في الذكرى السابعة للتنحي.. «مبارك» ورجاله يعودون والثوار بالسجون

الأحد 11 فبراير 2018 12:02 م

«كنت عارف إني هرجع تاني.. أنا مقاتل وتحملت كتير».. هذه كانت كلمات الرئيس المصري المخلوع «محمد حسني مبارك» الأولى، في مارس/آذار 2016، عقب خروجه من محبسه وعودته إلى منزله بمصر الجديدة، شرق القاهرة.

ذكريات اليوم الأخير له داخل الفيلا قبل سنوات حين قرر التنحي عن الحكم وترك إدارة شؤون البلاد للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي يوافق اليوم (11 فبراير/شباط 2011)، كانت أولى ما شعر بها «مبارك» عقب خروجه.

عاد «مبارك» من جديد لممارسة حياته الطبيعية، بل وعاد نجلاه «علاء» و«جمال» أيضا، إلى الساحة العامة، فيظهرون بين تارة وأخرى في مناسبات عامة، وكأن الثورة التي قامت في 25 يناير/كانون الثاني 2011، وأطاحت بهم من حكم مصر، لم تفلح سوى بإبعادهم عن كرسي الحكم فقط.

عاد أيضا اسم «مبارك» إلى قائمة الكشوف الانتخابية التي تسمح له بالترشح لانتخابات الرئاسة، وعاد اسمه إلى محطة المترو الشهيرة، التي تحول اسمها إلى «الشهداء» في أعقاب الثورة، وحملت اسم «مبارك» مجددا عقب الانقلاب العسكري.

كما أنه لم يدر بمخيلة أحد، أن يتحول رجال «مبارك»، بعد 7 سنوات من إسقاط نظامه، إلى طوق نجاة للمصريين عامة، والمعارضة خاصة للخروج من نفق الانقلاب العسكري، ومستنقع الدماء الذى كان أحد أبرز ملامح حكم الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي»، الذي لا يمكن فصله عن كونه أحد رجال «مبارك». (طالع المزيد)

يأتي ذلك بالرغم من كل المطالبات بالقصاص، والتي اتخذ منها الثوار وأهالي شهداء الثورة، في الأعوام التي أعقبتها، شعارات تصدرت قائمة المطالبات، لتتحول إلى هتافات عمت أصداؤها الميادين المصرية فقط، إلا أنه وبعد 7 أعوام على التنحي، نلحظ أن معظم رجال المخلوع يتمتعون بالحرية، في الوقت الذي تعج به السجون المصرية بمعتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين، والثوار من الإخوان المسلمين أو قوى الثورة الأخرى.

البراءة للجميع

مهرجان «البراءة للجميع»، كان شعار محاكمات رجال ورموز حكم «مبارك» بلا استثناء، بعدما شهدت محاكاتهم عدم جدية، تلاعبا في الأدلة وشهادة الشهود، وخاصة في قضايا قتل المتظاهرين إبان أحداث الثورة.

كما انتهت أغلب قضايا الفساد والمسب غير المشروع بالتسويات، على الرغم من مطالبات القوى السياسية والثورية بعد أشهر قليلة من الثورة بضرورة إقامة محاكمات ثورية للإنجاز في المحاكمات.

رموز النظام

آخر من خرج من السجن، كان وزير الداخلية إبان حكم «مبارك»، اللواء «حبيب العادلي»، وذلك بعدما أنهى كل القضايا الموجهة ضده، وحصل على البراءة.

رئيس الوزراء إبان حكم «مبارك» وأحد رموز نظامه «أحمد نظيف»، خرج أيضا من محبسه، بعد تبرأته من تهم الكسب غير المشروع، والفساد المالي.

كما خرج باقي الوزراء الذين اتهموا في قضايا مختلفة، كـ«سامح فهمي» الذي اتهم بتصدير الغاز لـ(إسرائيل)، كما خرج الوزراء «زهير جرانة» و«فاروق حسني» و«أحمد المغربي» و«أنس الفقي»، وغيرهم.

لم يقتصر الأمر على وزراء «مبارك» فحسب، بل امتد الي باقي أركان نظامه، فقد حصل رئيس مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) خلال العهد السابق «فتحي سرور»، ورئيس مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) حينها «صفوت الشريف»، على حكم نهائي بالبراءة في موقعة الجمل، كما حصلا على البراءة في الاتهامات التي وجهت لهما بالكسب غير المشروع.

وخرج رئيس ديوان رئيس الجمهورية إبان حكم «مبارك»، «زكريا عزمي» بعد تبرئته من اتهامات بالكسب غير المشروع.

رجال موقعة الجمل

رجال «مبارك» الذين تولوا الدفاع عنه إبان أحداث الثورة، وخاصة في «موقعة الجمل»، التي وقعت يومي 2 و3 فبراير/شباط 2011، وسفرت عن سقوط العشرات من القتلى والجرحي، يتمتعون بحريتهم دون أي عوائق.

فبعض الأسماء التي تردد أنها متورطة في موقعة الجمل لأنها داعمة لـ«مبارك» باتت، الآن، قريبة من النظام الحالي برئاسة «السيسي».

«السيسي» نفسه الذي كان رئيسا للاستخبارات الحربية حينها وعضوا بالمجلس العسكري، وباقي أعضاء المجلس برئاسة المشير «حسين طنطاوي»، متورطون في الإخلاء المفاجئ للميدان، والسماح للبلطجية بدخوله، وجميعهم طلقاء الآن.

كما أن أحد أبرز المتهمين في الموقعة «أحمد الفضالي»، فهو رئيس حزب سياسي، وكان قريبا من الترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة، لتجميل صورة النظام الحالي خارجيا للخروج من ورطة الاستفتاء على «السيسي»، بعد عرقلة ترشح عدد من الشخصيات، منهم «أحمد شفيق»، و«سامي عنان»، و«خالد علي»، و«أحمد قنصوة».

كما أن «مرتضى منصور» أصبح عضوا في مجلس النواب (البرلمان)، وكان يتطلع لأن يلعب دور «الكومبارس» في الانتخابات الرئاسية (بحسب مراقبين)، إلا أنه انسحب بعد الدفع بـ«موسى مصطفى موسى»، قبل دقائق من إغلاق باب الترشيح.

كما أن «أحمد شفيق»، عاد إلى مصر، ويمارس حياته بشكل طبيعي، بعد تراجعه عن الترشح في انتخابات الرئاسة عقب ضغوط من النظام الحالي، وإغلاق كل القضايا التي كان متهما فيها، وعدم فتح قضايا جديدة له.

الأمين العام للحزب الوطني «أحمد عز»، هو أيضا يمارس نشاطه الاقتصادي بشكل طبيعي بعد خروجه من السجن، إذ قضى بضعة أعوام على ذمة قضايا فساد، وحاول ممارسة نشاط سياسي عبر بعض المقربين منه والدفع بهم في انتخابات مجلس النواب الماضية، إلا أن النظام الحالي حجم دوره وتطلعاته.

عودة للحكم

لم يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل استعان نظام ما بعد الانقلاب العسكري في مصر، برئاسة «عبدالفتاح السيسي»، للاستعانة ببعض رجال «مبارك» في بعض الملفات، نظرا لعدم تمكنه من تشكيل نخبة قادرة على دعمه ومساندته.

وفي الحكومة الحالية، نجد عودة «علي مصيلحي»، آخر وزير للتموين في عهد «مبارك»، إلى منصبه.

بدوره، فإن أستاذ القانون الدولي، الوزير السابق في عهد «مبارك»، «مفيد شهاب»، بدا أكثر قربا من النظام الحالي، إذ تمت الاستعانة به بشكل أساسي، في دراسة السيسي التنازل عن جزيرتي «تيران وصنافير» للسعودية، وظهر «شهاب» بجوار «السيسي» في أحد الاجتماعات مبررا التنازل عن الجزيرتين.

كما أن بعض رجال «مبارك»، باتوا أكثر ظهورا في مناسبات عامة خلال العامين الماضيين، أمثال أستاذ العلوم السياسية «علي الدين هلال»، وإن كان غير متورط في قضايا لنظام «مبارك»، إلا أنه خلال الفترة الماضية تردد اسمه في أكثر من مناسبة وندوات باعتباره أستاذا للعلوم السياسية، من دون الالتفات إلى دوره في تخريب الحياة السياسية والحزبية في مصر، قبل الثورة.

الثوار في السجن

في مقابل ذلك، نجد أن الثوار الذين قادوا مظاهرات الإطاحة بـ«مبارك»، بين مطارد ومعتقل، وممنوع من الحديث أو السفر.

كان آخر من تم التنكيل به، هو عضو ائتلاف شباب الثورة نائب رئيس حزب «مصر القوية» المعارض «محمد القصاص»، الذي اعتقل الخميس الماضي، وأمرت النيابة حبسه 15 يوما، على ذمة قضية سياسية.

كما يقبع شباب التيار الإسلامي في السجون المصرية، حيث يوجد عشرات الآلاف من السياسيين المعارضين داخل السجون، أغلبهم من شباب التيار الإسلامي الرافضين للانقلاب على أول رئيس مدني منتخب بعد الثورة «محمد مرسي»، بخلاف آلاف المشردين خارج مصر بعد ملاحقتهم من قبل الأجهزة الأمنية.

فضلا عن ذلك، أحالت النيابة المصرية، مؤخرا بلاغ يتهم فيها رموز المعارضة المدنية من بينهم ثوارا كانوا في ميدان التحرير إبان الثورة، للتحقيق في اتهمهم بقلب نظام الحكم.

  كلمات مفتاحية

ثورة يناير مبارك رجال مبارك الانقلاب السيسي موقعة الجمل

مصر.. التصالح مع «أحمد عز» مقابل 1.7 مليارات جنيه

«مبارك» يكشف كواليس التوريث والتنحي في مذكراته الشخصية

معارضون مصريون في ذكرى تنحي مبارك: شعبنا قادر على صنع التغيير دائما