«سابيكا» الباكستانية تنكأ الجرح: تعرضت للتحرش بجوار الكعبة

الجمعة 16 فبراير 2018 04:02 ص

«أنا أيضا في المسجد» وسم بالعربية، وآخر «MosqueMeToo» بالإنجليزية، انتشر خلال الآونة الأخيرة، على مواقع التواصل الاجتماعي، تحدثت فيه النساء حول العالم، عن حالات التحرش الجنسي الذي تعرضن له، في أقدس الأماكن لدى المسلمين في العالم «الكعبة المشرفة» وأثناء مراسم الحج.

بدأ سيل تغريدات ومنشورات النساء اللواتي عانين من التحرش الجنسي في الحرم المكي، بالتدفق على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن نشرت الباكستانية «سابيكا خان»، على «فيسبوك» حادثة تعرضها لتحرش جنسي بجانب الكعبة خلال موسم الحج.

وقالت «سابيكا»، قبل أسبوع، إنها «تعرضت للعديد من اللمسات غير الملائمة أثناء طوافها حول الكعبة»، مضيفة: «لقد ظننت أن أول لمسة كانت عبارة عن حادث بريء من غير قصد فتجاهلت هذا الأمر تماما، ولكنني شعرت بلمسة ثانية مجددا وبعدها حاول أحدهم إمساك مؤخرتي وقرصها».

حاولت «سابيكا»، أن توقف الرجل، ولكنها لم تتمكن من الحركة بسبب الحشود الغفيرة التي كانت تطوف معها حول الكعبة، مؤكدة أن هذه التجربة سببت لها انهيارا نفسيا وشعورا بالاكتئاب.

صدمة

حديث «خان»، أعاد إلى الأذهان ما ذكرته الصحفية والناشطة المصرية الحاصلة على الجنسية الأمريكية «منى الطحاوي»، في 2013، على التليفزيون الرسمي المصري، من تعرضها لتحرش جنسي في 1982، حين كان عمرها 15 عاما، أثناء آدائها مناسك الحج.

وفي مقال نشرته «منى»، في صحيفة «واشنطن بوست»، سردت تفاصيل ما جرى لها بالقول: «كانت هذه التجربة بعد وقت قصير من انتقال أسرتي للعيش في السعودية، ولأول مرة كنت أرتدي رداء الحج الأبيض المخصص للنساء، وجاء أول تحرش من رجل أثناء أداء الطواف، وبالرغم من الزحام تستطيع المرأة أن تفرق بين من يصطدم بها دون قصد ومن يضع يده على مؤخرتها، رافضا أن يرفعها بالرغم من كل محاولتها الفرار».

وأضافت: «جاءت الحادثة الثانية أثناء مراسم تقبيل الحجر الأسود الموجود في أحد أركان الكعبة المشرفة، حيث كنت أنتظر مع أمي وباقي السيدات بينما قام رجال الشرطة السعودية المسؤولين عن فصل طوابير الرجال عن النساء بتنبيه الرجال أن يفسحوا لنا، وبينما كنت أنحني لأقبل الحجر قام أحد رجال الشرطة بمداعبة صدري».

وتابعت: «لم يكن باستطاعتي أن أواجهه، حتى وإن كانت لدي الشجاعة في هذه السن الصغيرة، ومرت سنوات كثيرة حتى تعلمت أن أمسك بأي يد تمتد للتحرش بي، وأن أركل وأضرب وأبصق على صاحبها، ولكن في سن الخامسة عشر كل ما كان بيدي كان أن أنفجر بالبكاء، وحدوث هذا أثناء أدائي للركن الخامس من أركان الإسلام في أقدس أراضيه زادني صدمة وعار حتى وإن كنت لم أقم بأي شيء ينبغي أن أخجل منه».

ولفتت إلى أن «هذه التجربة قامت بكسر شيء ما بداخلي لم أعترف به لسنوات طويلة».

وأشارت «منى»، إلى أن «أول مرة شاركت أنه تم التحرش بي جنسيا أثناء الحج مع مجموعة نساء من حول العالم في القاهرة، فأخذتني سيدة مصرية مسلمة إلي جانب، وحذرتني أنه على أن أمتنع عن مشاركة ما حدث في وجود غير مسلمين لأنه (سيسيء لسمعتنا كمسلمين)، فقلت له أن من يسيء لسمعتنا كمسلمين هم الرجال الذين تحرشوا بي وليس أنا».

وتابعت: «بينما كان المسلمين من حول العالم، يستعدون العام الماضي، للذهاب إلي مكة للقيام بمناسك الحج، نشرت مجموعة من التغريدات عن التحرش الجنسي، أثناء الحج لتحذير النساء المسلمات، فحتى تقوم السلطات السعودية التي تؤمن المكان باتخاذ خطوات جدية لحماية الحاجات علىنا حماية بعضنا البعض، وعلى الرجال أن يتوقفوا عن التحرش بنا لكن على النساء حول العالم، بغض  النظر عن دينهن، أن يعرفن أنه حتى يتوقف الرجال عن التحرش علىنا حماية بعضنا البعض».

وأطلقت «منى» وسمي «أنا أيضا في المسجد» بالعربية، و«MosqueMeToo» بالإنجليزية، على غرار وسمي «أنا أيضا» و«MeToo» اللذين انتشرا خلال الفترة الأخيرة، لتحكي فيهما النساء حول العالم، ما حدث له من تحرش. (طالع المزيد)

قصة الفتاة الباكستانية ومن ثم الوسوم، أثارا جدلا كبيرا، سواء من نساء شاركن قصصهن مع حوادث تحرش جنسي تعرضن لها أثناء الحج، أو من أصوات رفضت تصديق القصة بل والتشكيك في مصداقيتها والادعاء أن هناك «أجندات خفية» من ورائها، وهذا يحدث غالبا عندما يتعلق الأمر بأي بوح لامرأة عن قضية تحرش تعرضت له، بما في ذلك لوم الضحية.

لكن ما يجعل الأمر أكثر حساسية في هذا السياق، هو أهمية مكة المكرمة كمان مقدس للمسلمين والمسلمات في العالم كله، كما أن هنالك من هاجم النساء اللواتي تحدثن بحجة أن الشهادات هذه هي جزء من الهجمة التي يتعرض لها العالم الإسلامي، وهذا مفهوم في سياق الواقع السياسي.

تساؤلات

وفي هذا السياق تساءلت الكاتبة الفلسطينية «رشا حلوة»: «ألا يمكن أن نحمي مقدساتنا، ونحمي نسائنا في الوقت ذاته؟، أو على الأقل، أن لا نحاول كم أفواههن عندما يردن أن يتكلمن عن معاناتهن؟، وأن بوحهن هو رغبة منهن بأن تصبح الأماكن التي ينتمين إليها ويحبنها أماكن آمنة؟».

وأضافت: «الأمر غير متعلق بالمكان، التحرش ليس له لا مكان ولا زمان ولا جنسية، هو بالضرورة متعلق ببعض الناس على اختلافهم، التحرش والاعتداء الجنسي ليس مسببه الأمكنة، إنما بعض البشر، حتى لو تواجدوا في أماكن مقدسة».

وتابعت: «ليس بالضرورة أن تكون أفعالهم أخلاقية، وبالتأكيد، فالحديث عما يحدث في البيوت والشوارع والأماكن المقدسة، ليس رغبة بخدش مشاعر أي كان، ولا المس بقدسية الأماكن، ولكننا نتحدث لأننا نحبها وننتمي لها، ونريد أن نكون فيها بأمان، بلا أن يجرحنا أحد».

قبل أن يعلق الكاتب الصحفي السعودي «جمال خاشقجي» على مقال «منى» قائلا: «سيغضب البعض ويقول إن هذا تشويه للحج، ولكن السكوت عليه هو التشويه».

وأضاف: «أنا شخصيا اعرف من تعرضت لتجربة سيئة كهذه مثلما تروي بشجاعة منى الطحاوي بمقالها».

يشار إلى أن الكثير من النساء يقابلن التحرش بالصمت؛ خشية إلقاء اللوم عليها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تحرش تحرش جنسي مكة المكرمة منى الطحاوي أنا أيضا أنا أيضا في المسجد