«بدون» يحرق نفسه.. رسالة تحذير للكويت بتفاقم الأزمة

الأربعاء 28 فبراير 2018 03:02 ص

«كل الثورات بدأت بنفس الطريقة، الاحتراق من أجل الحصول على شيء من العدالة».. هكذا علقت الكاتبة الكويتية «أروى الوقيان»، على إحراق «بدون» نفسه أمام مقر محكمة الجهراء، محاولا الانتحار.

«أروى»، غردت ككثير من الكويتيين عبر وسم «بدون يحرق نفسه»، الذي احتل مركزا متقدما بين الوسوم الأكثر تداولا في الكويت، إلا أنها أشارت في تغريدتها إلى أن ماهية الرسالة التي أراد «البدون» أن يوصلها إلى السلطات في الكويت.

وقالت «أروى»: «بغض النظر عن سجل الذي أحرق نفسه، تنتفض إنسانيتنا لهذا المشهد، حين يحترق الجسد لإيصال رسالة».

وتساءلت: «هل وصلت الرسالة؟. أتمنى من الدولة أن تعالج هذا الملف العالق من سنوات بشكل فعلي وحقيقي».

الشاب الذي أحرق نفسه محاولا الانتحار، هو الثاني الذي يقدم على ذلك خلال 6 أشهر، ما ينذر بتفاقم أزمة «البدون» في الكويت، والمستمرة منذ عقود دون حل.

وهو ما أشارت إليه الكاتبة الصحفية والناشطة الحقوقية السعودية «سكينة المشيخص»، حين غردت بالقول: «ثاني حادثة يقوم فيها بدون في الكويت بحرق نفسه خلال أقل من 6 أشهر، والسؤال: إلى متى يستمر وضع البدون في الخليج هكذا؟!».

وأضافت: «ملف حقوقي شائك كهذا، لماذا لا تتخد فيه دول الخليج خطوة إيجابية؟!. سنوات ونحن نكرر نفس الأسطوانة ونفس المطالب.

وختمت تغريدتها بالقول: «أوجدوا حل لقضية البدون».

المغردون أيضا، انتقدوا، تطرق وزارة الداخلية إلى سوابق الذي أقدم على الانتحار والترويج كونه يحمل 21 سابقة، وتجاهل قضية فئة البدون والعراقيل التي تواجههم بسبب عدم وضع حل جذري لقضيتهم. (طالع المزيد)

الأزمة مستمرة

هاتان الحالتان، تشيران إلى أن قرار مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي، الموافقة على مشروع بقانون في مداولته الأولى، بشأن قبول «البدون» في وظائف بالجيش قبل أيام، لم يحل الأزمة المتفاقمة منذ عقود.

كما تأتي الحالة الجديدة، بالتزامن مع مظاهرات قام بها «البدون» الشهر الجاري، في الذكرى السابعة لأول مسيرة احتجاجية نفذها «البدون» في الكويت.

حتى أن مؤسس حركة «الكويتيين البدون»، «محمد والي العنزي»، غرد معلقا بالقول: «سهل جدا على بدون يحرق نفسه.. لكن صعب عليه يتظاهر ضد الظلم!».

وبدأ ناشطون في مجال حقوق الإنسان و«البدون»، التحضير لمظاهرات جديدة للمطالبة بحقوق البدون، اقترحوا أن تكون في الأسبوع الاول من مارس/آذار المقبل.

ويشكو البدون بتضييق الخناق عليهم عن طريق «الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية»، وهو جهاز تابع لرئاسة مجلس الوزراء، عندما شدد القيود عليهم منذ منتصف العام الماضي، لكن بشكل قاس هذه المرة، حسب ما يقول مراقبون؛ إذ قام الجهاز باتهامهم جميعا بإخفاء أوراقهم الثبوتية الأصلية، وبأنهم «مزورون»، ومنعهم من العلاج والتعليم.

وحسب الناشط من «البدون»، «عبدالحكيم الفضلي»، فإن «الحكومة طوال 60 عاما من وجود مشكلة البدون، تتعامل معهم وفق مبدأ التهدئة وتقديم بعض المميزات والتنازلات البسيطة في حال وجود حراك شعبي».

وأضاف: «لكن الرأي الحكومي هذه المرة منقسم بشدة، فهناك فريق يطالب بالتهدئة والسماح للبدون ببعض المميزات، وهناك فريق آخر بزعامة الجهاز المركزي للبدون، يطالب بالتشديد وتصفية القضية بشكل نهائي في غضون سنتين».

وفي تصريحات سابقة، شن رئيس مجلس الأمة الكويتي السابق «أحمد السعدون»، هجوما على سلطات بلاده، متهما إياها بتعمد عرقلة حل قضية «البدون»، معتبرا أن الحكومة «تتلاعب بهذه القضية وتحرم هذه الفئة من حقوقها، لبقائها معلقة دون حل».

وقال «السعدون» في مؤتمر صحفي في وقت سابق الشهر الجاري، إن «السلطات لم تتعامل مع قضية البدون من أجل حلها، إنما تتعامل معها بقصد بقائها معلقة»، مضيفا أنه «سيعقد مؤتمرات لاحقة لكشف تلاعب الحكومة بهذا الملف».

من هم «البدون»؟

و«البدون»، تعبير يطلق على فئة سكانية تعيش في الكويت ولا تحمل جنسية البلد، ويبلغ عددهم ما بين 96 و120 ألف شخص.

لكن السلطات تؤكد أن 34 ألفا فقط هم الذين يمكن أن يحصلوا على الجنسية، وأن الباقين هم من جنسيات أخرى.

وبدأت أزمة «البدون» في الكويت بالظهور عقب استقلال البلاد عام 1961، إذ لم يتمكن «البدون» الذين كانوا يسكنون الصحراء من الحصول على الجنسية الكويتية، لكنهم خدموا في الجيش والشرطة وساهموا في تأسيس أجهزة الدولة من دون حصولهم على ورقة الجنسية.

وبعد الغزو العراقي للبلاد عام 1991، قررت الحكومة الكويتية منعهم من العمل في الجيش والشرطة واتهمتهم بإخفاء أوراق ثبوتية تعود للدول المجاورة (العراق والسعودية)، طمعا بالحصول على الجنسية الكويتية، رغم أنهم سجلوا في أول إحصاء سكاني أجرته الدولة عام 1965، كمواطنين كويتيين.

ويطالب «البدون» بشكل متواصل، بمنحهم الجنسية الكويتية، فيما تقول حكومة البلاد إن غالبية هذه الفئة يحملون جنسيات عراقية أو سعودية أو سورية، لكنهم أخفوها للحصول على الجنسية الكويتية.

وأنشأت الحكومة «الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية»، وهو جهاز تابع لرئاسة مجلس الوزراء، يتولى التعامل مع البدون كحكومة مصغرة لـ150 ألف نسمة بما في ذلك ملف توظيف وزواج وطلاق واستخراج الأوراق الثبوتية لهم، فيما منعت الجهات الحكومية والشركات الخاصة من توظيف «البدون» أو التعامل معهم، إلا بإذن من سلطات الجهاز المركزي؛ ما أدى إلى تظاهرهم للمرة الأولى عام 2011، متأثرين بموجات الربيع العربي قبل أن تخفف الحكومة بعض القيود المفروضة عليهم.

وعادت الأزمة من جديد عقب قيام رئيس الجهاز المركزي «صالح الفضالة»، منتصف العام الماضي، بتشديد القيود عليهم مرة أخرى، لكن بشكل قاس هذه المرة، حسب ما يقول مراقبون.

ورغم أن البرلمان أيد أكثر من مرة مشاريع حكومية لمنحهم الجنسية لكن تنفيذ هذا الإجراء يواجه بطئا شديدا حتى الآن.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البدون الكويت انتقادات انتحار بدون يحرق نفسه