«خاشقجي»: «آل سعود» ضمان وحدة البلاد.. و«بن سلمان» يعيد صياغة الأسرة

السبت 17 فبراير 2018 05:02 ص

 ولي العهد السعودي يحكم بـ«التفويض الإلهي» ولا أحد يستطيع وقف صعوده

«بن سلمان» لا يسمع لأحد وأخشى عليه «حكم الفرد»

أنا من مدرسة الإصلاح وليس التغيير في السعودية

«بن سلمان» يريد إعادة صياغة الأسرة الحاكمة وتقليص عددها

أكد الكاتب السعودي المعروف «جمال خاشقجي»، أنه ليس من مناصري مدرسة التغيير في السعودية، وإنما من أنصار مدرسة إصلاح النظام، معتبرا أن بقاء الأسرة الملكية هو «ضمان وحدة هذه البلاد»، وأن ولي العهد «محمد بن سلمان» يكرس لسياسة «حكم الفرد» ولا أحد يستطيع وقف صعوده.

جاء ذلك خلال ندوة بمدينة إسطنبول التركية استضافتها مؤسسة «رواق إسطنبول»، مساء الجمعة، قال فيها «خاشقجي» الذي يصف نفسه بـ«الكاتب المستقل»: «أنا لست من مدرسة التغيير في السعودية، ليس حبا في الأسرة الحاكمة، لكن إدراكا لواقع السعودية.

وبرر موقفه بالقول: «ليست هناك مقومات للثورة في المملكة؛ فلا يوجد وعي سياسي ولا حركة سياسية، معتبرا أن بقاء الأسرة الملكية هو «ضمان وحدة هذه البلاد».

وأضاف: «نحن الوحدة العربية الوحيدة الناجحة؛ ولولا الله ثم الملك عبدالعزيز آل سعود (مؤسس السعودية) لكانت هناك 4 ممالك في شبة الجزيرة العربية الآن؛ فليست هناك هوية سعودية مثل مصر مثلا».

وتابع: «أنا من مدرسة الإصلاح السياسي، هذا يستفز البعض، لكن أنا مصر عليه».

حكم الفرد

وفي سياق متصل، أبدى «خاشقجي» خشيته على ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» من توجهه لتعزيز ما سماه بـ«حكم الفرد»، لافتا إلى أن الأخير لا يسمع لأحد، ولا أحد يستطيع وقف صعوده.

واعتبر أن «بن سلمان» يحكم بموجب ما سماه بـ«التفويض الإلهي»، قائلا: «ما أخشاه هو حكم الفرد؛ فهو لا يأتي بخير أبدا كما أثبت التاريخ، قد يكون الفرد وطنيا مؤتمنا مؤمنا لكنه يظل فردا.

وخلال كلمته، أشار الكاتب السعودي إلى الرئيس المصري الراحل «جمال عبدالناصر» (1956-1970)؛ مضيفا: «هو مثلا جاء بأفكار عظيمة، لكن مشكلته كانت حكم الفرد، وهو أن يتوهم أنه فقط من يعرف، ويتشكك في الآخرين».

وتابع: «نفس الشيء ينطبق على الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وعلى (الزعيم الإيطالي الفاشي بينيتو موسوليني والزعيم الألماني النازي أدولف هتلر».

وقال: «هذا ما أخشاه على بن سلمان، خطواته وإجراءاته عظيمة، لكنه لا يريد أن يسمع لأحد، معتبرا أن نتائج هذه السياسة حتى الآن ليست جيدة».

إخفاق في «إخضاع قطر»

وأشار «خاشقجي» -في هذا الصدد- إلى هدفين للسياسة السعودية على الصعيد الخارجي تم الإخفاق فيهما.

وقال: «إن الهدف الأول كان إخضاع قطر، وبغض النظر عن أخلاقيات الأمر؛ فقد مرت 9 أشهر، ولم ينجح بن سلمان في إنجاز هذا الهدف».

وأضاف أن الهدف الثاني كان فض هيمنة «حزب الله» على القرار اللبناني، وفي سبيل تحقيق ذلك تم استدعاء رئيس الوزراء اللبناني «سعد الحريري» إلى المملكة، والضغط عليه ما سبب أزمة، كما تم الاتصال بالأمريكان والإسرائيليين.

لكن «خاشقجي» رأى أن السياسة السعودية أخفقت أيضا في إنجاز هذا الهدف؛ «فاليوم بعد الأزمة الخطاب السعودي الغاضب اختفى، وسعد الحريري بات أكثر استقلالا، وحزب الله ما زال يقتل السوريين، ولا يحاسبه أحد».

وقال: «هدفان لم تتحقق النتائج المرجوة منهما، إذا راجع الخطة، لكنه (بن سلمان) لا يسمع لأحد».

وتحدث «خاشقجي» عن لقاء أجراه الإعلامي السعودي «داوود الشريان» مع «بن سلمان»، في مايو/أيار 2017، قائلا إن الأول سأله بشأن انتقادات من قبل البعض لقرار فرض رسوم على المعتمرين بعد المرة الأولى، والخشية من أن يؤدي ذلك إلى تقليص أعداد المعتمرين فيضر بالاقتصاد السعودي، فكان رد ولي العهد السعودي أن الذي يقول ذلك لدية نوايا مغرضة.

وعلق الكاتب السعودي: «هذا النمط من الإجابة يشي لطريقة تفكيره؛ فمن يقول ذلك أشك فيه واعتبر لديه نوايا سيئة».

وقال: «بن سلمان يفعل الشيء الصحيح، لكن بالطريق الخطأ، وأتمنى له النجاح».

التفويض الإلهي

وردا على سؤال بشأن ما إذا كان يستطيع أحد معارضة صعود «بن سلمان» في مؤسسة الحكم أو منعه، أجاب «خاشقجي»: «لا».

وأوضح قائلا: «ملك السعودية هو آخر حاكم على وجه الأرض يحكم بمبدأ التفويض الإلهي، وهذه القوة هي التي يحكم بها بن سلمان».

وفسر سبب إزاحة «بن سلمان» لولي العهد السابق «محمد بن نايف»، قائلا: «قد يكون بن سلمان أقوى من بن نايف، لكن إذا مات الملك وبات بن نايف ملكا سينتفخ وسيصبح أقوى منه».

وأضاف: «بالتالي عندما يصبح بن سلمان ملكا ويتمتع بالتفويض الإلهي لن يستطيع أحد أن يواجهه، مؤكدا أنه لا توجد قوة منافسة للأمير الآن».

وبحسب «خاشقجي»، فإن «بن سلمان» يعمل حاليا على إحداث تغييرات كبيرة على شكل الأسرة الحاكمة ومؤسسة الحكم؛ فهو ينقل نظام الحكم من النظام الأفقي إلى النظام الرأسي ليبدو بمظهر «أنا الزعيم»، ويعمل على تصغير الأسرة الحاكمة، مؤكدا أن «بن سلمان» انتهى بالفعل من إحداث تغيير كبير جدا في شكل مؤسسة الحكم.

وأوضح أن التغير الأول يتمثل في نقل نظام الحكم من النظام الأفقي إلى الرأسي؛ فمنذ وفاة الملك المؤسس «عبدالعزيز آل سعود» في عام 1953 وحتى عام 2015 كانت المملكة تشهد شراكة في حكم أفقي؛ فهناك ملك قوي، لكن له أخوة متساوين، مضيفا: »على سبيل المثال في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز (يونيو/حزيران 1982-أغسطس/آب 2005) كان معه في مؤسسة الحكم أخوته الأمير سلطان وزيرا للدفاع، والأمير عبدالله رئيسا للحرس الوطني، والأمير نايف وزيرا للداخلية، ولكل أمير من هؤلاء صلاحياته الواسعة».

واعتبر «خاشقجي» أن هذه الصلاحيات الواسعة لأكثر من جهة في مؤسسة الحكم كان لها عيوبها؛ حيث كانت تحدث نوعا من التشابك أحيانا، كما أدت إلى هدر في المال؛ قائلا: «فوزارة الدفاع مثلا كان لها مستشفياتها، وكذلك وزارة الداخلية والحرس الوطني، ومن كانت له شكوى كان أمامه ديوان الملك وديوان وزير الداخلية وديوان رئيس الحرس الوطني».

وحول سبب تلك الصيغة من الحكم، أضاف الكاتب السعودي: «الملك عبدالعزيز عندنا رتب مؤسسة الحكم؛ جعل الملك في الأبناء الأكبر فالأكبر، وعندما انتهى الملك في عام 2015 عند آخر الأبناء الكبار الملك سلمان بن عبدالعزيز، انتهز محمد بن سلمان الفرصة، وصعد لما هو عليه الآن».

وقال إن الحكم اليوم مركزي عمودي؛ فلا يوجد مركز قوة إلا «بن سلمان»؛ فالأخير «تعمد المركزية، وتعمد أن يراه الناس لوحده.

وأضاف: «بن سلمان يتعمد ألا يتساوى مع أحد سوى الملك، ويتعمد أن يبدو بمظهر (أنا الزعيم)، هو عنده جيش إلكتروني ومروجين له»، مشيرا إلى أن «بن سلمان» يريد أن يستدعي صورة المؤسس الثاني.

الحفيد والجد

وفي ذات السياق، تطرق «خاشقجي» إلى صورة تم تركيبها والترويج لها مؤخرا، وتظهر «بن سلمان» وهو يشرح للملك المؤسس «عبدالعزيز» على الخريطة، والجد معجب به.

وقال إن رسالة «بن سلمان» من الترويج لتلك الصورة واضحة؛ حيث يريد أن يقول إنه مثل الملك «عبدالعزيز» وامتداد له، مضيفا: «وفي حقيقة الأمر فإن عبدالعزيز عندما وصل إلى الرياض (في 1902) كان أصغر من بن سلمان؛ إذ كان عمر الأول 26 عاما فقط، بينما الثاني في الـ32 من عمره الآن».

وقال: «قصه أن عبدالعزيز عرض على والده (عبدالرحمن بن سعود) الملك غير صحيحة؛ فهو قال له: جاء دوري».

تقليص الأسرة الحاكمة

وبخصوص التغير الثاني في مؤسسة الحكم، قال الكاتب السعودي إن «هناك شائعة تتردد بقوة أن بن سلمان يريد إعادة صياغة الأسرة المالكة».

وأوضح أنه في الوقت الراهن يطلق لقب «صاحب السمو الملكي» على أبناء الملك «عبدالعزيز» وعلى بناته، وأحفاده من أبنائه الذكور، بينما يطلق لقب «صاحب السمو» على أبناء وأحفاد أخوة الملك «عبدالعزيز».

وأشار إلى عدد الأمراء الذين يحملون اللقبين المذكورين يتراوح -حسب التقديرات- بين 10 آلاف و20 ألفا، وهناك مخصصات مالية شهرية لهم، قائلا: «لكن بن سلمان يريد الآن أن يقلص الأسرة الحاكمة بقصر الملك على الملك وولي العهد وعدد صغير معهم.

وأوضح «خاشقجي» أنه كمواطن سعودي يؤيد مسالة إعادة صياغة الأسرة الحاكمة بشدة، مضيفا: «أعتقد أن ذلك سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد، وأعتقد أنه كشعب سيرانا (النظام) ولا نبقى دائما رعايا».

وتابع: «أعتقد أن تصغير الأسرة الحاكمة شيء مفيد وستكون له انعكاسات سياسية واقتصادية إيجابية»، لافتا في هذا الصدد إلى أن عدد الشركات التي يملكها الأمراء هائل جدا؛ وهؤلاء لهم فرص تفضيلية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية قطر سلمان بن سلمان خاشقجي سعد الحريري آل سعود حزب الله حكم الفرد