أفندي و«تملي» وأوضة.. كلمات تركية تذوب في العامية المصرية

الاثنين 26 فبراير 2018 09:02 ص

من رحم اللغة التركية خرجت الكثير من الأسماء والألفاظ التي لا زالت تعج بها العامية المصرية ويتداولها المصريون في تعاملاتهم اليومية، في الشارع والمنزل، والعمل، دون أن يدروا مصدرها الأصلي.

ويقول أكاديميون مصريون، إن توطيد العلاقات الاجتماعية بين المصريين والأتراك خلال الحقبة العثمانية بمصر (1517- 1924م)، ساهم في اقتباس عدد كبير من المفردات التركية وإضافتها إلى القاموس العامي المصري.

أسماء

يفيض قاموس العامية المصرية بأسماء تركية، يحملها الكثير من المصريين من بينها إنجي وهي من اللفظ التركي İnci بمعنى درة أو جوهرة.

وكذلك دمرداش وهو لفظ تركي مُحرف من  Demirtaş بمعنى حجر الحديد، ونازلي Nazlı بمعنى فتاة مدللة.

كما ترجع عدة أسماء أخرى مصرية إلى اللغة التركية، مثل تفيدة وثروت وميرفت ونشأت ويلماظ وشافكي، وعنتيبلي نسبة إلى مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا.

ألقاب

أخذ المصريون عددا كبيرا من الألقاب من اللهجة التركية، في كافة مناحي الحياة، مازال المصري يستخدم بعضا منها لينادي بها أقاربه.

ومن بين تلك الألقاب، أبلة وهو من اللفظ  (Abla) وهو لقب تُنادى به الأخت الكبرى، و(أبيه) للأخ الأكبر Ağabey-Abi ، وتيزة وهو تحريف للفظ Teyze بمعنى خالة.

وكذلك هانم، من اللفظ التركي Hanım وهو لقب تُنادى به السيدات ويجمع هوانم، وكلمة أفندي التي تطلق على الموظف من اللفظ التركي Efendi.

مهن

وكان للمهن المصرية أيضا نصيب من اللغة التركية، مثل بشمهندس Başmühendis، وهو كبير المهندسين، وجرنالجي Jurnalci أي الصحفي ويجمع جرنالجية، وحكيمباشي كبير الأطباء وهو من اللفظ التركي المركب Hekimbaşı رئيس الأطباء.

هناك أيضا خوجة أي المعلم وهو لفظ مصري، كان متداول في العامية المصرية حتى وقت قريب، ومأخوذ عن اللفظ التركيHoca .

إضافة إلى لفظ أنباشي Onbaşı بمعني رئيس العشيرة، وبشكاتب Başkatip بمعنى رئيس الكتبة.

ولا تقف أسماء المهن تركية الأصل عند هذا الحد، إذ يستخدم المصريون، سفرجي، Sofracı أي النادل ويجمع سفرجية، وهو مكون من اللفظ الفارسي سفرة إضافة للاحقة التركية جي الدالة على الصنعة، وعلى ذات الوزن نوبطشي Nöbetçi أي مناوب.

وبالنسبة للرتب الشرطية والعسكرية، تأتي كلمة شاويش  Çavuş  وهي لفظ مأخوذ عن التركية لرتبة رقيب بالجيش والشرطة.

وأيضا هناك ترزي بمعنى خياط دخل العامية المصرية بصورته التركية Terzi .

أماكن

وتوجد بعض الأماكن والأحياء المشهورة في مصر ذات الأصل التركي، منها أورمان، وهو اسم حديقة عامة كبرى بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، وهو من اللفظ التركيOrman أي غابة.

وبولاق، وهو حي بقع بنطاق القاهرة، مأخوذ هو الآخر من اللفظ التركي Bulak أي النبع أو عين الماء.

ويستخدم المصريون لفظ زُقاق ويعني (حارة سد) من اللفظ التركي Sokak أي شارع.

وأيضا لاظوغلي، Lazoğlu وهو اسم أحد ميادين وسط القاهرة، ويعني ابن لاظ ويتكون من لاظ، وهي قبيلة تقطن الساحل الجنوبي الشرقي للبحر الأسود بإضافة أوغلىOğlu التى تعنى ابن.

في المنزل

وفي منازلهم، يستخدم المصريون عددًا من الألفاظ المتداولة يوميًا، تركية المنبع، ومنها على سبيل المثال كلمة أوضة وهي حجرة ويجمع اللفظ في العامية المصرية بأوض وهو لفظ مأخوذ عن اللفظ التركي Oda.

ويطلق المصريون لفظ بانيو على وعاء الاستحمام، وهو من الكلمة التركية Banyo، وكذلك بدروم وهي حجرة تحت مستوى الأرض وهو من أصل يوناني، لكنه في العامية المصرية مأخوذ بصورته التركية Bodrum.

أطعمة

ثمة الكثير من الأسماء لأطعمة يتناولها المصريون وتعود لأصل تركي، مثل بسطرمة وهي لحم فخذ مقدد معالج بالثوم وهو من اللفظ التركي Bastırma، وبغاشة وهي نوع من الحلوى وهو تحريف للفظ التركي Poğaça.

أما داخل المطاعم الشرقية، تأتي كلمة شيش طاووق على رأس الألفاظ المصرية المأخوذة من التركية، وهي تعني دجاج مشوي وهو من التركيب اللفظي التركي Şiştavuk " بالمعني نفسه.

كلمات متفرقة

ويتداول في مصر محليًا أيضًا لفظ بصمة أي أثر الإصبع وهو لفظ تركي بالنطق نفسه، وهو مخفف من المصدر التركي Basmak بمعني مطبوع أو طباعة، وبصمجي Basmacı في مصر يقصد به من يجهل القراءة أو الكتابة.

ويستخدم الحرفيون في مصر لفظ بوية وهي مادة الدهان، وقد اشتقت من اللفظ التركي Boya.

أما كلمة تملي التي تعني دائمًا فهي من اللفظ التركي المركب Temelli أي الثابت.

ويستخدم المارة في مصر، لفظ دوغري في وصف الطريق، أي مستقيم مباشرة وهو تحريف للفظ Doğru بالمعنى ذاته.

كذلك، هناك لفظ قراميدان، بمعنى السجن وهو من التركيب قرة ميدان Kara meydan، أي الساحة السوداء ويتكون من اللفظ التركي Kara قره أي أسود بإضافة اللفظ العربي ميدان.

ويقول المصريون كراكون ، في إشارة إلى قسم الشرطة، وهي كلمة محرفة من Karakolوكوبري وهو الجسر ويجمع كباري وهو من اللفظ التركي Köprü بالمعني نفسه.

أسباب الانتشار

الأكاديمي «أحمد عبدالله نجم»، أستاذ اللغة التركية بجامعة عين شمس (حكومية/ شرقي القاهرة)، يشدد على أن العلاقات التركية العربية عبر التاريخ الإسلامي بدأت مبكرا للغاية منذ القرن الثالث الهجري، واستمرت حتى يومنا هذا.

وفي حديث للأناضول، يوضح «نجم» أن هناك تأثير متبادل بين الحضارتين التركية والمصرية، كانت اللغة سواء العربية أو التركية أحد روافده، حيث ذابت اللغة التركية في العامية المصرية.

ويشير إلى أن معظم الكلمات التركية المستخدمة في الحياة العامية المصرية، نقلت عبر سماعها من قبل العمال المصريين الذين كانوا يعملون لدى الأتراك، إضافة إلى أن كثير من الكلمات التركية امتزجت في لغة الإدارة في فترة الدولة العثمانية بمصر.

ويتفق مع «نجم»، مدرس التاريخ والحضارة العثمانية بكلية الآداب جامعة سوهاج (حكومية/ جنوب) الأكاديمي «محمد عبدالعاطي»، مضيفا أن اللغة التركية لم تُحدث تغييرات في اللغة العربية الفصحى، لكنها أثرت بشكل كبير في عامية الشعب المصري.

ويضيف للأناضول «ساهمت فترة الخلافة العثمانية بالدول العربية في انتشار اللغة التركية، ودخول العديد من مصطلحاتها وكلماتها إلى العربية العامية، وما زالت مستخدمة حتى الآن».

  كلمات مفتاحية

تركيا مصر اللغة العامية اللغة التركية