«بنات الرياض».. رواية سعودية تحدت الموروث الاجتماعي المتداخل والعولمة (2ـ3)

الثلاثاء 20 فبراير 2018 04:02 ص

تناولنا رواية «بنات الرياض» للطبيبة السعودية «رجاء عبدالله الصانع» بعرض الملابسات التي أحاطت بالرواية في الجزء الأول من هذا التقرير، وأوضحنا أن المؤلفة أرسلت بالرواية على هيئة إيميلات مجهولة المصدر في عام 2004 للسعوديين هيئات وأشخاص، وفي عام 2006 أصدرت المؤلفة «الصانع» الرواية بين دفتيّ كتاب.

وأوضحنا سابقًا أن الموروث الاجتماعي والثقافي السعودي يطغى أحيانًا على صحيح الدين وتطبيقه وهو ما عانت البطلة منه، وكانت على حق في معاناتها حينها، وبالغت فيه حينًا آخر.

ولعل من شديد المبالغات الذي سقطت الروائية في فخه تسمية الرواية بـ«بنات الرياض» على الإطلاق، رغم اعترافها خلال الرواية بأن من مواطنات بلدها مَنْ هي صالحة ومن هي طالحة، وهناك الاثنتان في واحد (صـ2 من نسخة الرواية بالإنترنت)، وكان من الممكن البحث عن عنوان آخر يحقق الجاذبية والانتشار ويكون أكثر دقة من قبيل «بنات من الرياض» أو ما يشابهه، خاصة أن إشكالية عنوان الرواية تبعتها إشكاليات خاصة بتأليف عدد من محاولي البحث عن الشهرة لروايات تبدأ باسم بنات من مثل «بنات طهران» وهلم جرًا.

تناولت الرواية سيرة أربع صديقات جمعت بينهن العاصمة السعودية، أولهن وأكثرهن نجاحًا «لميس الجداوي»، فيما تراوحت النماذج الثلاثة الأخرى بين الفشل الاجتماعي ومحاولة اللحاق بركب الحياة على أي حال، أما عن معيار النجاح لدى الروائية فهو الوقوع في محبة شريك الحياة، رغم وصفها لحالات التقارب العاطفي بين الزوجين في المملكة بالقول: «ببلادها يُعامل الحب كنكتة خارجة يمكن التندر عليها لفترة قبل أن يتم منع تداولها من قبل جهات عليا»، صـ93.

أما الشرط الثاني للنجاح برأي المؤلفة فهو القدرة على كسب المال بخاصة مع الفشل العاطفي وضياع الحياة الأسرية، وكانت «لميس الجداوي» المثال الناجح النادر للأمرين، تزوجت في نهاية المطاف من الذي اختارته ونصبت شباكها حوله، وصارت تعمل مثله في الجامعة.

«قمرة القصمنجي»

النموذج المغاير تمامًا لـ«لميس»، فشلت في الارتباط على طريقة الصالونات المعروفة، فالكاتبة تتبرأ من الزواج الذي يتم ترشيح العروس خلاله للأسرة عن طريق الأفراح أو الخاطبة، مثلما ستتبرأ لاحقًا من الارتباط الذي يتم عن طريق المحبة والتداخل العاطفي الشديد قبل الزواج، إنها تنتصر للزواج الوسطي، الذي لا يتم ضمن إطار الأسرة، وفي نفس الوقت لا تتعمق معرفة الفتى بالفتاة قبل الزواج فيؤثر ويطغى الفشل وعدم القدرة على الاستمرار في بقية مسيرة وحياة الفتاة.

«قمرة» أول المتزوجات من الفتيات الأربع، وخلال حفل الزفاف تسخر الكاتبة من أغلب عادات المجتمع الخاصة بهذه المناسبة، من غيرة البنات من المتزوجة، ونفاق الجميع وتفننهم في إبداء السرور لها ولأهلها، مع فستان الزفاف المكشوف، ودخول الرجال المفاجئ لقاعة السيدات، وحرص الفتيات وفي مقدمتهن العروس على إبداء الدهشة، والمبادرة إلى مدارة الجزء العاري من أجسادهن.

فور الزفاف بدأت طقوس المعاندة المتوارثة، فالعروس مصممة ألا يصل زوجها إليها في الليالي الأولى فلم «تُسلم أختها نفلة نفسها لزوجها إلا في الليلة الرابعة، ومثلها فعلت أختها حصة، وها هي ذا أختها قمرة تحطم الرقم القياسي ببلوغها الليلة السابعة» صـ6.

وبعد تحقق أمر الزفاف المطلوب فعليًا تفاجئ «قمرة» بما لا تعرفه من زوجها، ولا توضح الروائية هل الأمر يحل أم لا؟.. لكن «قمرة» تصفع عريسها «راشد»، فلا تفلح معه محاولات الاعتذار.

سافرت «قمرة» التي لا تعرف شيئًا من الإنجليزية مع زوجها إلى شيكاغو ليُحضر الدكتوراة في التجارة الإلكترونية، فيصيبها دوار حضاري من تأثير شقتها الواقعة في الطابق الأربعين من «أبراج الرئيس»، وعدم قدرتها على التواصل الاجتماعي، وتخلي زوجها عنها بالكلية، فيطلب منها خلع الحجاب، ولا يرضيه منها شيء بعدما خابت وصفات أمها في الانحناء لعواصفه بعدما كانت تصر على العكس.

يظهر «راشد» في الرواية على أنه الرجل السعودي: «الرجل الأسد بقيادة مراوغة»، صـ33.

وبعد قليل تكتشف «قمرة» خيانة «راشد» لها مع امرأة يابانية تدعى «كاري»، فلا تتمالك نفسها من سبها بما تعرف ولا تعرف من الإنجليزية بعد ذهابها إليها في الفندق، وعلى الفور يطلب «راشد» من «قمرة» الاعتذار لـ«كاري»، فتخبره بأنها حامل فينهال عليها ضربًا، ثم يعيدها إلى الوطن.. مرسلًا إليها ورقة الطلاق عما قريب، متخليًا عن ابنه الذي أسمته الأم باسم جده لأبيه «صالح».

وبعد ثلاث سنوات يتقدم «أبومساعد»، عقيد الجيش المُتقاعد الذي لا ينجب رغم لقبه، وكان شرط الأخير تخلي الأم عن «صالح» الطفل، لكن ما يؤلم «قمرة» كأشد ما يكون الإيلام أنه «لم يفكر أحدهم في استشارة صاحبة الشأن الجالسة أمامهم كلوح من الثلج»، صـ108.

ترفض «قمرة» «أبومساعد» بعد صلاة الاستخارة، وتعمل مع صديقتها «سديم» في شركة خاصة بتدبير وتنسيق الحفلات بخاصة الأعراس، مع حرص «قمرة» على تحبيب «صالح» الصغير في أمور دينه.

«مشاعل العبدالله»

ومن النجاح الشديد مع «لميس الجداوي» إلى الفشل الأشد مع «قمرة القصمنجي»، تنتقل الرواية، الواقعة في 164 صفحة و50 قسمًا أو جزءًا، إلى شخصية «ميشيل» أو «مشاعل العبدالله»، ذات الجمال النجدي لأبيها، والشخصية الأمريكية لأمها، تدرس في كلية الحاسب الآلي، وهي أمهر رفيقاتها في الرقص وسهولة التعرف على الشباب عبر قبول الترقيم (قبولهن أوراق أو بطاقات عليها أرقام الهواتف المحمولة من الشباب ومن ثم طلبهم أو الاستجابة إلى محادثتهم عبر الهاتف).

ترى «مشاعل» في «فيصل» شابًا مختلفًا: «كان فيصل شابًا متحضرًا، يعرف كيف يمكنه التعامل مع المرأة، ولا يستغل الفرص كما يفعل الباقون، كانت لديه صديقات، مثلما لمشاعل عدد من الأصدقاء»، صـ54.

ورغم العواطف الملتهبة بينهما وتسلمها منه سلة مليئة بالورد الأحمر في عيد الحب لكن والدته ترفض ارتباطه بـ«مشاعل» بسبب أمها الأمريكية.

بعد الصدمة تذهب لسان فرانسسكو لتدرس هناك، حيث يقيم خالها فتقع في غرام ابنه المخالف لها في الديانة «ثار أبوها بشكل لم تتوقعه لما عرف بإعجابها بـ(ماثيو)»، صـ104.

المصدر | الــــــخــليج الجــــديد

  كلمات مفتاحية

الرياض الصانع صديقات تعميم بنات الرياض توسط عاطفة عمل زواج صالونات طلاق تخلي