«هآرتس»: نظام «الأسد» يحول تهديداته لـ(إسرائيل) إلى أفعال

السبت 10 فبراير 2018 11:02 ص

يشير الحادث الذي وقع السبت على الحدود الإسرائيلية السورية إلى تصعيد خطير في الصراع الدائر بين (إسرائيل) من جهة وإيران ونظام «بشار الأسد» من جهة أخرى. 

وتحولت هذه التهديدات إلى إجراءات - حدث تبادل إطلاق نار على الحدود وفي عمق الأراضي السورية - ولا يبدو لهذه التوترات نهاية في الأفق.

ووفقا للجيش الإسرائيلي، فإن ما حدث هو أنه في الصباح الباكر، انطلقت طائرة جوية إيرانية بدون طيار من القاعدة الجوية السورية «تي 4» بالقرب من «تدمر» في جنوب سوريا. ودخلت الطائرة بدون طيار إلى الأراضي الإسرائيلية عبر وادي بيت شيعان الشمالي قبل أن تسقطها مروحية إسرائيلية. وردا على ذلك، هاجمت مقاتلات تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية المقطورة الإيرانية في سوريا التي أطلقت منها الطائرة بدون طيار.

وأثناء الضربة، فتحت أنظمة الدفاع الجوي السورية النار الثقيلة على الطائرات الإسرائيلية. وقد أُصيبت إحداها ربما بالنيران السورية، والتي تخلى عنها طياروها وهبطوا فوق الأراضي الإسرائيلية. وقد تم نقل الطيارين إلى المستشفى، حيث يوجد أحدهما في حالة خطيرة. وهذا هو أول حادث من نوعه في الأعوام الـ 30 الماضية.

وفي رد آخر، قصفت (إسرائيل) 12 هدفا في سوريا، 4 منها مواقع إيرانية، فضلا عن بطاريات الدفاع الجوي السورية. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا سينهي المناوشات.

والحقيقة الدراماتيكية وغير العادية هي أن الطيارين الذين قفزوا من الطائرة إف-16 من المحتمل أن يتحدثوا - على نطاق واسع - في وسائل الإعلام في الساعات القادمة، ولكن يجب ألا يتجاهل المرء الآثار الأكبر للأحداث.

وتقول التقارير إن (إسرائيل) قد هاجمت بالفعل مصنع أسلحة سوري-إيراني مشترك في سبتمبر/أيلول الماضي، تلاه هجوم على قاعدة لميليشيا إيرانية قرب دمشق في ديسمبر/كانون الأول الماضي. غير أن هذا الصباح هو المرة الأولى التي يتم فيها قصف هدف إيراني مأهول. وحتى الآن، فإنّ التقارير من سوريا قليلة، ولكن إذا قتل جنود أو «مستشارين» في الضربة الإسرائيلية، فستكون قصة مختلفة تماما.

فماذا تريد إيران من الحدود الإسرائيلية؟ ومنذ الصيف الماضي، حذرت القيادة الإسرائيلية من محاولة إيرانية للحصول على موطئ قدم في سوريا، مستفيدة من نجاح النظام السوري في الحرب الأهلية. وتشمل هذه المحاولة نشر حوالي 10 آلاف من مقاتلي الميليشيات الشيعية في العراق وباكستان وأفغانستان في جنوب سوريا، تحت رعاية إيران، وإنشاء مصنع للأسلحة في سوريا، واستكمال المحادثات الإيرانية مع نظام «الأسد» حول إنشاء قاعدة جوية وبحرية في سوريا.

ويشكل التوغل في الأراضي الإسرائيلية - الذي يبدو مخططا له - انتهاكا للسيادة واستفزازا شديدا. وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى - العميد «رونين مانيليس» - قد استخدم كلمات قاسية هذا الصباح، قائلا إن إيران تسحب المنطقة للخطر، وستدفع الثمن. ويبدو من خطابه أن هذه المناوشات لم تنته بعد.

وحذر نظام «الأسد» (إسرائيل) منذ وقت طويل من أنه سيرد على الضربات الإسرائيلية ضد القوافل ومستودعات الأسلحة المرتبطة بحزب الله في الأراضي السورية. وظهر تحذير شديد من هذا النوع الأسبوع الماضي، بعد تفجير - يعزى إلى (إسرائيل) - لمرفق لتطوير الأسلحة بالقرب من دمشق.

وجاء إطلاق صواريخ مضادة للطائرات على طائرات إسرائيلية ردا على التوغل الإسرائيلي في سوريا، ولكنه أيضا تعبير عن شعور النظام الجديد بالقوة. وفي مارس/آذار الماضي، في نفس المنطقة - تدمر - تم إطلاق صواريخ مضادة للطائرات على طائرات إسرائيلية. واعترض نظام «أرو» الدفاعي أحد الصواريخ التي دخلت الأراضي الإسرائيلية. ووقع هذا الحادث بعد فترة وجيزة من سيطرة النظام على حلب.

ومنذ ذلك الحين، استعاد «الأسد» السيطرة العملية على أكثر من 80% من الأراضي السورية. وفي الأسابيع الأخيرة، شن النظام حملة وحشية ضد معاقل المسلحين، بما في ذلك في جيب قريب من دمشق. وتتجلى الثقة السورية بالنفس أيضا في استعدادها لتبادل الضربات مع (إسرائيل).

ويأتي تفجير المقطورة الإيرانية - التي أطلق منها الطائرات بدون طيار - بعد أيام من زيارة علنية لهضبة الجولان من قبل وزراء مجلس الوزراء الإسرائيليين مسلحين وبملابس موحدة. لكن شعارات الصراع قد ذهبت أدراج الرياح لعدة أشهر.

ونقل رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس جيش الدفاع الإسرائيلى تحذيرات إلى سوريا وإيران ولبنان. وقدر مسؤول إسرائيلي كبير في ديسمبر/كانون الأول أن ظهور الميليشيات الشيعية في جنوب سوريا يضع إيران و(إسرائيل) على مسار تصادمي.

ويجذب هذا التوتر - أكثر من أي وقت مضى - القوى الكبرى. وبالنسبة لروسيا التي لا تزال لديها أسراب مقاتلة وبطاريات متطورة مضادة للطائرات في شمال سوريا فإن نظام الأسد وحتى الإيرانيين إلى حد ما، جزء من معسكر موسكو الذي له اليد العليا في الحرب الأهلية السورية.

وكانت إدارة «ترامب» تشير إلى موقف أكثر حزما تجاه الإيرانيين بالمقارنة مع إدارة أوباما، التي كانت تخشى التدخل في البلاد وكانت قلقة من إحباط ما تعتبره أعظم إنجاز لها، ألا وهو الاتفاق النووي الإيراني الموقع في فيينا صيف عام 2015. فهل أعطى الرئيس «ترامب» الضوء الأخضر لـ «نتنياهو» للاشتباك مع إيران في الشمال؟

نحن اليوم في خضم القتال على مرتفعات الجولان، ولكن الجانبين يقفان على منحدر زلق جدا.

المصدر | هآرتس

  كلمات مفتاحية

هضبة الجولان (إسرائيل) سوريا إيران