قبول «البدون» بالجيش الكويتي.. تهدئة وانفراجة

الأربعاء 14 فبراير 2018 08:02 ص

«تهدئة وانفراجة».. هكذا يمكن وصف قرار مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي، الموافقة على مشروع بقانون في مداولته الأولى، بشأن قبول «البدون» في وظائف بالجيش.

وأظهرت نتيجة التصويت، موافقة 44 عضوا فيما عارضه 5 آخرين، وامتنع عضو واحد عن التصويت، من إجمالي الأعضاء الحاضرين الـ50، حسب وكالة الأنباء الكويتية «كونا»، وهو ما لاقى ترحيبا نيابيا.

ويفتح قرار المجلس، لأبناء فئة المقيمين بصورة غير قانونية «البدون»، أبواب الالتحاق بالجيش، لاسيما أن هناك نحو 30 ألف شاب منهم تقدموا بطلباتهم.

وهذا هو الإجراء الثاني الذي يتخذه مجلس الأمة، بعد أشهر من إقرار لجنة تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع بالمجلس، في أكتوبر/تشرين الاول الماضي، تعديلا بشأن قانون الجيش الكويتي، يتيح قبول فئة المقيمين بصورة غير قانونية «البدون» بالسلك العسكري كمتطوعين أفراد.

والتعديل يشترط قبول تلك الفئة وفقا «للشروط الموضوعة التي يصدر بها مرسوم خلال ثلاثة أشهر، ويجوز عند الحاجة قبول تطوع غير الكويتيين في وظائف الجيش كخبراء أو ضباط صف».

وحسب التعديلات، فـ«يجوز قبول غير الكويتيين ضباطا اختصاصيين أو خبراء في الجيش مؤقتا، عن طريق الإعارة أو التعاقد».

ويعامل، حسب نص القانون، المتطوعون من مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية العاملون بالجيش معاملة الكويتيين.

تهدئة وانفراجة

تأتي هذه الخطوة، نوع من التهدئة والانفراجة، حسب مراقبين، بالتزامن مع دعوات أطلقها «البدون» إلى التظاهر منتصف فبراير/شباط الجاري، في الذكرى السابعة لأول مسيرة احتجاجية نفذها «البدون» في الكويت.

ومؤخرا، أعلن ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن تنظيم اعتصام لـ«البدون»، أمام مستشفى الجهراء بمنطقة تيماء، الجمعة المقبل.

جاءت هذه الدعوات، بعد تضييق الخناق على «البدون»، عن طريق «الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية»، وهو جهاز تابع لرئاسة مجلس الوزراء، عندما شدد القيود عليهم منذ منتصف العام الماضي، لكن بشكل قاس هذه المرة، حسب ما يقول مراقبون؛ إذ قام الجهاز باتهامهم جميعا بإخفاء أوراقهم الثبوتية الأصلية، وبأنهم «مزورون»، ومنعهم من العلاج والتعليم.

وحسب الناشط من «البدون»، «عبدالحكيم الفضلي»، فإن «الحكومة طوال 60 عاما من وجود مشكلة البدون، تتعامل معهم وفق مبدأ التهدئة وتقديم بعض المميزات والتنازلات البسيطة في حال وجود حراك شعبي».

وأضاف: «لكن الرأي الحكومي هذه المرة منقسم بشدة، فهناك فريق يطالب بالتهدئة والسماح للبدون ببعض المميزات، وهناك فريق آخر بزعامة الجهاز المركزي للبدون، يطالب بالتشديد وتصفية القضية بشكل نهائي في غضون سنتين».

ولفت إلى هذا الانقسام، ما دفع عجلة التظاهرات التي توقفت قبل 4 سنوات، عقب سجن جميع المشاركين فيها، إلى العودة بقوة مرة أخرى.

استفادة كويتية

وجاء قبول «البدون»، في الجيش، بالرغم من التضييق الحاصل عليهم في بقية إدارات ومؤسسات الدولة، رغبة من السلطات في «زيادة أعداد القوات الكويتية المشاركة بقوات درع الجزيرة، وتحديث قوتها القتالية»، حسب مصادر تحدثت سابقا لصحيفة «العربي الجديد».

وأضافت المصادر: «جاء القرار توافقا مع السياسة الإقليمية الخليجية في المنطقة، خاصة بعدما سجل الإقبال على الجيش الكويتي من قبل المواطنين أعلى درجات الانخفاض في السنوات العشر الأخيرة».

ولفتت إلى أن «عدد المستقيلين أخيرا كان كبيرا جدا»، متابعة: «ولهذا اضطرت القيادة العسكرية معها إلى الإذعان والموافقة على قبول البدون».

يشار إلى أن أكثر من 30 ألف متطوع من «البدون» سجلوا في الكشوفات، رغم أن العدد المطلوب لا يتجاوز 2000 جندي.

من هم «البدون»؟

و«البدون»، تعبير يطلق على فئة سكانية تعيش في الكويت ولا تحمل جنسية البلد، ويبلغ عددهم ما بين 96 و120 ألف شخص.

لكن السلطات تؤكد أن 34 ألفا فقط هم الذين يمكن أن يحصلوا على الجنسية، وأن الباقين هم من جنسيات أخرى.

وبدأت أزمة «البدون» في الكويت بالظهور عقب استقلال البلاد عام 1961، إذ لم يتمكن «البدون» الذين كانوا يسكنون الصحراء من الحصول على الجنسية الكويتية، لكنهم خدموا في الجيش والشرطة وساهموا في تأسيس أجهزة الدولة من دون حصولهم على ورقة الجنسية.

وبعد الغزو العراقي للبلاد عام 1991، قررت الحكومة الكويتية منعهم من العمل في الجيش والشرطة واتهمتهم بإخفاء أوراق ثبوتية تعود للدول المجاورة (العراق والسعودية)، طمعا بالحصول على الجنسية الكويتية، رغم أنهم سُجلوا في أول إحصاء سكاني أجرته الدولة عام 1965، كمواطنين كويتيين.

ويطالب «البدون» بشكل متواصل، بمنحهم الجنسية الكويتية، فيما تقول حكومة البلاد إن غالبية هذه الفئة يحملون جنسيات عراقية أو سعودية أو سورية، لكنهم أخفوها للحصول على الجنسية الكويتية.

وأنشأت الحكومة «الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية»، وهو جهاز تابع لرئاسة مجلس الوزراء، يتولى التعامل مع البدون كحكومة مصغرة لـ150 ألف نسمة بما في ذلك ملف توظيف وزواج وطلاق واستخراج الأوراق الثبوتية لهم، فيما منعت الجهات الحكومية والشركات الخاصة من توظيف «البدون» أو التعامل معهم، إلا بإذن من سلطات الجهاز المركزي؛ ما أدى إلى تظاهرهم للمرة الأولى عام 2011، متأثرين بموجات الربيع العربي قبل أن تخفف الحكومة بعض القيود المفروضة عليهم.

وعادت الأزمة من جديد عقب قيام رئيس الجهاز المركزي، «صالح الفضالة»، منتصف العام الماضي، بتشديد القيود عليهم مرة أخرى، لكن بشكل قاس هذه المرة، حسب ما يقول مراقبون.

ورغم أن البرلمان أيد أكثر من مرة مشاريع حكومية لمنحهم الجنسية لكن تنفيذ هذا الإجراء يواجه بطئا شديدا حتى الآن.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البدون الكويت الجيش الكويتي مجلس الأمة