«لوب لوج»: لماذا تخاف (إسرائيل) من تواصل قطر مع اليهود الأمريكيين؟

الخميس 15 فبراير 2018 01:02 ص

كانت السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة قد أعلنت في 31 يناير/كانون الثاني الماضي، أن (إسرائيل) لم توافق على اجتماع عدد من القيادات اليهودية الأمريكية مع كبار المسؤولين القطريين، ومن بينهم أمير قطر. وقال المتحدث باسم السفارة «إيتاي بار دوف»: «إننا نعارض جهود التوعية هذه في المجتمع اليهودي والموالي لـ (إسرائيل)».

لقد كان ذلك البيان غير عاديا، فما الذي يجعل (إسرائيل) قلقة إلى هذا الحد؟

وقال «جوناثان شانزر» - نائب رئيس قسم البحوث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: «ليس من الخطأ أن يقوم المحللون والمثقفون بالسفر إلى قطر للتعرف على الوضع هناك. إنما تكمن المشكلة في أنّه خلال تلك الزيارات، لا يسمعون الطرف الآخر من القصة. وهم يحصلون بذلك على سرد الحكومة القطرية ثم يعودون به إلى ديارهم»، على حد قوله.

وكانت كلمات «شانزر» أكثر من مذهلة. فهل هناك حقا بعض القلق من أن هؤلاء الناس - الذين دافعوا باستمرار عن (إسرائيل) في كل منعطف - سوف يتبنون فجأة الرسالة القطرية؟ من الصعب تصور أن هذا هو ما تعنيه الحكومة الإسرائيلية حقا.

ومن الأرجح أن (إسرائيل) ليست معنية بهذه الاجتماعات المحددة، بل بالجدل الأوسع نطاقا في قطر، والمحادثة التي تهدد بإشعالها في الولايات المتحدة. ومنذ اندلاع الأزمة في الخليج العام الماضي، بذلت قطر جهودا متضافرة لتغيير صورتها في الولايات المتحدة. وضخت ملايين الدولارات إلى شركات الضغط في واشنطن. ويُنظر إلى مركز جديد للتفكير - وهو منتدى الخليج الدولي - على أنه ودود تجاه الدوحة، ويعتبره البعض منافسا للمراكز السعودية.

موطئ قدم قطري في واشنطن

وقطر على عكس بعض الدول الأخرى التي ترغب في تحسين صورتها في الولايات المتحدة، هي حليفة للولايات المتحدة تخدم المصالح الأمريكية الرئيسية في الشرق الأوسط. وتعد قاعدة العُديد الجوية في قطر نقطة محورية لعمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية في الخليج. وتعتبر قطر منتجا رئيسيا للنفط والغاز الطبيعي. ومع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الذي وصل - في عام 2017 - إلى نحو 124 ألف دولار، فإنها تحتل بعض التصنيفات كأغنى بلد في العالم.

وتعتبر هذه العوامل جزءا كبيرا من أسباب مسارعة المسؤولين في إدارة «ترامب» - العام الماضي - في التودد لقطر بعد أن عبر الرئيس - عبر تويتر - عن انحيازه للسعوديين ضد الدوحة. وفي 6 يونيو/حزيران عام 2017، غرّد «ترامب»: «خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط، ذكرت أنه لا يمكن أن يكون هناك تمويل للأيديولوجية الراديكالية. وأشار وزير الخارجية الأميركي تيلرسون إلى أنه يجب على دول مجلس التعاون الخليجي أن تتحد في عزمها على مكافحة العنف والإرهاب».

وكانت العلاقة مع قطر جزءا كبيرا مما يكافح المسؤولون في الإدارة لإفهام «ترامب» إياه، ولكن كان الصدع يتسع باستمرار في الخليج. ولا تزال هذه المسألة قائمة اليوم.

وتمنح هذه العوامل القطريين موطئ قدم في واشنطن، وتقربهم نسبيا - أيضا - من هدفهم على النقيض من الفلسطينيين الذين كافحوا لعقود من الزمن لتحسين صورتهم في الولايات المتحدة مع نتائج ضئيلة، حتى عندما كانت استطلاعات الرأي تظهر تراجع الدعم لـ(إسرائيل). لكن القطريين لا يحاولون التنافس مع (إسرائيل)، ولكن مع السعودية. ولا يحظى السعوديون - على الرغم من أهميتهم الاستراتيجية على الأقل في واشنطن و(إسرائيل) - بالدعم من قبل عموم الأمريكيين.

مناقشة لا تحدث

وفي الوقت الذي تضغط فيه قطر في حملتها في الولايات المتحدة، قد تصبح الاتهامات الموجهة إليها موضع نقاش. ومع ذلك، لم يوجه اهتمام كبير للأسباب الجذرية للاحتكاك السعودي القطري - الذي يشمل أيضا مصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة - بالنسبة للطرف السعودي. ومن شأن مثل هذا الحوار أن يثير بعض التساؤلات الخطيرة حول السياسة الأمريكية في الخليج، بل يمكن اعتباره مزعجا بما فيه الكفاية لخلق دفعة جادة للتغيير في تلك السياسة.

وقدمت السعودية ومصر والبحرين والإمارات قائمة تضم 13 مطلبا إلى قطر. ولكن تلك المطالب قد يمكن اختصارها وصولا إلى بضع نقاط رئيسية، هي إيقاف قناة الجزيرة، والتوقف عن دعم الجماعات التي تعاديها دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الدول العربية المتحالفة مع السعودية، والحفاظ على مسافة من إيران.

ولن يكون هناك معنى يذكر لالتزام قطر بأي من تلك المطالب. فهم بحاجة إلى العمل مع إيران لإدارة احتياطي ضخم مشترك للغاز الطبيعي، حقل «بارس». كما ترى قطر نفسها جسرا بين إيران والعالم العربي، على الرغم من أنها لا تدعم طموحات إيران الإقليمية.

وتعد قناة الجزيرة مصدرا رئيسيا لقوة قطر لنفس السبب الذي يكرهه السعوديون. ومع صعودها ليس فقط كشبكة إخبارية إقليمية ولكن عالمية يجعلها ذلك قوية جدا. واتهمت الجهات الموالية للسعودية والحكومة الإسرائيلية ومؤيديها الجزيرة بالتحيز. وفيما يتعلق بالقضايا ذات الأهمية الخاصة للدوحة، وخاصة الشؤون الداخلية وبعض المناطق الإقليمية، فإن الجزيرة لديها تحيز واضح لصالح قطر وأجندتها. ولكن في معظم تقاريرها، لا تظهر عموما أي تحيز أكثر من غيرها من وسائل الإعلام الرئيسية. وكما قال «شاس فريمان» - السفير السابق لدى المملكة - إنّ «هذا يتيح لقطر قوة أكبر من وزنها».

وتدعم قطر بوضوح جماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين، ودعمت القوات المناهضة للحكومات خلال الربيع العربي. كما كانت مصدرا رئيسيا لدعم حماس كحكام لغزة، على الرغم من أن دعمها لأنشطة حماس الأخرى أقل وضوحا.

ولكن من غير الواضح دقة حجم الاتهامات الموجهة لقطر بأنها قد دعمت - بشكل غير مباشر - القاعدة وطالبان، وحتى تنظيم الدولة الإسلامية. ولكن حتى أولئك الذين يدعون إلى نهج عسكري قريب في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، والذين يتهمون قطر - علنا - بدعم الإرهاب، يتفقون على أن هذا الاتهام نفسه يفقد الكثير من الوزن عندما يقارن بالسعودية، حليف الولايات المتحدة.

وهذا هو مجال النقاش الصعب في الولايات المتحدة. فلقد تم تسييس فكرة الإرهاب برمتها منذ أعوام عديدة، حتى قبل أحداث 11 سبتمبر/أيلول. وخلال أعوام إدارة «جورج بوش»، بدت المشاعر المعادية للسعودية - في بعض الأحيان - وكأنها قد تقوض في نهاية المطاف التحالف الأمريكي السعودي. وقد انتهى ذلك قبل وقت طويل من تحقيق أي تهديد حقيقي لهذه العلاقة. ولكن بالنظر إلى أن الرأي العام الأمريكي لا يرى السعودية تقدم الكثير لمصالح أمريكا، يفضل صناع السياسة عدم إثارة التوتر.

وهذا هو السبب في أن النقاش حول قطر غير مرحب به - وخاصة الآن - في الولايات المتحدة، ولا سيما في المجتمع اليهودي المتشدد والمؤيد لـ (إسرائيل). ويستطيع «دونالد ترامب» أن يحتضن أصدقاءه السعوديين كما يريد، ولكن حبه للأسرة المالكة السعودية لا تشاركه فيه قاعدة دعمه في الولايات المتحدة. ومع الجهود الجارية - الآن - على قدم وساق لتحقيق أقصى قدر من التقارب بين (إسرائيل) والسعودية للعمل معا، من الوارد طرح النقاش حول قطر والسعودية في المجتمع اليهودي المؤيد لحزب الليكود قد يهدد هذا التقارب.

وستستمر هذه الاستراتيجية في التقارب، بغض النظر عن الاضطراب الداخلي الحالي الذي تشهده (إسرائيل). وهذه الاستراتيجية لا يخدمها التواصل القطري مع اليهود اليمينيين، ولا يخدمها فتح نقاش حول من هو أسوأ، السعودية أم قطر. ومن غير المرجح أن تكون النتيجة في صالح في الولايات المتحدة أو (إسرائيل) أو المملكة العربية السعودية.

المصدر | ميتشيل بلينتيك - لوب لوج

  كلمات مفتاحية

قطر (إسرائيل) السعودية جماعات الضغط الأمريكية ترامب العلاقات القطرية الأمريكية