الإمارات في اليمن.. «جيوش مناطقية» و«أهداف خفية»

الثلاثاء 27 فبراير 2018 10:02 ص

دخلت العلاقة بين الحكومة الشرعية اليمنية ودولة الإمارات منعطفا جديدا، بعد اتهامات رسمية يمنية هي الأولى من نوعها لثاني أكبر دول التحالف العربي بالابتعاد عن الهدف الذي جاءت من أجله إلى اليمن، وإنشاء جيوش مناطقية تعمل على تفكيك البلد، الذي يشهد حربا منذ نحو 3 سنوات.

فبعد أسابيع من حرب باردة بين الطرفين، تزايدت وتيرتها عقب المعارك التي شهدتها العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (جنوب)، فتح وزير النقل اليمني، «صالح الجبواني»، أول أمس الأحد، النار على الإمارات، متهما إياها بالعمل على دعم فصائل مسلحة خارج نطاق الشرعية، والعمل على تعميم الفوضى.

وطيلة الفترة الماضية، كانت الاتهامات للإمارات بدعم الفصائل المسلحة تقتصر على ناشطين موالين للشرعية، لكن توجيه الاتهامات هذه المرة على لسان وزير، ينحدر من المحافظات الجنوبية المحررة من «الحوثيين»، قد يذهب بالعلاقة بين الحكومة والإمارات إلى سيناريوهات جديدة.

والإمارات هي ثاني أكبر دول التحالف العربي، الذي تتزعمه السعودية، بهدف استعادة اليمن من «الانقلاب الحوثي»، وتشرف أبوظبي بشكل رئيسي على الملف العسكري والأمني في المحافظات الجنوبية والشرقية المحررة من «الحوثيين»، منذ منتصف 2015.

وقبل الاتهام المباشر الذي وجهه الوزير اليمني للإمارات، كانت هناك الكثير من الاتهامات لأبوظبي، بالعمل على إضعاف سلطة الحكومة الشرعية في المناطق التي يفترض أنها خاضعة لها، وامتلاك أهداف خفية في اليمن، وخاصة في المحافظات الجنوبية، والتي يرى مسؤولون يمنيون أنها تهدد بحرف مسار التحالف العربي، ورصدت وكالة «الأناضول» تلك الأدوار في النقاط التالية:

قوات «الحزام الأمني» في عدن

تتزعم الإمارات قوات التحالف في المحافظات الجنوبية، ومنذ تحرير عدن والمحافظات الجنوبية، في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2015، يتولى قيادة قوات التحالف هناك مسؤول عسكري إماراتي، وينوبه مسؤول سعودي.

عقب التحرير، أنشأت الإمارات ما تسمى بـ«قوات الحزام الأمني» في عدن، وهي خليط من عسكريين جنوبيين، غالبيتهم ينحدرون من جماعات سلفية، ومقاتلين طامحين بانفصال جنوب البلاد عن شماله، وتم تدريب عدد منهم في قواعد عسكرية إماراتية بمنطقة القرن الأفريقي.

وأوكلت الإمارات لهذه القوات مسؤولية حماية محافظات عدن ولحج وأبين والضالع بالكامل، ووفقا لاتهامات حكومية، تم دعمهم بدبابات ومدرعات إماراتية شاركت في عملية التحرير، وجرى إنشاء معسكرات لهم في عدن.

وبحسب مصادر حكومية يمنية، فإن تلك القوات، المقدر عددها بأكثر من 10 آلاف، ليست رسمية، وليس لديها أرقام عسكرية في الجيش الوطني والقوات المسلحة اليمنية، ولا تمنحهم الحكومة رواتب شهرية، إذ يتقاضون رواتبا من الإمارات، بواقع 1500 ريال سعودي شهريا (نحو 400 دولار) لقادة الوحدات ونقاط التفتيش، وألف ريال للأفراد.

وقالت المصادر إن الإمارات أسندت الملف الأمني بين المحافظات الجنوبية والشمالية إلى وحدات عسكرية متطرفة لصالح الانفصال، وتعرقل هذه الوحدات يوميا دخول المواطنين من المحافظات الشمالية إلى عدن، وتعيد غالبيتهم حسب الهوية الشخصية.

ونفذت «قوات الحزام الأمني» سلسلة مداهمات، في أكتوبر/تشرين الأول 2017، لمقرات حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإسلامي)، واعتقلت عددا من قادته، كما شهدت فترة سيطرتها على عدن اغتيالات شملت أئمة مساجد.

كما اعترضت هذه القوات، في 12 أكتوبر/تشرين أول الماضي، موكب رئيس الحكومة، «أحمد عبيد بن دغر»، وأطلقت عليه النيران، أثناء توجهه إلى لحج لافتتاح معهد تقني، وأجبرته على العودة.

وجعلت الإمارات هذه القوات تحت تصرف «المجلس الانتقالي» المطالب بالانفصال، وهي تسيطر بشكل شبه كامل على الوضع الأمني في عدن، بعد أن شنت، في 28 يناير/كانون الثاني الماضي، هجمات على آخر القواعد العسكرية الموالية للشرعية، وكانت قد حاصرت قصر «معاشيق» الرئاسي، الذي تقيم به الحكومة، قبل أن تتدخل السعودية، وتدعو إلى هدنة.

«النخبة الحضرمية» في حضرموت

في أبريل/نيسان 2016، نفذ التحالف العربي عملية عسكرية لتحرير مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت (شرق)، من تنظيم «القاعدة»، بعد عام من سيطرته عليها.

وبدلا من سيطرة الأجهزة الأمنية الرسمية على الوضع في المكلا، أوكلت الإمارات المهمة إلى قوات جديدة أنشأتها ودربتها، وتعرف بـ«النخبة الحضرمية».

وتنتمي تلك القوات إلى محافظة حضرموت فقط، وتسيطر على جميع المواقع الحكومية السيادية، وعلى رأسها «مطار الريان» وميناء المكلا وميناء «الضبة» النفطي.

ووفق اتهامات حكومية، ترفض الإمارات استئناف العمل في مطار الريان لخدمة أبناء المحافظات الجنوبية والشمالية.

وأفادت منظمات حقوقية دولية، العام الماضي، بأن المطار تحول إلى معتقل لخصوم الإمارات، وغالبيتهم من الإسلاميين.

ولا يعرف تحديدا حجم تلك القوات المسيطرة على المكلا، لكن مصادر رجحت أنها أكثر من 6 آلاف جندي.

وتضم حضرموت حقول نفط، وكانت مصادر رسمية اتهمت الإمارات بمنع الحكومة من استئناف إنتاج النفط وتصديره عبر ميناء «الضبة»، وهو ما من شأنه انعاش الاقتصاد المتدهور منذ ثلاثة أعوام.

«النخبة الشبوانية» في شبوة

كما هو الحال في محافظتي عدن وحضرموت، أنشأت الإمارات قوات «النخبة الشبوانية» في شبوة، وهي محافظة غنية بالنفط والغاز (جنوب شرق)، وتم تحريرها بالكامل من «الحوثيين»، خلال الأسابيع الماضية.

وتمتلك «النخبة الشبوانية» أسلحة ثقيلة متطورة، وكشف وزير النقل اليمني، «صالح الجبواني»، أنها اعترضت طريقه بالدبابات والمدرعات والأسلحة المتوسطة بينما كان يريد وضع حجر الأساس لميناء محلي.

وباتت قوات النخبة تسيطر على منابع الغاز والنفط في المناطق الساحلية لشبوة.

ورغم الإعلان عن تنفيذ قوات النخبة، الإثنين، عملية عسكرية ضد «القاعدة» في بلدة «الصعيد» بشبوة، إلا أن «الجبواني» قال إن «الجيوش القبلية والمناطقية، التي أنشأتها الإمارات، هي سبب الوضع المزري في المحافظات المحررة، وأسهمت في انتشار غير مسبوق لتنظيم القاعدة، لم تكن تلك المناطق تشهده من قبل».

وإضافة إلى عدن وحضرموت وشبوة، دعمت الإمارات تشكيل قوات شبيهة في محافظتي جزيرة سقطرى والحديدة من أجل العمليات العسكرية في الساحل الغربي.

لكن أبوظبي عجزت عن تنفيذ ذلك في محافظة تعز (جنوب غرب)، حيث رفضت القوات الحكومية تشكيل حزام أمني موال لها يتكون من الجماعات السلفية، كما الحال في الجنوب.

الحكومة عاجزة عن معالجة الأزمة

تقف الحكومة الشرعية اليمنية عاجزة عن فعل أي شي تجاه تحركات الإمارات في اليمن، وتلجأ إلى السعودية، التي تقود، منذ 26 مارس/آذار 2015 التحالف، الداعم للقوات الحكومية في مواجهة المسلحين «الحوثيين»، المتهمين بتلقي دعم من إيران.

لكن بعض المراقبين يرون أن التحركات الإماراتية تتم بضوء أخضر سعودي، خاصة بعد إعلان التحالف العربي باليمن، في بيان الشهر الجاري، أن «هدف السعودية والإمارات واحد ورؤيتهما مشتركة».

وشعرت الحكومة اليمنية الشرعية بخطورة الأدوار الإماراتية في إنشاء ودعم تلك القوات، وأعلنت على لسان رئيسها، «أحمد عبيد بن دغر»، أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، أنها أقرت دمج الوحدات العسكرية والأمنية في المناطق المحررة، والتي تشكلت «على أساس مناطقي» في الجيش اليمني.

وأضاف أن قراره، الذي يبدو من الصعب تنفيذه حاليا، «يهدف إلى بناء وحدات تتكون من أفراد لا ينتمون إلى منطقة محررة بعينها، بل إلى كل المناطق المحررة، ولا تحكمها عصبية مناطقية أو سياسية»، مشددا على أن ذلك «هو الأساس في تكوين كل جيوش العالم والمؤسسات الأمنية».

وأعلن ما يسمى «المجلس الانتقالي» الجنوبي، آنذاك، رفضه لأي قرار بدمج الوحدات العسكرية، وفسرها بأن الحكومة تهدف إلى دمج الوحدات المتواجدة في الشمال مع الوحدات المتواجدة في الجنوب، وهو ما نفته الحكومة.

ومن المتوقع أن تشهد علاقة الحكومة اليمنية مع الإمارات توترا أكبر، خلال المرحلة المقبلة، لا سيما وأن اليومين الماضيين شهدا إطلاق نشطاء يمنيين هاشتاج (وسما) على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان «رحيل الإمارات مطلبنا»، وهو ما رد عليه موالون للإمارات في المحافظات الجنوبية بوسم آخر حمل عنوان «الإمارات صمام أمان».

  كلمات مفتاحية

الإمارات السعودية اليمن التحالف العربي الحكومة الشرعية انفصال

دعوات بالكونغرس للتحقيق بجرائم أمريكيين في اليمن بتكليف إماراتي