انتصار محتم .. الدين يصوت لليمين الإسرائيلي

الثلاثاء 10 فبراير 2015 04:02 ص

تتأرجح استطلاعات الرأي العام الى هنا والى هناك، ولكن منها جميعها يستخلص الاستنتاج بان كتلة اليمين أكبر من كتلة اليسار. اذا نجح اسحق هرتسوغ في تشكيل حكومة، فان هذا لن يكون الا بفضل ضغينة قادة أحزاب الوسط الصغيرة لبنيامين نتنياهو والتأييد السلبي من الوسط العربي – وحكومة كهذه ستشل او سرعان ما ستتفكك، وسيمنع عنها المخاطرة بخطوة سياسية قاطعة والتغلب على المعارضة للاصلاحات اللازمة في الاقتصاد. والسبب في ذلك هو أن عطف الجمهور هو لليمين، والملابسات السياسية اللحظية لن تغير ذلك في المستقبل القريب.

تستخدم استطلاعات الرأي العام التي تسعى الى توقع اذواق الجمهور متغيرات عديدة، ولكن اذا ما طلب منها تثبيت توقعاتها على متغير واحد فقط، فانها ستختار عناوين المستطلعين. فمكان السكن يشير الى مستوى الدخل، الذي يرتبط بمستوى التعليم، بحجم الاسرة وبالاصل الطائفي. ومثل ذلك، يمكن ان يتقرر بان المتغير الذي من خلاله يمكن أن نخمن باحتمالية عالية اذا كان الرأي العام يتوجه يمينا أو يسارا هو الايمان بالرب. فمدى التزمت، ابتداء من المعتقدات الهزيلة وحتى الالتزام بالفرائض بكل تفاصيلها، يتطابق والميول السياسية.

لقد أجرى الاستطلاع المعمق الاخير حول الايمان الديني كما أعرفه قبل ست سنوات، المعهد الاسرائيلي للديمقراطية، وتبين فيه أن 80 في المئة من اليهود يؤمنون بوجود الرب، 70 في المئة يؤمنون بان اليهود هم أبناء الشعب المختار و 69 في المئة يؤمنون بان التوراة والفرائض هي فرائض الرب. وباستثناء سنوات الهجرة الجماعية من الاتحاد السوفييتي يرتفع معدل المؤمنين باستمرار، واساسا بسبب وتيرة الولادة السريعة لدى الاصوليين ولدى المتدينين – القوميين، ولكن ايضا بسبب الميول الدينية الرقية التي تزايدت لدى العلمانيين.

في كل العالم، على الاقل في العالم الغربي وبالتأكيد في العالم الاسلامي ايضا، ترتبط المعتقدات الدينية بالميول المحافظة والقومية ايضا. اما عندنا فحدث ولا حرج، وذلك لان اليهودية هي دين قومي وبالتالي سياسي. سياسيته لم تتلطف حدتها في أعقاب السياقات التي اجتازها الغرب في الاربعمئة سنة الماضية، وتعززت مع الصهيونية – الحركة العلمانية التي تستثمر فيها اساسات اسطورية ودينية.

وقد أثرت الظروف على تعزز الميول الدينية. فالخصومة بيننا وبين امم الاسلام والاستثمار الهائل في المناطق المحتلة يتطلبان تفسيرا، وأكثر التفسيرات راحة هو كراهية عسوة ليعقوب والوعد الالهي. فقلة فقط بين المؤمنين يفسرون معتقداتهم بشكل يستوي مع الاعتدال السياسي. معظم المؤمنين يرون الامور ببساطتها: نحن نتفوق على الشعوب الاخرى التي تكرهنا، والاهمال في اداء الفرائض هو ضعف، لنا اعطيت البلاد وليس للاخرين نصيب فيها.

اما  اليسار، العلماني في أساسه، فلا يمكنه أن يوقف هذه الميول. يحتمل أنه كان ممكنا وقفها قبل الاوان، لو أن العلمانيين تميزوا بتلك الثقة بالنفس، بذاك الاستعداد للتضحية الذي تميز به خصومهم، ولو انهم قدروا كما ينبغي ضرورة الايمان الديني والخطر الذي يكمن فيه على نمط حياة وصورة الدولة. اما الان فقد بات متأخرا جدا. هزة أرضية وحدها ستغير الميل.

في استطلاعات عديدة يطلب من المستطلعين أن يصنفوا أنفسهم حسب التعريفات "اصولي"، "متدين"، "تقليدي" و"علماني"، وحسب هذا التصنيف فان اغلبية السكان لا يزالون تقليديين أو علمانيين، ولكن هذه التصنيفات سطحية ولا تتسلل الى اعماق النفس. فحقيقة هي ان الاجوبة على الاسئلة التي تقوم على المعتقدات الدينية، مثل الايمان ببقاء الروح او الايمان بكوننا الشعب المختار، تبين أن السكان هم أكثر تدينا بكثير من تصنيفهم لانفسهم. واختيار بطاقة واحدة للحزب هو ورقة الاختبار التي تكشف ما لا يتجرأ العلمانيون – الليبراليون على كشفه لانفسهم: لا مفر من انتصار اليمين الديني القومي، واليمين الذي هو علماني فهو ظاهرا فقط والتدين يترسب في معتقداته السياسية. أما الكفاح ضد هذه الكتلة فهو فعل بطولي، ولكن النتيجة مقررة سلفا.

المصدر | يرون لندن | يديعوت – مقال افتتاحي (ترجمة المصدر السياسي)

  كلمات مفتاحية

إسرائيل اليسار اليمين الميول الدينية المعتقدات القومية العلمانيون