مسجد طهران الجديد.. بلا قباب ومآذن ويشبه «قبعة اليهود»

الاثنين 26 فبراير 2018 10:02 ص

تسبب بناء مسجد جديد في إيران، خالف في نمطه الصورة السائدة للمساجد التي تحتوي على قباب ومآذن، في إثارة جدل واسع بين أوساط الفئة الملتزمة بالبلاد، لما رأوه فيه من تعدي على السمت الإسلامي للجمهورية.

واندلع جدل حاد حول المسجد الجديد في العاصمة الإيرانية طهران والذي يقول متشددون إنه «يمثل خرقا للمباديء الدينية المحافظة في البلد الشيعي»، نظرا لطرازه المعماري المخالف لنمطية بناء المساجد، والذي لا يتضمن قبابا أو مآذن، وكذلك بسبب الأحجار البيضاء المستخدمة في بنائه.

وذكرت وكالة «أسوشيتيد برس» للأنباء أن المسجد الجديد الذي يحمل اسم «ولي العصر» قد أشعل غضب المتشددين الذين يرونه جزءا من هجوم علماني كاسح على الجمهورية الإسلامية، وتعديا على أسلوبها المعماري المميز.

وقارنت مقالة افتتاحية نشرها موقع «المشرق» الإخباري الإيراني المحافظ بناية المسجد بـ«قبعة يهودية»، متهما السلطات الإيرانية بـ«الخيانة» بسبب موافقتها على بناء المسجد.

وأضافت الصحيفة أن «المسجد برز كأحدث ساحات المعارك في الحرب الحضارية طويلة الأمد بين المتشددين من جهة وبين المجتمع الفني في إيران، والذي يأمل -دون جدوى- في أن تتيح السلطات مزيدا من الانفتاحية»، وذلك منذ وصول الرئيس الإصلاحي «حسن روحاني» إلى سدة الحكم عام 2013.

ويتواجد المسجد الذي تبلغ مساحته 2500 متر مربعا، في منطقة تجارية شعبية بالقرب من جامعة طهران، والتي تستضيف أيضا فاعليات ثقافية وفنية متنوعة.

ويشار إلى أن المنطقة التي تم بناء المسجد فيها مجاورة أيضا لمسرح المدينة بطهران، وهو المبنى الأيقونة الذي يعود تاريخه إلى ما قبل الثورة الإسلامية التي اندلعت عام 1979، كما يضم المسجد المكتبة الخاصة به، وصالات للقراءة، وفصول دراسية، وكذلك مسرح ملحقة به مدرجات.

ويثير مسجد «ولي العصر»، الذي صممه المهندسان المعماريان الإيرانيان «رضا دانيشمير» و«كاترين سبيريدونوف»، الجدل، إذ أنه يوجد في بلد يضم بعضا من أكثر المزارات الدينية شهرة في العالم. ويرفض المتشددون الإيرانيون الاعتراف به كمسجد حقيقي، ويشكون من خلوِه من المآذن والقباب المتعارف عليها.

وحول ذلك، قال «رضا دانيشمير»، إنه كافح لشهور قبل أن يقنع السلطات في النهاية بأن المسجد التقليدي سوف يظهر من المكان الذي بني فيه، مضيفا أنه ناقش أيضا القضية أمام لجنة متخصصة بالبرلمان الإيراني.

وتابع «دانيشمير»: «مسؤولو المدينة اعترضوا في البداية على فكرة إقامة المسجد وقالوا إنه لا يشبه المساجد من حيث شكلها التقليدي المعروف للجميع، ومن ثم لا يمكن بنائه».

وواصل: «أوضحت لهم من الجمهور الحقيقي لهذا المسجد»، في إشارة منه إلى الشباب الإيراني «البوهيمي» والأقرب إلى العلمانية الذي يتردد كثيرا على المنطقة.

وأردف: «نجحت في النهاية في إقناعهم بالفكرة». لافتا: «نريد أن يكون المسجد مشروعا تقدميا، وليس محافظا ورجعيا».

وأضاف المهندسان أنهما قد استوحيا الفكرة من مسجد قباء، فهو أقدم مسجد في العالم ويعود تاريخ بنائه إلى عصر النبي «محمد» صلى الله عليه وسلم.

وتابع: «البساطة كانت السمة الرئيسية للمساجد الأولى». وقد فكرا في فكرة الغرفة الواحدة وصمماها، لذا جاء «المخطط العام للمسجد ككل على شكل قبة أنيقة».

واقتُرِحت فكرة بناء المسجد منذ 14 عاما، عندما كان الرئيس الإيراني السابق «محمود أحمدي نجاد» عمدة لطهران. واعترض مديرو المسرح حينها بشدة على التصميم المبدئي من قبل مهندس معماري مختلف، إذ إن المبنى كان بطول 52 متراً، وهو ما كان من شأنه أن يهدد الأساس الهش للمسرح بجانبه.

جدير بالذكر أن تكلفة المسجد وصلت لـ16 مليون دولار، ومن المتوقع افتتاحه أمام الجمهور للصلاة في غضون الشهور المقبلة.

 

من ناحيته، قال «مهران غارليغي»، مدير شركة «Studio Integrate» المعمارية في لندن: «صُمِّم المبنى بعناية احتراما لمسرح المدينة، ومحاولة في التعايش معه؛ فارتفاعه أقل من ارتفاع المسرح، ومنصاته تذوب في الساحة المحيطة به كلما اقتربنا من مسرح المدينة. كما أن المنصة العامة الرئيسية تُواجه مسرح المدينة للسماح للزوار بالاستمتاع برؤيته».

وأضاف أن أي تصميم بديل كتلك المساجد التقليدية ذات الأبراج والقباب الكبيرة كان سيغطي على مسرح المدينة، بالإضافة إلى تعريضه للخطر.

وقال «غارليغي» إن خلق مساحات دينية بشكل جديد ليس أمرا غريبا في عالم العمارة، علاوة على أن المساجد غير الاعتيادية موجودة حتى في طهران، كمسجد الغدير في شارع ميرداماد، الذي فاز بجائزة أغا خان للهندسة المعمارية.

وتابع «غارليغي»: «في حين أن هناك أمثلة على المساحات الدينية المتواضعة… غالبا ما تتألف المباني الدينية من قاعات كبرى وقباب وأبراج عالية للسيطرة على الزوار، وتشير هذه الأنماط مجازا لطبيعة الإله المتعالية. ويعد كسر هذا التقليد مخالفا للمعتقدات الدينية للكثيرين».

وتابع أن «تصميم مسجد والي عصر لا يتبع هذا المنطق، بل إن المسجد يذوب في السياق المحيط به. فتصاعد مستوى سطحه يوحي بأن الناس يمكنهم تسلقه للوصول إلى أعلى. وهذا يجعل من المسجد مساحة دينية يسيرة ومتواضعة... وقد وفى المسجد بأهم الأغراض التي عادة ما يكون المسجد مطالبا باستيفائها؛ وهي إقامة الصلاة وجمع الناس».

المصدر | الخليج الجديد + هاف بوست

  كلمات مفتاحية

مسجد طهران إيرام مسجد ولي العصر عمارة هندسة العمارة الإسلامية تصميم حديث