«و. بوست»: اعتقال «أم زبيدة».. النظام المصري يدشن حملة جديدة ضد حرية التعبير

السبت 3 مارس 2018 09:03 ص

تم القبض على الأم التي أغضبت السلطات المصرية باتهام الشرطة في تقرير إخباري أجنبي، بتعذيب ابنتها، كما أُمر باحتجازها يوم الجمعة، في الوقت ذاته الذي اختفى فيه محامي حقوق الإنسان الذي ذكر احتجاز الأم لأول مرة بشكل علني.

وأمرت النيابة العامة باحتجاز «مني محمود محمد» - المعروفة باسم «أم زبيدة» - لمدة 15 يوماً للتحقيق في تصريحاتها التي أدلت بها لـ«بي بي سي» وقد تناول التقرير، الذي نشر على الإنترنت والتلفزيون منذ أسبوع مضى، التعذيب والاختفاء القسري في عهد الرئيس «عبد الفتاح السيسي».

اتهام بنشر أخبار كاذبة

وتعد هذه التحركات هي الحلقة الأخيرة في الاعتداء المصري المستمر على حرية التعبير ووسائل الإعلام، والتي ركزت مؤخراً على الصحفيين الأجانب وأولئك الذين يعملون معهم، وكلاهما يتم التنديد به باستمرار في وسائل الإعلام المملوكة للدولة ووسائل الإعلام الخاصة.

وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية التي تديرها الدولة أن «أم زبيدة» تواجه مجموعة من الاتهامات، من بينها نشر أخبار كاذبة بنية الإضرار بالمصلحة الوطنية، بالإضافة إلى الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تصنفها مصر على أنها منظمة إرهابية.

اختفاء المحامي

وفي الوقت ذاته، اختفى المحامي «عزت غنيم» من التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، في طريق عودته إلى بيته مساء الخميس، والذي كان أول شخص يبلغ عن القبض على «أم زبيدة» يوم الأربعاء، وانتقد تعامل السلطات مع ابنتها علنا.

وقال أحمد العطار الذي ينتمي للتنسيقية التي بدأت حملة على الإنترنت للحصول على معلومات عن المحامي المختفي أن «أحداً لم يره أو يسمع به منذ ذلك الحين»، وقد دعم غنيم طويلاً ضحايا تعذيب الشرطة والمختفين وعائلاتهم في مصر.

كانت المجموعة التي ينتمي لها العطار قد تابعت قضية «زبيدة»، وساعدت أمها في رفع شكوى إلى الشرطة عندما فقدت، وقد قال أنه من العار أن يختفي «غنيم»، لأن كل ما كان يفعله هو مساعدة المصريين على فهم حقوقهم القانونية.

تقرير مثير للجدل

جوهر هذه المسألة هو تقرير شبكة بي بي سي، الذي تضمن مقابلات مع ناشطين وأفراد آخرين يصفون انتهاكات الشرطة، وقد هيمن هذا التقرير على وسائل الإعلام المصرية في الأيام الأخيرة، ووصفه المعلقون الموالون للحكومة بأنه محاولة لتشويه سمعة البلاد.

وفي التقرير - الذي تمت عنونته باسم «مصر في الظل» - زعمت «أم زبيدة» أن السلطات قامت بتعذيب واغتصاب ابنتها في الاحتجاز، ثم أطلقتها وقبضت عليها ثانية بعد سنة، واحتجزتها بمعزل عن العالم الخارجي منذ ذلك الحين.

بعد بث التقريرالوثائقي، ظهرت الابنة بسرعة على وسائل إعلام موالية للحكومة وقالت إنها كانت حرة ولم تكن على اتصال بوالدتها لأسباب شخصية غير مبررة، وقالت الأم بعدها لوسائل إعلام معارضة في الخارج، أنها تعتقد أن الابنة تحدثت تحت الضغط.

وقالت بي بي سي في تقريرها أنها أعطت السلطات المصرية وقتا كافيا للرد على الادعاءات لكنها قوبلت بجدار من الصمت، ونادرا ما تعلق السلطات المصرية عندما يتصل بها الصحفيون، بالرغم من أن موقفهم الرسمي هو أن التعذيب ليس منهجيا.

غير أن المجموعات الحقوقية والأطباء الذين يتابعون هذه الحالات، يقولون خلاف ذلك.

يُذكر أن «غنيم» قد نشر على الإنترنت شكوكه حول المقابلة مع الابنة، قائلاً إنه بدا من غير المقنع أن الأم لم تجد ابنتها بمساعدة المحامين الحقوقيين لعدة أشهر، ثم تظهر فجأة عندما يصبح من الملائم أن تدعم السرد الرسمي الخاص ببراءة الشرطة.

حرب على الإعلام

نادت السلطات منذ ذلك الحين بمقاطعة بي بي سي، في الوقت الذي قام فيه رئيس النيابة بتوجيه أوامر لموظفيه بالتحرك ضد المنصات الإعلامية التي «تضر بالمصالح الوطنية»، كما صرح «السيسي» نفسه قائلا إن التشهير بقوات الأمن في البلاد هيعد «خيانة عظمى».

حتى إن النائب العام المصري ذهب لأبعد من ذلك عندما استشهد بكلمة «قوى الشر»، وهي أحد عبارات «السيسي» المميزة، في بيانه حول وسائل الإعلام، قائلاً أنهم كانوا يحاولون «تقويض أمن وسلامة الأمة من خلال بث ونشر الأكاذيب والأخبار الكاذبة».

وقد سجن الآلاف من الناس منذ وصول «السيسي» إلى السلطة في عام 2013، عندما أطاح الجيش تحت قيادته بسلفه الإسلامي المنتخب، وتقدر بعض المجموعات عدد المعتقلين السياسيين بـ60 ألفا.

ويتم الهيمنة على وسائل الإعلام المصرية من قبل منصات موالية للحكومة تشيطن المعارضة، في الوقت الذي يتم فيه إسكات الأصوات المنتقدة وقد قامت السلطات بحجب 500 موقع مستقل منذ السنة الماضية، كما يقدر عدد الصحفيين المعتقلين حاليا بـ20 صحفيا.

في أواخر الشهر الماضي، ناشدت مجموعات حقوقية دولية الحكومة لتوفير معلومات حول ثلاثة صحفيين مصريين آخرين قالت إنهم قد اختفوا قسريا وهم «معتز ودنان» الذي أوقف في ضواحي القاهرة في 16 فبراير/شباط، و«مصطفى الأعصر» و«حسن البنا»، اللذين أحيلا لنيابة أمن الدولة بعد أسبوعين من اختفائهما في 4 فبراير/شباط أثناء طريقهما للذهاب إلى العمل في القاهرة.

حمّى القمع

وقد وصل القمع إلى درجة من الحمى في الأسابيع الأخيرة، تلك التي تسبق الانتخابات التي تحل في وقت لاحق هذا الشهر، والتي يواجه فيها «السيسي» رجلاً غير مشهور معروف بولائه له.

أما المنافسون الآخرون كلهم الذين حاولوا منافسته، فقد تم القبض عليهم أو ترهيبهم من الدخول في السباق.

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

مصر الاختفاء القسري أم زبيدة بي بي سي