استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

وداع رئيس الأركان في ظل مخاوف

الثلاثاء 10 فبراير 2015 04:02 ص

يبدو أن توزيع انتباه المستويين السياسي والأمني الأعلى في إسرائيل سيواصل التنقل، حتى الانتخابات وما بعدها، من الشمال إلى المناطق والعودة، على أمل أن لا ينزلق التوتر في أي من الجبهات إلى أي مواجهة أوسع. ولأكثر من أسبوع بعد موت قائد سرية ومقاتل من لواء جفعاتي في كمين صواريخ ضد المدرعات من جانب حزب الله، يبدو أن الشمال عاد، حاليا، إلى سكة أكثر هدوءا.

وقيل هذا الأسبوع في مشاورات لكبار المسؤولين في هيئة الأركان العامة أن التحدي بقي على حاله: كيف نبقي الصاروخ المضاد للدروع الذي أطلق أو العبوة التي انفجرت، في كل قاطع، في حدود سياقها.

من لحظة أن تقرر إسرائيل، وبالمقابل حزب الله أو حماس كل في قاطعه، خطوة هجومية، يأتي رد من الطرف المقابل. والحكمة هي فحص ما سيجري قبل الخطوة الثالثة والرابعة في السلسلة: هل بقيت نقطة خروج قبل التدهور نحو تصعيد شامل. ويبدو حاليا أنه في الحلبة الشمالية اختار الطرفان استخدام نقطة الخروج الأخيرة التي توفرت لهما قبل المواجهة. 

يقوم رئيس الأركان، بني غانتس، في الأسابيع الأخيرة بجولته الوداعية على وحدات الجيش الإسرائيلي قبيل انتهاء ولايته بعد حوالي أسبوع. ويجري الوداع والمراسم في مزاج بعيد عن أجواء نهاية الدورة المعروفة في انتهاء ولايات رؤساء الأركان السابقين. ستذكر ولاية غانتس بسبب حادث أمني هام واحد هو الحرب في قطاع غزة صيف 2014. وجولة الضربات في الشمال في الأسابيع الأخيرة كادت تجعل منه رئيس أركان حربين. والتجارب الشخصية لرئيس الأركان المنصرف ليست في قلب سلم الأولويات العسكري، لكن من الواضح أن الأيام الأخيرة لولاية غانتس ستبقي في ظلال الخشية من خطوة غير متوقعة من جانب حزب الله، إيران أو المنظمات الفلسطينية، لحظة قبيل تولي الجنرال غادي آيزنكوت منصبه. 

في هذه الأثناء قفز غانتس هذا الأسبوع في جولة إجمالية بين محطات جوهرية في ولايته: خطاب في مؤتمر لذكرى قائده، رئيس الأركان السابق أمنون شاحك، في مركز هرتسليا، ومراسم منح أوسمة للمقاتلين المتميزين في حرب غزة وافتتاح مدينة معسكرات التدريب، وقرية التأهيل العسكرية في النقب. وحافظ في تصريحاته العلنية على حذره. وبصعوبة بالغة تم انتزاع العنوان حول الحاجة للتقدم في الحلبة الفلسطينية ـــ الحلبة الأهم في نظره ـــ من خطابه في هرتسليا. بقي أيضا أن نرى إذا كان رئيس الأركان سيسمح لنفسه بلغة أشد تحررا في مقابلاته الوداعية في القنوات التلفزيونية والتي ستبث بعد أسبوع.

وبعد المراسم في النقب أمس الأول سافر وزير الدفاع موشي يعلون لقيادة الشمال، حيث انضم لزيارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وعدا الصورة التقليدية محاطا بالجنود (عادة محببة لدى السياسيين زمن الانتخابات)، سمع يعلون ونتنياهو من الضباط تقديرات بأن الوضع استقر نوعا ما.

ومع الاثنين تعلموا في إسرائيل التعامل باحترام مع خطابات الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله. وبحسم نسبة مئوية معينة من الخطابية والتهديدات الفارغة، يمكن أن نتعلم غير قليل من تصريحاته حول سياسة حزبه. ورغم محاولة نصر الله خلق توازن موهوم بين نتائج الهجمات من الطرفين ـــ جنرال إيراني وستة نشطاء من حزب الله قتلى مقابل قتيلين للجيش الإسرائيلي ـــ كثمن مصطنع، برزت في الخطاب خطط التنظيم اللاحقة: نصر الله يحاول أن يرسخ معادلة ردع واضحة فيها أن الرد آت، من سوريا أو مزارع شبعا (باقي الحدود اللبنانية ليست جزءا من ميدان لعب مقبول من الطرفين حاليا)، على كل عمل عسكري ينسبه حزب الله لإسرائيل في أراضي سوريا أو لبنان.

ولكن عدا تبادل الضربات الدورية، لا تزال ملموسة تأثيرات رواسب حرب لبنان الثانية. وخلافا للشكل الذي تعرضه إسرائيل وحزب الله، فإن الردع متبادل بصراحة. وحاليا تسعى إسرائيل وحزب الله لتجنب تكرار الدمار الذي خلفته الحرب الأخيرة، والمتوقع أن تكون في المرة المقبلة أشد خطورة، بسبب الارتفاع المسجل منذ ذلك الحين في قدرة الطرفين على إلحاق الأذى.

فقافلة كتيبة «صبار» من لواء جفعاتي أصيبت بإطلاق خمسة صواريخ كورنيت، من داخل جنوب لبنان. ويشير تحقيق الحادث إلى أن خلية حزب الله أطلقت الصواريخ تقريبا إلى حدها الأقصى، 5.5 كيلومترات. والضربة وقعت داخل إسرائيل، على طريق يخدم المدنيين من سكان الغجر. ولكن محاولة عرض حركة القافلة كاضطرار من ناحية عملياتية غير مقنعة.

والضباط والجنود من لواء جفعاتي، الذين صعد جزء منهم بسيارات مدنية (وبالتالي لم يكونوا موصولين بشبكات الاتصال العملياتية في المنطقة)، صعدوا إلى مزارع شبعا في دورية قيادة كجزء من الاستعداد للتبديل ولاستيعاب قوات إسناد في القاطع.

وبسبب أنه كانت لدى قيادة الشمال انذارات استخبارية باحتمال نصب كمين مضاد للدروع في مزارع شبعا، كجزء من خطوات رد حزب الله على مهاجمة قافلته في الجولان، يثار سؤال حول الضرورة العملياتية لقافلة جفعاتي. وعندما وصلت إنذارات مشابهة في أيام تواجد الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان (حتى انسحابه في أيار 2000)، دأب الجيش على تقليص تحركات آلياته في الطرق المهددة إلى الحد الأدنى، لتقليص انكشاف أهدافه للعدو ولإنهاكه بحثا عن ثأر. ويبدو أن هذه العبر، التي تعلمناها بالدم، سارية ويجب العودة للتأكيد عليها بعد سنوات من الهدوء النسبي في الشمال.

صحيح أن خط التماس في الدفاع قابل على الدوام للاختراق وأن عدوا كحزب الله سيجد على الدوام الثغرة في النهاية. ورغم ذلك كان بالوسع فهم تفاخر نصرالله في خطابه الجمعة الفائت، حول قدرة تنظيمه على الثأر من إسرائيل رغم الاستعداد المسبق لجيشها. فضرب القافلة العسكرية، أعاد التذكير بأن حزب الله عدو طموح ومؤهل.

وكما في زرع العبوات التي انفجرت في مزارع شبعا في تشرين الأول الفائت، عدد المصابين في الجانب الإسرائيلي كان فعلا ضئيل نسبيا (وحزب الله حضّر سلفا رد فعله في حلبة جانبية سبق له أن هاجم فيها)، لكن بدا في الحالتين أن المسافة لم تكن بعيدة عن وقوع خسائر أكبر للجيش الإسرائيلي. في وضع كهذا، تطلب الأمر قدرا أكبر من ضبط النفس لمنع تصعيد واسع.

وتقريبا بعد أسبوعين من اغتيال جهاد مغنية نشرت «واشنطن بوست» و «نيوزويك» تحقيقات واسعة حول موت والده، عماد، في ذلك الانفجار الغامض في دمشق. ولأول مرة تكشف التقارير الاغتيال كإخراج مشترك، إسرائيلي أميركي، لعبت فيها المخابرات المركزية دورا فاعلا جدا.

ورغم قرب المواعيد من قصف الجولان والأزمة الخطيرة في العلاقات الإسرائيلية الأميركية حول خطاب نتنياهو في الكونغرس، يبدو أن ليست هذه خلفية التسريب. فالصحف الأميركية جمعت معلومات طوال أسابيع عديدة، قبل الأحداث الأخيرة. ومن الجائز أن تفسير المنشور يكمن حاليا في رغبة المخابرات المركزية إظهار انجازات، بعد الإرباك الشديد الذي أصابها بعد التقرير الفتاك الذي نشرته لجنة في مجلس الشيوخ بشأن سياسة التعذيب بعد هجمات 11 أيلول.

كما أن النشر لا ينبغي أن ينعكس على العلاقات الأميركية الإيرانية، التي طرأ عليها مؤخرا تحسن نسبي. وفي المقالات عن اغتيال مغنية تم التشديد على الفيتو الذي فرضته أميركا على اقتراح اغتيال قائد فيلق القدس، الجنرال الإيراني قاسم سليماني مع مغنية الأب. ولكن جنرال إيراني آخر يعمل مساعدا لسليماني، قتل مع مغنية الابن في الجولان.

واستغل نتنياهو الزيارة مع يعلون في الجولان وجبل الشيخ للعودة لتحذير الأسرة الدولية من مغبة التوقيع على «اتفاق سيئ» مع طهران. وقال إن القوى العظمى تهرع لصفقة خطيرة تسمح لإيران التزود بسلاح نووي. وجاءت أقواله بعد وقت قصير من إعلان تفاؤلي للرئيس الإيراني، حسن روحاني، حول فرص الاتفاق.

وبحسب التقارير الأخيرة عن المحادثات، التي تستأنف هذا الاسبوع في فيينا، تبدو فعلا مرونة أخرى في الموقف الأميركي، يسمح للإيرانيين بالاحتفاظ بجزء من أجهزة الطرد المركزي. ومددت المفاوضات بين الطرفين حتى نهاية يونيو/حزيران، لكن تظهر إمكانية توقيع إعلان مبادئ في الشهر المقبل، قريبا من الموعد المقرر لخطاب نتنياهو في الكونغرس عن الخطر الإيراني، في إطار كبح ردود الفعل الإيرانية على اغتيال الجنرال في سوريا. ومع ذلك أثبتت طهران في الماضي أن ذاكرتها طويلة وصبرها يطول في تصفية الحسابات.

محظور التركيز على الجبهة الشمالية وأثرها في الشأن الإيراني (وبالعكس) أن ينسينا ما يجري في الحلبة الفلسطينية، التي تحذر الأحزاب من التلميح بها في حملاتها. والبطء المخيف في تدفق أموال إعادة إعمار غزة يزيد خطر أن تفلت حماس رسن خلايا الصواريخ، ولو بشكل رمزي.

كما أن الأزمة بين إسرائيل والسلطة في الضفة الغربية بعيدة عن الحل. وتجميد تحويل أموال الضرائب، كعقاب إسرائيلي على طلب الفلسطينيين الانضمام للمحكمة الجنائية يخلق أزمة حادة في الضفة. فقد تأخر دفع راوتب الموظفين وتقلصت وهذا قد يضر بالتنسيق الأمني ويضع حكومة إسرائيل المقبلة أمام خطر التورط في جبهة أخرى. 

 

المصدر | هآرتس العبرية | ترجمة المصدر السياسي

  كلمات مفتاحية

طهران سوريا لبنان المفاوضات بنيامين نتنياهو حسن روحاني حزب الله حسن نصرالله غزة