الحكومة العراقية تحكم قبضتها على الإعلام بمزيد من الإنتهاكات

السبت 5 يوليو 2014 12:07 م

هيومن رايتس ووتش

تتسم التوجيهات الإعلامية الجديدة في العراق بالإبهام لدرجة أنه فتح الباب واسعا للإنتهاكات، وتتضمن التوجيهات تقييدا لحرية الصحافة دون مبرر، بما في ذلك اشتراط التغطية التي تتبنى رؤية الحكومة، حيث أصدرت هيئة الإعلام والإتصالات التي تتبع الحكومة خطوطا إرشادية لتنظيم الإعلام أثناء الحرب على الإرهاب، مطالبة بتجنب نشر معلومات عن قوات المتمردين وتلتزم بتغطية أنباء القوات الحكومية بشكل إيجابى.

وقال «جو ستورك»، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «تبدو التوجيهات الجديدة لحكومة العراق وكأنها ترغم وسائل الإعلام على التوقف عن التغطية والتحول إلى ملحق حكومي للعلاقات العامة»، مشيرا أنها «محاولة لمنع إنتقاد الحكومة إسكات للنقاش»

وقد تحدث عاملون بمنافذ إعلامية عراقية مستقلة لـ«هيومن رايتس ووتش» عن ضغوط تشمل التهديد بسحب الترخيص، من هيئة الإعلام والإتصالات ومسؤولين حكوميين، بسبب تغطياتهم الإنتقادية.

وقالت «هيومن رايتس ووتش» إن بعض المنافذ الإعلامية العراقية معروفة بإثارة الجدل الطائفي، بما فيه التحريض على العنف، لكن هذه القيود الأخيرة تتجاوز ما يسمح به القانون الدولي في حالات الطوارئ، فتعمل دون مسوغ على حماية الحكومة، ويبدو أنها تطبق على نحو تعسفي، حيث لم تستهدف أي قنوات موالية للحكومة.

وقد أجاز قانون السلامة الوطنية الذي أعلنه رئيس الوزراء نوري المالكي في 16 يونيو/حزيران، للحكومة تقييد وسائل الإعلام، فالمادة 8 فقرة 11 من إعلان الطوارئ تلزم جميع وسائل الإعلام بتقديم كافة موادها للمراجعة قبل النشر أو البث، إلا أن «هيومن رايتس ووتش» لم تستطع التحقق من مدى إنفاذ هذا الشرط.

أما مدى قيام الحكومة بمراقبة مراسلات الصحفيين وغيرهم فهو غير معروف، لكن صحفيين عراقيين قالوا لـ«هيومن رايتس ووتش» إنهم اعتادوا عدم التحدث في مسائل حساسة على الهاتف أو الإنترنت.

وفى ذات السياق، أرسل مدير هيئة الإعلام والاتصالات الدكتور «صفاء الدين ربيع» أثناء اشتباكات حكومية مع جماعات سنية مسلحة بمحافظة الأنبار رسالة إلى كافة وسائل الإعلام تنطوي على تهديد لتلك المنافذ التي تؤيد الجماعات الإرهابية عبر وسائل الإعلام بنشر عمليات تلك الجماعات، محذرا من عدم احترام القواعد.

وأرسلت الهيئة خطابا إلى منفذ إعلامي نشر تغطية انتقادية للحكومة ولم يشأ الكشف عن اسمه مخافة التنكيل. وورد في الخطاب: «برامجكم تهدد الأمن القومي ومن ثم وجب عليكم الحذر. إذا تكرر مثل هذه البرامج فسوف يتم سحب الترخيص».

وقالت الهيئة المنظمة للبث الإعلامي في مصر، الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أنها حظرت بث قناتين تلفزيونيتين عراقيتين تبثان من القاهرة، هما «البغدادية» و«الرافدين»، على النظام الفضائي المصري الرئيسي، النايلسات، بعد تلقي مسؤولين مصريين لشكاوى من بغداد بشأن ما تبثه القناتان.

وقال «زياد العجيلي» المدير التنفيذي لمرصد حرية الصحافة لـ«هيومن رايتس ووتش»:  «إن «الرافدين» معروفة بتوجهها المتشدد الموالي للسنة، وكانت دائما تحرض على العنف داخل العراق»، وحول قناة «البغدادية» أضاف «العجيلي» أنها تبث تقارير استقصائية تنتقد الحكومة في كثير من الأحيان، ولم يعرف عنها الدعوة إلى العنف، بحسب قوله.

وقال أحد أفراد طاقم «البغدادية» لـ«هيومن رايتس ووتش» إن حوالي 16 من رجال الشرطة حضروا إلى مكتب القناة في بغداد في 20 يونيو/حزيران الماضي، واعتدوا بالضرب المبرح على اثنين من الحراس واضطرا لدخول المستشفى، ثم قاموا بمصادرة بعض معدات القناة.

وتابع موظف «البغدادية»: حاولنا الاتصال بوزارات مختلفة وبهيئة الإعلام لحل المشكلة، لكنهم رفضوا مجرد الالتقاء بنا».

كما اتخذت الحكومة العراقية خطوات لإغلاق بعض المواقع الإلكترونية الإخبارية والاجتماعية، وفي بعض الأماكن حاولت قطع الإنترنت بالكامل ،حيث قامت شركة الإتصالات والبريد المملوكة للدولة بحجب بعض مواقع التواصل الإجتماعي ،بما فيها «فيسبوك» و«تويتر» و«سكايب» و«يوتيوب».

ولم تتخذ الحكومة أي إجراء معروف بحق المنافذ الإعلامية المؤيدة للحكومة أو للمليشيات الشيعية، مثل قناة «الإتجاه» التابعة لمليشيا كتائب حزب الله، وقناة «العهد» التابعة لمليشيا عصائب أهل الحق.

أما قناة العراقية التلفزيونية التي تديرها الدولة فكثيرا ما تبث اعترافات ممن تطلق عليهم إرهابيين مقبوض عليهم، قبل مثولهم أمام قاض فيما يبدو، وقد قررت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن على وسائل الإعلام تجنب التغطية التي تقوض افتراض البراءة.

ولم تسلم وسائل الإعلام العالمية فقد تم استهدافها هي الأخرين،  ففي 12 يونيو/حزيران الماضي قالت قناة العربية أن الحكومة العراقية هددت بإغلاق مكتبها في بغداد ومنع مراسليها، هي والقناة الشقيقة «العربية الحدث»، من العمل في البلاد.

وقال «عبدالرحمن الراشد» المدير العام للعربية: «يريد المالكي معاقبة العربية كما فعل عند إغلاق عدد كبير من الصحف والقنوات التلفزيونية في الأعوام القليلة الماضية لمجرد أن تلك المنافذ الإعلامية انتقدت سياساته».

وفي 19 يونيو/حزيران الماضي قام مسؤول من وزارة النفط، على قناة العراقية التي تديرها الدولة، بتهديد وكالات الأنباء الدولية على نشر ما زعم أنه معلومات مضللة بشأن القتال عند مصفاة النفط في «بيجي».

وقد وثقت «هيومن رايتس ووتش» فيما سبق قيام الحكومة باعتقال وملاحقة صحفيين نشروا تقارير عن فساد الحكومة أو انتهاكاتها.

  كلمات مفتاحية