لماذا تتماثل جوقة التهليل لجولات بن سلمان الخارجية؟

الأربعاء 7 مارس 2018 03:03 ص

يتابع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سلسلة جولات خارجية، بدأها من مصر ويستأنفها اليوم في بريطانيا ثم فرنسا فالولايات المتحدة، وهذه هي المرة الأولى التي يغادر فيها المملكة منذ تنصيبه خلفاً لابن عمه محمد بن نايف في انقلاب قصر أبيض شهد تجريد بعض كبار الأمراء من مناصبهم واحتجاز بعضهم في معتقل فندق كارلتون الشهير.

وإذا لم يكن مستغرباً أن يعامل بن سلمان كرئيس دولة في مصر، فيرافقه الطيران الحربي عند دخوله الأجواء المصرية ويستقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عند سلم الطائرة، فإن المستغرب أن يجد ولي العهد السعودي معاملة رفيعة مشابهة في ديمقراطية عريقة مثل بريطانيا، وتكون على جدول أعماله زيارة قصر وندسور والعشاء على مائدة الملكة.

العجب يزول سريعاً مع ذلك إذا اتضح السبب الأبرز وراء هذا الاحتفاء، ومقدار ما سيتمخض عن الزيارة من عقود دسمة أبرزها مشتريات الأسلحة، وذلك بالرغم من استطلاعات الرأي الراهنة التي تشير إلى أن ثلثي البريطانيين يعارضون تزويد السعودية بالسلاح.

كذلك ليس من المستغرب أن يكون دعاة إبرام هذه العقود هم وحدهم الذين يهللون لزيارة بن سلمان، كما يفعل وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون حين يربط بين الزيارة و«عشرات آلاف الوظائف البريطانية التي تعتمد على الصادرات إلى السعودية».

وهنا لا يفوت الوزير العتيد أن يذكّر باجتماع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل مع الملك عبد العزيز بن سعود في واحة الفيوم المصرية قبل 73 سنة، وكيف شرب كوباً من ماء زمزم فاعتبره ألذ ما احتسى في حياته! ولقد تناسى جونسون أن تشرشل كان من دعاة استخدام الأسلحة الكيميائية ضد «البدو العرب»، من باب اختبار أحدث منجزات التاج البريطاني في ميدان العلوم العسكرية.

لكن بن سلمان يصل إلى بريطانيا في موعد جرى تأجيله على خلفية العداء الشديد للزيارة، الذي تجلى في معظم تقارير منظمات حقوق الإنسان حول الانتهاكات الفظيعة التي تمارسها السعودية في اليمن بقيادة بن سلمان شخصياً، من موقعه كولي للعهد ووزير للدفاع والمهندس الأول لمشروع التدخل العسكري السعودي في ذلك البلد.

صحيح أن المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أعلن أنها سوف تثير مع بن سلمان «مخاوف بريطانيا إزاء الوضع الإنساني في اليمن»، ولكنها من جانب آخر سوف «تسلم بالخطوات التي اتخذتها السعودية في الآونة الأخيرة للتعامل مع الأزمة»، وهذا لا يعني مباركة الانتهاكات فقط، بل التواطؤ فيها من خلال توقيع المزيد من عقود السلاح التي تجاوزت 6.2 مليار جنيه إسترليني خلال العام 2016 وحده.

هكذا فإن جوقة التهليل لزيارة بن سلمان إلى بريطانيا تتألف أولاً من أنصار سوق الأسهم وتجار العقود الفلكية، الذين لا تفوتهم تغطية أطماعهم عن طريق إطناب «روح الإصلاح» لدى هذا المتعاقد الباذخ، وامتداح ما يفعله في بلده لتوطيد «الإسلام المعتدل» وتحرير النساء ودور السينما، والتعاون الوثيق مع الاستخبارات الغربية في مكافحة «الإرهاب».

والأرجح أن هذه الجوقة سوف تجد مثيلات مطابقة لها في فرنسا والولايات المتحدة، واينما حل صاحب المليارات وارتحل، فالتجارة لا جنسية لها ولا رادع ولا خلق.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السعودية جولات محمد بن سلمان التدخل العسكري السعودي اليمن بريطانيا مكافحة الإرهاب