«ستراتفور»: معركة إلكترونية خليجية تلوح في الأفق

الخميس 15 فبراير 2018 03:02 ص

تشي المناقشات بين «خدمات أمازون ويب» والمملكة العربية السعودية لإقامة وجود مباشر في البلاد بجهود تجارية أوسع للسيطرة على سوق التجارة الإلكترونية في مجلس التعاون الخليجي.

وفي حين يهدف قسم الحوسبة السحابية في «أمازون»، في البداية، إلى فتح مراكز بيانات جديدة في المملكة، فإن الاتفاق من المرجح أن يعجل بتوسيع مستودعات «أمازون» وسوق الطرف الثالث.

وتكشف هذه التطورات التجارية عن وجود قطاع ديناميكي وتنافسي للتجارة الإلكترونية يصوغ العلاقات التجارية بين الدول في منطقة الخليج.

وستساعد الدخول الكبيرة في المتناول، والتغلغل القوي للاتصالات في دول مجلس التعاون الخليجي، على زيادة سوق التجارة الإلكترونية، التي تقدر بنحو 20 مليار دولار بحلول عام 2020، وفقا لمؤسسة «إيه تي كيرني» الاستشارية.

وتوقعت تقديرات «باي فورت» أن أسواق التجارة الإلكترونية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية سوف تنمو إلى 27 مليار دولار و22 مليار دولار على التوالي.

ويوجد في السوق مجال للتوسع؛ حيث تساهم التجارة الإلكترونية بأقل من 0.5% في الاقتصاد في دولة الإمارات مقارنة بـ3% في الأسواق الناضجة.

وترغب الحكومات الإقليمية، والشركات متعددة الجنسيات، ونخبة الجهات الفاعلة التجارية، في قطعة من الكعكة الاقتصادية، ويعكس هذا الطلب اتجاها أوسع نطاقا للاستثمارات الجديدة مع شركاء التكنولوجيا والبنية التحتية في جميع دول مجلس التعاون الخليجي.

وستظل الإمارات والسعودية هما الدولتان الرئيسيتان اللتان تشكلان استثمارات جديدة في قطاع التجارة الإلكترونية، في حين تتحمل دول مجلس التعاون الخليجي المتبقية أدوارا مساندة في محيط السوق.

وعلاوة على ذلك، فإن فتح اقتصادات مجلس التعاون الخليجي على شركات التجارة الإلكترونية وتطوير البنية التحتية الرقمية اللازمة يعد باضطرابات في قطاع التجزئة، ما يزيد من احتمالية انعكاسات سياسية سلبية على الحكومات الإقليمية.

المنافسون

وتمثل إمارة دبي مركزا طبيعيا لشركات التجارة الإلكترونية، وتتميز ببيئتها التسويقية المدعومة من قبل المسؤولين الحكوميين، كمدينة رائدة في مجال الابتكار، وتمتلك بنية تحتية متقدمة في المنطقة الحرة، وخبرة في مجال الخدمات اللوجستية، وسمعة عالمية كمركز تجاري.

وقد أنفقت الإمارة، مؤخرا، أكثر من 735 مليون دولار على «دبي كومرسيتي»، وهي منطقة حرة تركز على التجارة الإلكترونية، تقع بالقرب من مطار دبي الدولي.

وتعتبر المنطقة الحرة الجديدة مشروعا مشتركا بين إدارة المنطقة الحرة بمطار دبي ومجموعة «وصل» لإدارة الأصول، وهي شركة إدارة عقارية أنشأتها مؤسسة دبي العقارية، ويشغل «مكتوم بن محمد آل مكتوم» نائب حاكم دبي ابن الحاكم الحالي رئيس «وصل».

وكانت كل من شركة «سوق دوت كوم» و«نون» التي تعد من أكثر الشركات الواعدة في مجال التجارة الإلكترونية في المنطقة، قد بدأتا من دبي.

واشترت «أمازون» «سوق» مقابل 579 مليون دولار عام 2017، الأمر الذي سمح لـ«أمازون» بالوصول إلى المستهلكين الناطقين بالعربية، مع الدفع بالعملات المحلية.

ويخطط الملياردير «محمد العبار» من دبي، رئيس إحدى أكبر شركات التطوير العقاري في العالم، وهي «إعمار» العقارية، لمنافسة «سوق أمازون» بشركته للتجارة الإلكترونية، «نون»، وقد استثمر صندوق الاستثمارات العامة في السعودية مليار دولار في «نون»، ما أضاف طبقة جديدة من التعقيد على مفاوضات «أمازون» الجارية للعمل مباشرة داخل السعودية، وليس من خلال مزودي الطرف الثالث.

وتعتبر الجغرافيا والسیموغرافیا في السعودیة مزایا جوھریة لجذب شرکات التجارة الإلكترونیة، وهي الدولة العضو الوحيدة التي تمتلك روابط برية - إما أرضا أو جسرا - مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

ومن حيث التركيبة السكانية، تضم المملكة ما يقرب من 60% من سكان مجلس التعاون الخليجي، ونحو 80% من مواطني المجلس.

ومع ذلك، فإن ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» حريص على أن تصبح السعودية مركزا للتكنولوجيا الواقعية، بدلا من أن تكون مجرد سوق استهلاكية.

وخلال عام 2016، اهتم ولي العهد بمغازلة الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة، ووافق على تقديم 45 مليار دولار أمريكي لتمويل برنامج «سوفت بنك» اليابانية على مدى الأعوام الـ5 المقبلة.

ومن المخطط بناء مدينة «نيوم» التي أعلن عنها ولي العهد أواخر عام 2017 بقيمة 500 مليار دولار على ساحل البحر الأحمر، لتكون بذلك مساحة مستقبلية يسيطر عليها الروبوتات الخاصة بشركات التجارة الإلكترونية.

وتعتزم «سوفت بنك» استثمار 15 مليار دولار في «نيوم»، و10 مليارات دولار إضافية في مشاريع سعودية أخرى، مع توقع إعادة تدوير الاستثمارات السعودية في الاقتصاد المحلي.

وعلاوة على ذلك، تهدف رؤية البلاد لعام 2030 إلى «زيادة مساهمة التجارة الحديثة والتجارة الإلكترونية إلى 80% من قطاع التجزئة بحلول عام 2020».

وتؤدي قواعد المستهلكين الصغيرة، والبنية التحتية المتخلفة، والعلاقات السياسية المتوترة، إلى إبعاد دول مجلس التعاون الخليجي المتبقية إلى مكانة ثانية في ديناميات سوق التجارة الإلكترونية في المنطقة.

ومن المرجح أن تعمل هذه البلدان كجزء من شبكة أوسع من مراكز الدعم والتوزيع الرقمية المرتبطة بمجموعات التجارة الإلكترونية في الإمارات والسعودية.

وتعتزم «خدمات أمازون ويب» إنشاء 3 مراكز بيانات في البحرين بحلول عام 2019، ومع ذلك، سوف تتضاءل أهمية البحرين التاريخية كنقطة دخول ليبرالية اجتماعية إلى السعودية مع عمل المزيد من شركات التجارة الإلكترونية مباشرة داخل السوق السعودية.

وتشغّل عمان «واحة المعرفة» بمسقط، وهي منطقة خالية من التكنولوجيا، ولكنها مركز رئيسي للتجارة في المنطقة.

وسوف يسهم سوق الكويت المحلية، متوسطة ​​الحجم، في دفع الطلب على التجارة الإلكترونية، لكن البلاد تفتقر إلى المكانة كمركز تكنولوجي ناشئ في منطقة الخليج.

وأخيرا، فإن الحصار الاقتصادي الذي تعاني منه دولة قطر الصغيرة يعقد الجهود التي تبذلها شركات التجارة الإلكترونية لتحسين سلاسل التوريد في جميع أنحاء المنطقة.

عودة سياسية

وقد يؤدي فتح السوق المحلية لشركات التجارة الإلكترونية إلى زيادة التوترات السياسية المحيطة بقضايا العمالة، وعلى سبيل المثال، تسعى السعودية من خلال «رؤية 2030» إلى إضافة مليون فرصة عمل في مجال التجزئة للمواطنين، وأصدرت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أمرا، في أبريل/نيسان 2017، يطلب توظيف الموظفين في مراكز التسوق فقط من الرجال والنساء السعوديين.

ومع ذلك، فإن تكاثر شركات التجارة الإلكترونية الرئيسية في المملكة قد يعقد المبادرات الحكومية لتوليد المزيد من الأدوار للسعوديين في قطاع التجزئة.

وقد تؤدي الاختلالات الكبرى في الصناعات كثيفة العمالة، خاصة تلك التي يحتفظ بها للمواطنين السعوديين من خلال التدخل الحكومي في سوق العمل، إلى عواقب سياسية سلبية داخل المملكة.

لذلك، يجب على شركات التجارة الإلكترونية التي تأمل في الحصول على دعم الحكومة للعمليات داخل المملكة، أن تؤكد قيمتها الداخلية عبر المساهمة الكلية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.

ولا تزال المخاوف المتعلقة بالعمالة أقل إثارة للجدل في الإمارات، حيث إن 10% فقط من سكان البلاد هم من المواطنين الإماراتيين، ولا يمثل قطاع التجزئة مجالا رئيسيا للعمل لمواطنيها.

مستقبل إلكتروني جديد

وتمثل شركات التجارة الإلكترونية، مثل «أمازون» و«نون»، فرصا استثمارية جذابة لدول مجلس التعاون الخليجي، خاصة تلك التي تسعى إلى تقديم أدلة ملموسة على التقدم الاقتصادي عبر التنويع.

ومع ذلك، قد يتطلب جذب شركات التجارة الإلكترونية إلى أسواق دول المجلس امتيازات تجارية وبدء تغييرات هيكلية أطول أجلا في أسواق العمل الخليجية، وهو ما يتعارض مع سياسات الحكومة لحماية امتيازات الشركات القائمة والمواطنين.

ومن ثم، ينبغي على حكومات دول المجلس أن تقيس بعناية تكاليف وفوائد تعزيز قطاع التجارة الإلكترونية، وأن تقيّم بشكل واقعي قدرتها على التحكم في التقدم المطرد للقطاع في المنطقة.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

التجارة الإلكترونية سوق دوت كوم نون أمازون ويب الإمارات السعودية