استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الانفجار الكبير آت يا (إسرائيل)

الاثنين 26 فبراير 2018 06:02 ص

قادة دولة الاحتلال وجيشها (الذي لا يقهر) وأجهزتها الأمنية بكل فروعها بما فيها الشاباك والموساد وأمان وغيرها، مرعوبون من احتمالات الانفجار الكبير في قطاع غزة، للخروج من الأوضاع المزرية التي يتسبب بها الحصار الاحتلالي، ووصلت حد الانهيار الكامل على جميع الصعد.

انفجار كبير إن تم، وسيتم إن آجلا أو عاجلا، قد يقلب الأمور رأسا على عقب، انفجار تتجه فيه الأبصار كما الحناجر، هذه المرة نحو الشرق لا الغرب، نحو الحدود مع إسرائيل لا حدود مصر. انفجار ستكون له انعكاسات على دول المنطقة والعالم أيضا.

هناك فعلا مخاوف إسرائيلية حقيقية من أن تدفع الاوضاع الاقتصادية والصحية والسياسية وغيرها في غزة، بعشرات آلاف إن لم يكن مئات آلاف المتظاهرين نحو السياج الحدودي بين غزة ودولة الاحتلال، الأمر الذي قد يشعل المنطقة في حال ارتكاب قوات الاحتلال مجازر وسقوط شهداء بين صفوف المحتجين، إضافة إلى تأليب الرأي الدولي ضد إسرائيل.

وما التهديدات التي يطلقها الناطقون باسم جيش الاحتلال، إلا دليل وتأكيد على المخاوف الحقيقية من انفجار وشيك للوضع المأساوي في قطاع غزة، الذي يعيش فيه، في ظل ظروف لا إنسانية غير محتملة، نحو مليوني نسمة معظمهم من جيل الشباب والاطفال.

يعاني نحو 50% منهم من البطالة، وتعيش غالبيتهم تحت خط الفقر، ويعتمد نحو 80% على المساعدات الغذائية الخارجية، لاسيما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأممية «الأونروا» التي تسعى إدارة دونالد ترامب لإنهائها عبر تقليص مساهماتها لها، في إطار صفقة القرن التي ترمي إلى إنهاء القضية الفلسطينية، عبر انهاء قضية اللاجئين.

فقد هدد الجنرال يوآف مردخاي منسق الشؤون المدنية في الاراضي المحتلة، استباقيا بغرض الترهيب، بالتعامل بقوة مفرطة مع أي تظاهرة تقترب من الحدود.

وقال في رسالة مصورة نشرها على صفحته على موقع «فيسبوك»، إن الجيش الإسرائيلي سيستعمل القوة ضد المظاهرات الشعبية على حدود قطاع غزة، إن «تجاوزت الخط الأحمر والجيش سيعمل بشكل أكبر». وزعم أن التظاهرات تعتبر»غطاء «لعمل إرهابي» مضيفا «لن نسمح للمظاهرات قرب الحدود كل الذي يشترك فيها يتعرض للخطر».

الجنرال مردخاي في تهديده هذا لم يجئ بما هو جديد، فمنذ متى يتعامل جيش الاحتلال بقفازات مخملية مع المحتجين في قطاع غزة؟ وليس استشهاد إبراهيم أبوثريا الشاب الفلسطيني العاجز مبتور الرجلين برصاصة في جبينه إلا واحدا من الامثلة التي تعد ولا تحصى على الوحشية التي يتعامل بها جيش الاحتلال مع المحتجين.

وإذا كان هذا نموذجا يؤخذ به في التعامل مع محتجين يقفون على أرضهم، فلنا أن نتصور المجازر التي يمكن أن يرتكبها جيش الاحتلال في حال اخترقت الحشود الغفيرة الحدود.

هذه التهديدات جاءت بعد انفجار عبوة ناسفة كانت مربوطة بعلم فلسطيني مغروس على الحدود، وانفجرت عندما حاول جنود الاحتلال إزاحة العلم الذي كان مزروعا في الأرض، وتسببت في إصابة 4 جنود، حسب مزاعم الاحتلال، رغم أن التعليمات للجنود واضحة وهي عدم الاقتراب من أي جسم مشبوه وتترك مهمة اختباره للروبوتات.

«الانفجار الشعبي» المتوقع لن يكون الأول من نوعه، فقد وقع «انفجار كبير» في يناير 2008 في اتجاه مصر بعدما زدادت الظروف المعيشية سوءا، فتدفق نحو نصف مليون نسمة من المحاصرين، الحدود بحثا عن متنفس وشراء نواقصهم من الحاجات والبضائع، أمام مرأى وسمع أجهزة نظام حسني مبارك المدنية منها والعسكرية، التي وقفت عاجزة عن فعل شيء أمام هذا الكم البشري الهائل.

واستطاع نظام مبارك امتصاص الصدمة عبر السماح لهم بدخول الاراضي المصرية بدون اي احتكاك والعودة إلى غزة بعد قضاء حاجاتهم، انتعش خلالها الاقتصاد في سيناء.

لن يكون هذا هو الحال عندما يخترق تيار «الانفجار الكبير» الحدود الشرقية مع اسرائيل، وستكون الخيارات أمام إسرائيل محدودة وأحلاها مرّ، وهذا يضعها في مأزق خطير، فإما أن ترفع الحصار جزئيا وتفتح معبر إيرز أمام المحتاجين للعلاج والتعليم وزيارة الاقارب والعمل، أو أنها تفتح الحدود بالكامل وهذا لن يحصل طبعا، أو ينجح الالاف أو عشرات الالاف من اختراق الحدود، ولن يكون تعامل سلطات الاحتلال بأسلوب السلطات المصرية نفسه وسترتكب عندها المجازر.

وهنا أطرح تساؤلا، مجرد تساؤل، وإن كان يدخل في إطار نظرية المؤامرة، إن كانت العملية المذكورة مفبركة من ألفها إلى يائها حتى تبرر قوات الاحتلال أمام العالم، تعاملها «بشكل أكثر قسوة» ضد كل من تسول له نفسه من الشباب الاقتراب من السياج الفاصل بين غزة والكيان الإسرائيلي.

سبب ثان للشك هو الجلسة الخاصة التي عقدها المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر، لبحث محاولات حماس استهداف جنود الاحتلال على الجدار الحدودي مع قطاع غزة، قبل ثلاثة أيام فقط من وقوع العملية المذكورة.

والسبب الثالث هو عدم إعلان أي فصيل فلسطيني مسؤوليته عن العملية التي يتبناها في الحالات العادية التي في الكثير من الاحيان يتبناها اكثر من تنظيم، خاصة أن المصابين في العملية من جنود الاحتلال. وحتى تحميل ليبرمان لجان المقاومة الشعبية المسؤولية لم يغير من الواقع شيئا.

سبب رابع هو رد الفعل الاسرائيلي على الإصابات الاربع المفترضة في صفوف جنوده، كان سيكون مختلفا وسيستهدف قادة في التنظيم المسؤول، لكن الغارات الجوية استهدفت مناطق قرب مطار رفح ربما لتدمير أنفاق أو مشاريع أنفاق.

وليس لهذا إلا تفسير واحد هو استعداد قوات الاحتلال لارتكاب مجازر ضد المتظاهرين الذين يصلون مناطق الحدود، احتجاجا على سوء الأحوال المعيشية والصحية والبيئية وكذلك على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل السفارة إليها وقطع مساعدات السلطة وتقليص المساهمة في ميزانية الأونروا كما اسلفنا، تمهيدا لتصفية قضية اللاجئين تلبية لرغبات بنيامين نتنياهو.

الشيء المؤكد أن التهديدات الاسرائيلية هذه لن تردع هذا «الانفحار الكبير» فهو مقبل لا محالة، إذا ما تواصل تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية والاقتصادية، وهو المتوقع وفقا للتقارير المحلية والدولية، ولم يجر تدارك الامر بالسرعة الفائقة. ويقرأ ذلك في قول ذاك الشاب الغزي «إذا كان الخيار بين الموت من الجوع والموت على الحدود فسنختار الموت على الحدود».

ويؤكده أيضا ما أعلنته جهات شعبية وتتداوله الأوساط السياسية في قطاع غزة، حول سبل انهاء الحصار الخانق والظالم من بينها خيار «مسيرة العودة الكبرى» نحو الحدود لإنهاء هذا الحصار الظالم واللاإنساني والمنافي لكل الاعراف والقوانين الدولية.

وقد مضى عليه حتى الآن بدون أي بوادر انفراج في الافق اكثر من أحد عشر عاما، شهد قطاع غزة خلالها، ثلاث حروب مدمرة هي الأطول في تاريخ الحروب العربية، راح ضحيتها عشرات آلاف الضحايا بين شهيد وجريح.

ناهيك عن الدمار الذي طال المرافق التحتية وعشرات آلاف المساكن التي لم يعاد بناؤها رغم تعهدات الدول المانحة في قمة القاهرة في اكتوبر2014 بتوفير الأموال اللازمة 5.4 مليار دولار.

واختتم بالقول كفى أيها السياسيون الفلسطينيون، كفى مماطلة وتسويفا وتبريرا وهروبا من المسؤولية..

كفى انقساما وتشرذما، فلابد لهذه القوى من توحيد الصفوف لرفع المعاناة عن شعب غزة الذي ضحى ولا يزال..

كفى مناكفات من اجل توجيه الغضب الاكبر نحو العدو المشترك. ولا بد من الارتقاء فوق كل المنافع الفصائلية والفردية وتغليب المصلحة العليا، مصلحة الوطن..

مصلحة فلسطين يجب أن تكون فوق كل المصالح، فبدون ذلك ستكونون انتم الخاسرين وستتحملون كامل المسؤولية عما ستؤول اليه الأمور، والشعب لن يرحم وحذارِ من غضبه.

* علي الصالح كاتب فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

دولة الاحتلال قطاع غزة السياسيون الفلسطينيون خيار «مسيرة العودة الكبرى» حصار غزة البطالة الحروب على غزة عقوبات السلطة الفلسطينية