمال سيناء وجنوب سيناء ومحافظة الإسماعيلية، حسب موقع «مدى مصر».

وأوضح المصدر أن التغطية الطبية المطلوبة ستكون الأولوية بها لأطباء التخدير والجراحة.

في حين قال أحد العاملين بـ«إسعاف العريش» إن درجة الاستنفار القصوى رُفعت داخل المرفق وعلى جميع نقاط الإسعاف، مع استدعاء جميع المسعفين والسائقين والأطقم الطبية ممَن كانوا في راحة الـ15 يومًا، التي بدأت أول فبراير/شباط الجاري، وجميع قوة المرفق مستعدة للتعامل مع حالات الطوارىء بقوته القصوى.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، انتشار صورة لخطاب موجه من إدارة الرعاية الحرجة بمديرية الشؤون الصحية بالإسماعيلية إلى مديري مستشفيات المحافظة وإقليم قناة السويس.

وحسب الخطاب، رُفعت حالة الاستعداد بالمستشفيات اعتبارًا من الثلاثاء، وحتى إشعار آخر.

ونبه الخطاب، أيضًا، على ضرورة التأكد من توافر جميع مستلزمات الطوارئ، وكميات كافية من أكياس الدم ومشتقاته، وزيادة أعداد أطباء الطوارئ إلى الضعف، وتوافر عدد كاف من الأسرة والأطباء والفنيين في الأقسام المرتبطة بالطوارئ، وإخلاء 30% من الأسرة في أقسام الجراحة العامة، والعظام، والرعاية المركزة، والحروق، وذلك لحين انتهاء الفترة المذكورة، وإلغاء الأجازات لجميع العاملين بالمستشفيات.

فيما أكد مصدر أمني أن جهاز الشرطة منع الإجازات، وسيعمل بقواته الرئيسية والاحتياطية في شمال سيناء.

ذعر بين المواطنين

وحسب وسائل إعلام، فإن حالة من الذعر تسيطر على القاطنين في سيناء عامة، وحدود مطار العريش خاصة، لخوفهم من ملاقاة مصير السكان في مدينة رفح الحدودية، وتكرار ما حدث من تجريف للأفدنة الزراعية، وهدم لمئات المنازل.

وتزامن ذلك، مع فتح السلطات المصرية، الأربعاء، معبر رفح البري مع قطاع غزة، بشكل مفاجئ، ودون إعلان مسبق كما جرت العادة.

وأعلنت السفارة الفلسطينية في القاهرة، عن تلقيها بلاغاً من السلطات المصرية، بفتح المعبر بشكل استثنائي حتى مساء الجمعة؛ مشيرة إلى أن الأمر يخص بالذات، العالقين في الجانب المصري الذين ينتظرون فتح المعبر منذ نحو شهرين لتمكينهم من العودة إلى غزة.

نصر وهمي

وأرجع باحث في شؤون سيناء التحركات الأخيرة إلى رغبة النظام المصري في الحصول على نصر وإن كان وهميا في سيناء؛ ليظهر أن «السيسي حقق إنجازا خلال فترة توليه الرئاسة منذ أربعة أعوام».

وأضاف، دون الإفصاح عن هويته، أن «السيسي قد يزور مدينة رفح بعد إنهاء المنطقة العازلة التي وصلت إلى مراحلها الأخيرة للخروج بمشهد المنتصر في المعركة مع الإرهاب، مع أنها تعتبر صورة مزورة لا تظهر الواقع والحقيقة التي يعرفها المتابعون لشؤون سيناء ويؤكدها الواقع الميداني».

وأشار إلى أن المهلة التي أعطاها «السيسي» لرئيس الأركان في أعقاب مجزرة الروضة نهاية نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، لم تكن اعتباطية، بل تمهيداً إلى هذه اللحظة التي ينهي فيها وجود رفح، ويضغط على المقاومة الفلسطينية في غزة من خلال إغلاق طرق التهريب، وبذلك يكسب رضا (إسرائيل) التي تشاركه المهمة، وتسمح له بإدخال التعزيزات العسكرية، كما أنها تمثل له إنجازاً في برنامجه الانتخابي لفترة رئاسية جيدة، إضافةً إلى أنه يعيد الثقة للمؤسسة العسكرية بأنها حققت إنجازاً ملموساً بغض النظر عن مدى الخسائر البشرية والمادية والاستراتيجية التي لحقت بتلك المنطقة.

وتتزامن تلك التحركات، مع تقارير نشرتها صحيفة «واشنطن بوست»، الأمريكية، تفيد بأن طائرات حربية ومروحيات إسرائيلية، لا تحمل علامات عليها، نفذت عشرات الهجمات السرية ضد جماعات مسلحة داخل سيناء المصرية.

وقبل أيام، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، قيام الطيران الإسرائيلي بأكثر من 100 علمية عسكرية داخل سيناء، بموافقة «السيسي».

وعلى الرغم من النفي المصري، إلا أن مصادر قبلية، ومحللين إسرائيليين وأمريكيين برروا هذه الخطوة بأنها «حماية لحدودهم»، لافتين إلى التدخل الإسرائيليّ في سيناء، ساعد الجيش المصريّ على استعادة تواجده في معركته التي دامت خمس سنوات تقريبًا ضدّ المسلحين، في الوقت الذي عززت فيه الغارات الإسرائيلية بسيناء أمن حدودها واستقرار جارتها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حرب سيناء عملية عسكرية تعزيزات أمنية ولاية سيناء القوة الغاشمة السيسي العريش