رئاسيات مصر 2018.. انتخابات على الورق فقط

الاثنين 12 مارس 2018 04:03 ص

انتخابات بلا «مسرح».. بلا «مناظرات».. بلا «مؤتمرات».. بلا «حملات انتخابية».. هذه هي حال رئاسيات مصر المقررة الشهر الجاري، والتي لا تجد أي صدى في الشارع، في ظل عدم وجود مرشحين فيها سوى الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي»، وسياسي مغمور يدعى «موسى مصطفى» خاض الانتخابات كمحلل لها.

الحياة في مصر، حسب مشاهدات «الخليج الجديد»، تسير بشكل روتيني، متجاهلة الانتخابات، التي سيبدأ تصويت المصريين بالخارج فيها الجمعة المقبل.

انتخابات على الورق فقط، لا حديث في وسائل الإعلام عنها، ولا مؤتمرات، ولا جولات لمرشحين، ولا مناظرات، فقط «دعاية على ورق» (لافتات وبنرات) من طرف واحد «السيسي».

الإعلامي المصري المقرب من النظام «عمرو أديب»، علق على هذا الهدوء بالقول: «لا أحد يستشعر أي شيء، وبقى أيام (على الانتخابات)، غير أن هناك صورا (لافتات) في الشوارع فقط».

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات من 16 إلى 18 مارس/آذار الجاري، بالخارج، وفي الداخل من 26 إلى 28 من الشهر نفسه، على أن تعلن النتيجة في 2 أبريل/نيسان المقبل.

استفتاء لا انتخابات

«كنت سأنتخب السيسي»، هكذا صرح منافسه في الانتخابات، بعد إعلانه الترشح، الذي جاء تحت ضغوط من جهات سيادية، في محاولة لإنقاذ رئاسيات مصر، بعد خلو السباق من أي مرشح ضد الرئيس الحالي.

المرشح ذاته، اعترف بذلك، حين قال لصحيفة «الأهرام» (حكومية)، إنه ترشح خوفا من مؤامرة تحاك ضد الدولة المصرية وضد «السيسي»، قبل أن يضيف «لا يدعمني أحد».

وسبق أن تصدرت صور وفيديوهات تأييد «السيسي» الصفحة الرسمية لـ«موسى»، على «فيسبوك»، قبل أن يقوم بحذفها لاحقا بعد إعلان ترشحه للسباق الرئاسي.

وقدم «موسى» (66 عاما)، أوراق ترشحه في اللحظات الأخيرة، قبل دقائق من إغلاق باب الترشح، في خطوة اعتبرها معارضون «ديكورية» لتحسين مظهر انتخابات محسومة النتائج.

وحسب المراقبين، فإن «موسى»، مرشح ديكوري لانتخابات باتت مضمونة لـ«السيسي»؛ بعدما أطاح تباعا بمنافسين رئيسيين أعلنوا نيتهم الترشح، رغم التراجع الكبير في شعبيته.

فتراجع رئيس الوزراء المصري الأسبق «أحمد شفيق» عن الترشح، بعدما تعرض لضغوط كبيرة، وتهديدات بفتح ملفات وقضايا قديمة له.

فيما اعتقل رئيس الأركان الأسبق الفريق «سامي عنان»، بدعوى مخالفته الأنظمة العسكرية، وإعلانه الترشح بالمخالفة للقانون، كما اعتقل العقيد «أحمد قنصوة» لذات السبب.

وأعلن الحقوقي «خالد علي»، والبرلماني «محمد أنور السادات»، تراجعهما عن الترشح، على إثر تهديدات وتضييقات تعرضا لها.

وبلغت نسبة المشاركة، عام 2012، في أول انتخابات رئاسية عقب ثورة يناير/كانون الثاني 2011، والتي جرت على جولتين حوالي 52% من الناخبين، وفاز فيها «محمد مرسي»، قبل أن ينقلب عليه الجيش بقيادة «السيسي».

وتولى بعدها «السيسي» الرئاسة، في 8 يونيو/حزيران 2014، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية بعد الانقلاب، انخفضت فيها نسبة المشاركة إلى نحو 47% بحسب الأرقام الرسمية التي شكك فيها المراقبون خاصة بعد أن ظهرت اللجان فارغة على كافة الفضائيات المصرية.

وفاز «السيسي» بـ96.9% من الأصوات، في حين نال منافسه «حمدين صباحي»، الذي اعتربه مراقبون أنه ترشح ليكون ديكورا على 1.4%، وحلت الأصوات الباطلة في المركز الثاني بنسبة 1.7%

«الأهلي» أهم

وأمام هذا الغياب من المرشحين، غاب الزخم حول الانتخابات، على شاشات الفضائيات، وصفحات الصحف المصرية، من قبيل غياب الحديث عن برامج المرشحين والمناظرات بينهما.

وبالعودة إلى الإعلامي «أديب»، فقد قال في برنامجه على فضائية خاصة قبل أيام: «لا إذاعة، لا أحد يتكلم حتى بمجرد عدم الذهاب (..) وكان هناك اهتمام أكبر بمباراة الأهلي»، في إشارة إلى مباراة ناديي الأهلي المصري، ومونانا الجابوني في إستاد القاهرة، الأسبوع الماضي.

وأضاف: «أنا أعلم أننا سنتكلم عن الانتخابات قبلها بيومين أو يوم الاقتراع ذاتها، أنا لا أتكلم هنا عن المنافسة أو حملات التأييد والمناظرة، أنا أتكلم عن نزول المصريين في الانتخابات».

ورأى أن «هناك أطرافا (لم يحددها) سعيدة بهذا الهدوء».

حديث «أديب»، جاء بعد تقرير لصحيفة «هاف بوست عربي»، كشف فيه أن العديد من الشعب المصري لا يعرفون على وجه التحديد موعد الانتخابات الرئاسية. (طالع المزيد)

صوت المقاطعة أعلى

وأمام خفوت صوت الانتخابات، ارتفع صوت مقاطعتها، فأصدر أكثر من 300 شخص يشكلون طيفًا واسعًا من التيارات والتوجهات السياسية، من داخل مصر، وبينهم مرشحون سابقون وآخرون انسحبوا من السباق -بيانا دعوا فيه الشعب المصري إلى مقاطعة الانتخابات، و«عدم الاعتراف بأي مما ينتج عنها، ليس فقط لانتفاء فكرة المنافسة الانتخابية بل قلقًا من هذه السياسة التي تمهد بشكل واضح لتغيير الدستور بفتح مدد الرئاسة، والقضاء على أي فرصة للتداول السلمي للسلطة».

واتهم الموقعون على البيان النظام السياسي بـ«محاولة إفراغ الساحة من كل المرشحين»، لتأمين ولاية ثانية لـ«السيسي».

كما أصدرت جماعة «الإخوان المسلمون» بيانا، دعت فيه إلى مقاطعة الانتخابات.

وتحظى دعوات المقاطعة بزخم في الشارع المصري، وسط حملة قمعية من السلطات ضد الداعين للمقاطعة، باعتقال رئيس حزب «مصر القوية» المرشح الرئاسي السابق «عبدالمنعم أبوالفتوح»، وتهديد آخرين.

في الوقت الذي تقدم فيه محامون موالون للنظام ببلاغات ضد السياسيين المعارضين، يطالب بإحالتهم للمحاكمة الجنائية العاجلة، بدعوى قلب نظام الحكم.

ويقول معارضون إن المناخ العام في مصر لا يسمح بإجراء انتخابات رئاسية نزيهة، في ظل الحشد الإعلامي والحكومي لصالح «السيسي»، والتخوين لكل من يعارضه، فضلًا عن تراجع الحريات، بينما تقول السلطات إنها ملتزمة بتكافؤ الفرص وضمان الحريات.

وتعاني مصر في عهد «السيسي»، وضعا اقتصاديا مترديا وارتفاعا كبيرا في الأسعار، وندرة في بعض السلع الاستراتيجية، كما تهاوى الجنيه المصري أمام الدولار، فضلا عن أزمة في قطاع السياحة، وتراجع في تحويلات المصريين بالخارج، وتنامي مؤشرات الفساد وقضايا الرشوة.

ولم تفلح الحكومات المصرية المتعاقبة، منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، في تحسين مستوى معيشة المصريين وحل الأزمات المجتمعية المتراكمة وأبرزها البطالة والفقر، رغم الخطط والإجراءات المتعددة التي أعلن عنها النظام المصري في هذا الإطار.

كما تعاني البلاد في ظل حكم «السيسي»، احتقانا سياسيا، وتزايدا في عمليات الاعتقالات والقتل على يد الشرطة خارج إطار القانون، وإجراءات قمعية ضد معارضي السلطة، وفرض قيود على حرية الرأي والتعبير.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

رئاسيات مصر انتخابات السيسي رئاسيات مصر 2018 استفتاء