مصر وإسرائيل: من يسجل الأهداف العسكرية والاقتصادية حقا؟

الخميس 22 فبراير 2018 04:02 ص

بعد إعلان صفقة استيراد مصر غازا بقيمة 15 مليار دولار من إسرائيل، وبدلاً من صون لسانه ومصداقيته فقد سارع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإعلان موقف يثير السخرية بقدر ما يثير الغضب حين خاطب شعبه بالقول: «إحنا جبنا جول يا مصريين»!

يلخّص التشبيه، بعاميّته وتناقضه مع واقع الحال، حال أكبر الدول العربية مع رئيسها الفصيح، وهو لا ينتظر نقضاً لأن السيسي قام بنقضه بنفسه بعباراته التبريرية اللاحقة من «ترحيبه» باهتمام المصريين بالخبر (والمفروض ربما أن لا يهتموا بصفقة مهولة مع عدوّ العرب الوجودي)، إلى قوله «إن مصر ليس لديها ما تخفيه على الإطلاق»، وصولاً إلى زعمه أن ما حدث هو أمر تعاقدي بين القطاع الخاص في مصر وإسرائيل و«لا دخل للحكومة المصرية فيه»!

يستهين السيسي هنا طبعاً بعقول المصريين الذين يدّعي أنه يخاطبهم ويستخفّ بالمنطق أشد الاستخفاف فليس هناك دولة، بما فيها الدول ذات الاقتصادات العملاقة والأنظمة الديمقراطية، كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا، او تلك الدول الشبيهة بمصر في الاستبداد والفساد وتغوّل الدولة في شؤون السياسة والاقتصاد، لا تتدخّل فيها الحكومة والمؤسسات الاقتصادية المرتبطة بها، حين يتعلّق الأمور بصفقات مؤثّرة على اقتصاد البلد بأكمله.

بعد حديثه عن أن لا علاقة للحكومة المصرية بالصفقة، قدّم السيسي محاضرة دفاع عنها وعن أهميتها، بل واستغرق في تكبير المطلوب منها وتفخيمه زاعماً أن هذا جزء من مشروع أضخم يريد جعل مصر مركزا إقليميا لصناعة الغاز في المنطقة، والسبب أن مصر تمتلك تسهيلات ومنشآت للتعامل مع الغاز ليست موجودة في الشرق الأوسط، وهذا القول يتناقض أيضاً مع تأكيده «وجود دول أخرى منافسة بالمنطقة».

مفيد بعد تصريحات السيسي المتناقضة تلك مقارنتها بالحماس الشديد الذي أبداه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد إعلان الصفقة واعتباره إياها «يوم عيد تاريخيا» لأنها ستجلب المليارات لخزينة إسرائيل و«تسهم في تعزيز أمن الدولة واقتصادها وتقوي العلاقات الإقليمية لإسرائيل».

وضع تصريحات السيسي في مواجهة تصريحات نتنياهو يعني أن أحدهما يكذب أو يبالغ، فإما أن الصفقة هي «يوم عيد تاريخي» للإسرائيليين أو أنها «جول مصري في إسرائيل»، وإما أنّها كما يقول نتنياهو «تقوي العلاقات الإقليمية لإسرائيل»، وبالتالي فإن أهدافها سياسية وليست اقتصادية فحسب.

وإما أنها، كما يقول السيسي «لا دخل للحكومة بها»، وبالتالي فإن لا مكاسب أو خسائر سياسية من ورائها وأنها محض إجراء اقتصادي طبيعي يقوم بين دول طبيعية متكافئة، تبيع الأولى وتشتري الثانية ولا ضرورة بالتالي للمبالغات البلاغية عن صيرورة مصر «مركزا إقليميا لصناعة الغاز».

وإذا فككنا كل هذه التناقضات على لسان السيسي، وربطنا الانكشاف الاقتصادي المصريّ الحاصل وتبعيته المقبلة للغاز الإسرائيلي، مع انكشاف أن طائرات تل أبيب المقاتلة قامت بأكثر من 100 غارة على سيناء «لمحاربة الإرهابيين» وراقبنا، الهمجية الحاصلة ضد كافة أشكال المعارضة في مصر، والتنكيل بكل من يقف في وجه السيسي، نعرف حينها إن كانت إسرائيل هي التي تسجل الأهداف في مرمى مصر أم العكس.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر إسرائيل أهداف عسكرية واقتصادية صفقة استيراد غاز إسرائيلي عبد الفتاح السيسي عدوّ العرب الوجودي الاستخفاف بعقول المصريين الاستبداد والفساد تغوّل الدولة