«رجل عصابة أمريكي».. فيلم عن الأفيون وحرب فيتنام والديمقراطية

الأربعاء 21 فبراير 2018 08:02 ص

فيلم اليوم «American Gangster أو رجل عصابة أمريكي» فكرته الأساسية في محاولة التوازن بين المساحة التي يأخذها رجل العصابات من ناحية والشرطي من ناحية أخرى على الشاشة الكبيرة، وبالتالي في التأثير على المشاهد وجذب انتباهه بخاصة في السينما الأمريكية.

تم إنتاج الفيلم في 2007 عن قصة لـ«ستيفن زاليان» و«مارك غاكوبسن»، ونال تقييمًا وصل إلى 7.8 وفق تصويت أكثر من 283 ألف مستخدم على موقع «IMDB» الخاص بتقييم الأفلام، كما أعطاه موقع آخر أقل شهرة المركز الـ184 في أفضل 250 فيلمًا في مسيرة السينما.

الخروج من مأزق والدخول بمآزق أخرى

ويعد الفيلم محاولة للتوازن بين جذب انتباه المشاهد ونيل تعاطفه وعدم اقتصار ذلك على المجرم، كما في أفلام كبار مخرجي العالم.

إذا يحاول خلق حالة من بسط تركيبة إنسانية موازية لضابط الشرطة، وتفصيل تلك التركيبة بعرض متناقضات نفسه ونزعة الخير، والجوانب الاجتماعية المظلمة في حياته في المقابل.

باختصار الفيلم يعد محاولة لإعادة خلق ضابط الشرطة وفضائله إلى جانب المجرم المغلوب على أمره.. لكن شابت المحاولة جوانب تقصير على الشاشة.

مخرج فيلم اليوم «ريدلي سكوت»، اختار ببساطة أن يكون الشرطي الشريف النزيه «ريتش روبرتس» أو (راسل كرو) يهوديًا وسط فساد 75% من شرطة نيويورك في نهاية الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي، وسطوة المجرم الذي تابعناه طوال الفيلم.

والأمر يتعدى الديانة إلى ما هو أبعد من جنوح للصهيونية يمثله ارتداء البطل لـ«نجمة داود» السداسية المدعاة طوال وقت الفيلم، في مقابل المجرم الزنجي «فرانس لوكاس» أو (دينزل واشنطن).

لا نميل هنا إلى نظرية المؤامرة وحيثياتها من سيطرة الصهيونية على هوليود، فالديانة اليهودية المسالمة ديانة سماوية لدينا، إلا أن الإشكالية الكبرى مع الصهيونية ومفرداتها السافرة الواحدة لما تندس بين ثنايا وتفاصيل فيلم سينمائي على أنها أمر عابر أو معتاد، مع رمزيتها الشديدة بالنسبة لبطل يمثل الجانب المشرق من الشرطة مع الكفاءة التي تدخله في مقدمة الصفوف، أي إننا أمام واقعة واضحة من الانحياز سندقق في أهم عناصرها.

لصوص وخونة

يعرض الفيلم لمنظومة الحياة الأمريكية في مدينة نيويورك في أواخر الستينيات فيما الحرب الفيتنامية على أشدها، وتصريحات الرئيس الأسبق «ريتشارد نيكسون» تؤكد أن العدو الداخلي للبلاد يتمثل في المخدرات.

ومع الجهود المعروفة لتحجيم شحنات الأفيون القادمة من إيطاليا، وهو مسحوق مخلوط نسبة النقاء فيه نادرة، يتجه «لوكاس» إلى فتح سوق جديدة في استقدام المخدر القاتل عبر فيتنام مستغلًا الطائرات الحربية في نقل الشحنات، بخاصة داخل توابيت الجنود الأمريكيين القتلى في الحرب، الذين قدر عددهم بـ50 ألفًا.

ولكي تتواصل إمبراطورية «لوكاس» للأفيون يرشو ثلاثة أرباع شرطة نيويورك، ويستقدم للمدينة العملاقة 30 من أفراد أسرته من مختلف أنحاء أمريكا ليعاونوه في تجزئة الأفيون وبيعه.

وفي المقابل يقف الشرطي اليهودي الأصل «روبرتس» مكتوف اليدين حتى مع سابقته البالغة الندرة من عثوره على مليون دولار لا تتبعها الشرطة ولا تعرف عنها شيئًا فيسلمها ليسرقها كاملة رئيسه في العمل.

ومع الصعوبات التي يجدها، بخاصة مع بشرته الشقراء والباروكة التي لم يفارقها، في دلالة تتكامل مع ظهور تجار المخدرات سمر البشرة وكذلك الخونة من الشرطة، في إشارة لا يخطئها مشاهد مدقق من انحياز لصناع الفيلم للصهيونية وتصويرها على أنها كانت المنقذ لأمريكا في أحلك اللحظات التاريخية.

ومع توالي أحداث الفيلم يقع ضابط الشرطة في مشكلات مع زوجته التي تبشره أنه لن يدخل الجنة لمجرد كونه غير مرتش؛ وذلك لأن أفعاله الأخرى وأهمها خيانة الزوجة وعدم العناية بالابن ستقف له بالمرصاد، وهو ما يوافق عليه «روبرتس» في موقف صادم وتحول غريب في المحكمة لنزاع بينه وبين زوجته على حضانة طفله،  والموقف كله رغبة من صناع الفيلم في نيل بطله الشرطي تعاطف المشاهد.

مع الوقت يستطيع «روبرتس» إثبات خيانة «لوكاس»، ورصد المخدر القادم من فيتنام فور الانسحاب الأمريكي، ويقبض على أفراد الشرطة المتعاونين معه، ويصل به لحكم مخفف بالسجن لمدة 15 عامًا فحسب، وتسليم 250 مليون دولار من حساباته وأهله.

ومع بداية التسعينيات من العام الماضي يستقبل «روبرتس» «لوكاس» إثر خروجه من السجن عازمًا على توفير عمل شريف له ولو بأجر زهيد.

أحداث معتادة وتكرار ممل

أي فيلم جريمة بخاصة أمريكي يقف في مواجهة أمام ثلاثية «العراب» السينمائية بوجه خاص ومنظومة أفلام العصابات، وهو ما أخفق في المقارنة معهم فيلم اليوم، رغم جودة أداء «واشنطن» التي لم تكن كافية لخلق فيلم مميز، كما أن فكرة خلق تعاطف مع الشرطي والمجرم أخفقت كون الشرطي صهيونيًا مما خلق إشكاليات للفيلم أثناء معالجته إشكالية واحدة.

يبقى للفيلم نجاحه في سبر أعماق الداخل الأمريكي وتغلغل الفساد فيه على نحو مُريع حتى أن تجار المخدرات كانوا يجلبون الأفيون في توابيت الجنود القتلى في الحرب، ويذهب كبار المجرمين لتلقي العزاء في الكنيسة على أنهم آباء لمضحين بأرواحهم من أجل رفعة وازدهار الديمقراطية الأمريكية المزعومة.

جاءت الموسيقى التصويرية للفيلم مميزة بخاصة في ظل منظومة ظهرت عادية ومكررة من مشاهد العصابات والإدمان ومصارعة الشرطة للمدمنين والمجرمين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سينما السينما الأمريكية رجل عصابة أمريكي American Gangster ريدلي سكوت