زوجة «مرسي» .. 40 عاما من «تحمل المسؤولية» في صمت

الخميس 8 مارس 2018 08:03 ص

في نوفمبر/تشرين الثاني 1978، كانت اللحظة الأولى الرسمية لعقد قرانها على هذا الشاب المصري التي لم تكن تدرك بعد إنه سيكون حديث بلادها ومفترق طرق لحياة كانت تكتب خطاها وهي تسير فوق أشواك أزمات لنحو 40 عاما.

«نجلاء على محمود» (56 عاما)، التي تغزل نحو 4 عقود من عمرها بين غربة مع زوجها الشاب «محمد مرسي»، الذي كان في منحة تعليمية بالولايات المتحدة، وكان رسول الزواج آنذاك صلة قرابة ليست بعيدة.

لم تسلم من الغربة وعادت لوطنها مصر، وعاشت تجربة أخرى بين مسؤولية أسرية صارت فيها منفردة أحيانا كثيرة مع توقيف زوجها الذي كان يعرف بانتمائه لـ«جماعة الإخوان المسلمين»، أو توقيف أبناء لها في تسعينيات القرن الماضي، إثر مواقف لهم معارضة لنظام الرئيس الأسبق «حسني مبارك».

وتأتي ثورة يناير/كانون الثاني 2011 عليها لتكتب لها فصولا أخرى في قصة تحمل مسؤولية بيتها وأبناءها كأم مصرية، وفي الوقت ذاته تسعى خلف زوجها داعمة إياه في مؤتمرات تخاطب جماهير تحشد لفوز زوجها بأول استحقاق رئاسي آنذاك.

وبعد فوز زوجها في 2013، كأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا بمصر، بدت كما هي الأم المصرية التي تنأى بنفسها عن لقب سيدة مصر الأولى، وتحاول أن تبقى بعيدا عن أضواء الإعلام أحيانا كثيرة، في ظل هجمات إعلامية ضارية شهدها الزوج.

مسؤولية جديدة

لم يمر عاما إلا وعادت إلى أدراج مهمتها في مواجهة الأزمات؛ فزوجها أطيح به من منصبه الرئاسي عبر انقلاب عسكري، لكنها لم تتوقف وساندت حقه وهو بعيد عن ناظريها، وبقيت ترعى الأبناء والأحفاد.

ومنذ ذلك العام ولنحو 5 سنوات، فرضت على نفسها، أجواء من التحمل كحال عمرها في عقودها الأربعة، تزور زوجها في محبسه مرتين في الأعوام الخمسة، لا أكثر من ذلك ولا أقل.

تسمع الزوجة «نجلاء محمود»، أحكام متفرقة تلاحق زوجها في قضايا ترفض وقائعها وسياقاتها مؤمنة بزوجها تكتب له عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي عادة ما يشجعه على ما تعتبره «ثبات على المبادئ».

لا ترد تلك السيدة التي لها من أنصار زوجها الكثير، وفق تفاعلات مع تدويناتها، على أي اتهامات يرددها مؤيدون للنظام حول الأفكار والتوجهات؛ فعادة تتوارى خلف صمت ومشاركات اجتماعية واسعة لأنصار زوجها.

تتلقى «نجلاء»، حبس نجلها الأصغر «عبدالله» عاما، ثم توقيف نجلها «أسامة» الأبرز إعلاميا، وحبسه على ذمة قضية متداولة بمحكمة مصرية، ولا يعرف لها رأيا يسلم بالأمر الواقع ويستسلم لوقائعه.

إذ عادة ما ترفض ما يتردد بحق ذويها من اتهامات، رغم ما تسير عليه من أشواك زرعت في طريق زوجها أول رئيس مدني بالبلاد.

غاب عنها الزوج «محمد مرسي» إثر أزمات تتعلق بوضعه كسياسي معارض ينتمي لـ«جماعة الإخوان» أو رئيسا يرفض قرار الإطاحة بشرعيته، لكن القدر منحها في حياتها اثنين من الأحفاد يحملان الاسم ذاته «محمد مرسي»، أطلقهما نجليها «أسامة» و«أحمد» تخليدا لذكري والدهما.

بعيدا عن الأضواء

ربما من يطالع صورها في أحداث بين جماهير مؤيدة لزوجها وحفل شهير لزواج ابنها، يرى وجها خطته متاعب الزمن وأزمات الحياة، ربما يقلل من حدتها ابتسامات متقطعة لزوجة تبدو تعافر مع غيب تتمنى منه أن يعود فيها زوجها وتستقر حياتها، ومبادئ ربما تكشف عن قناعاتها التي تؤمن أحيانا كثيرة أن الدعاء مفتاح الفرج.

الدعاء والرجاء لا ينقطعان عنها في لحظة تذكرها يوم ميلاد زوجها المحبوس حاليا فتقول في تدوينة بصفحتها على «فيسبوك»: «كل عام وكل شهر وكل أسبوع وكل يوم وكل ساعة ثم دقيقة ثم ثانية وأنت في أحسن صحة وأسعد حال أشهد الله أنك كنت لي نعم الزوج والمعلم والأخ».

وتضيف: «أدامك الله عزيزاً قوياً شامخاً، وفك أسرك سيدي، والله اشتقنا إليك كثيراً، ولكن بفضل الله لم نفتقدك لأنك دائماً حاضر بيننا، وسيتم الله فضله ويردك إلينا قريباً هذا يقيني».

وبالدعاء أيضا تصبر نفسها في غياب نجلها «أسامة»، قائلا في تدوينة أخرى: «كل عام وأنت أسد وبطل وصابر وثابت وراضي، ربي يحفظك يا قرة عيني، ويجمعنا بك، ويلم شملك بأسرتك الصغيرة التي أكرمها الله باقتران اسمها باسمك».

بعيدا عن السياسة وأزماتها، يرى مصدر مقرب من «نجلاء محمود»، أنها مثال لوالدة وزوجة لم تتبرم من أحوالها، ولم تشك لمجتمعها همها وحزنها رغم ما تمر به من أيام قاسية لم ترحمها من مصاعب طيلة عقود أربعة، مثل توقيف زوجها، وما تره من حملات ضد أسرتها لم تحدث لزوجة رئيس من قبل.

وتحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للمرأة، في يوم 8 مارس/آذار من كل عام، غير أن البلاد تحتفل يوم 16 مارس/آذار سنويا بـ«يوم المرأة المصرية»، يلحقها احتفالات شهيرة بعيد الأمومة في 21 مارس/آذار من كل عام.

ورغم قلة حوارات زوجة «مرسي»، التي أقل من أصابع اليد الواحدة، إلا أن المصدر ذاته في حديث لـ«الأناضول»، يراها أكثر اجتماعية في أوساط عديدة في محيطها، ويضع صمتها على الاتهامات التي تواجه أسرتها في خانة أنها «تترفع عن ذلك».

إذ يرى أن «نجلاء» لديها ما هو أهم وأكبر؛ فهي تقود أسرة تحرص على أن تحافظ عليها في وقت تلعب فيها دور الأم والأب معا لأبنائها الخمسة والجد والجدة لأحفادها، فضلا عن أن نشاطها الأكبر وسط التواجد في المجتمع.

ولا يدرى كثيرون بمصر، ماذا سينتهي الحال بأسرة «مرسي»، غير أن «نجلاء» الزوجة والأم كما يقول المصدر المقرب، تراها ستكون أفضل وإن زادت تحملا وزادت وتيرة الحملات ضدها، وتذهب إلى أبعد من ذلك إلى يقينها أن الأمور ستؤول مرة أخرى ويجتمع شمل الأسرة وتظهر حقيقة ما «كيد» لأسرة في نحو سنوات عجاف تأمل أن يكون سمانا عما قريب.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

مصر نجلاء على محمود محمد مرسي