«واشنطن بوست»: «السيسي» يحكم قبضته على مصر

الاثنين 12 مارس 2018 07:03 ص

قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، إن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» «من أجل ضمان انتصاره الشخصي، يحكم قبضته على مصر بطرق لم يسبق لها مثيل من غيره من الرؤساء السابقين».

وأضافت أن العديد من المصريين يرون أن «حملة السيسي» تعد أحدث علامة على ما يسميه المنتقدون بالمسرحية الهزلية التي تحدث قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في أواخر الشهر الجاري مارس/آذار.

وتابعت: «في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، شاب الانتخابات أمور كتزوير أصوات الناخبين، وملء بطاقات الاقتراع، وغيرها من المخالفات، لكن في ظل وجود معارضة ذات مصداقيةٍ، رغم ذلك، قدمت مرشحين، وأصبح الإخوان المسلمون أكبر كتلة برلمانية معارضة في البلاد في وقته».

وأوضحت: «هو الأمر الذي مهَّد الطريق أمام صعود الإخوان، عقب انتفاضة الربيع العربي في عام 2011، التي أطاحت بمبارك. وبعد عامٍ، جرى انتخاب مرشح الحزب، محمد مرسي، باعتباره أول رئيس مدني في مصر، وسعى إلى نزع فتيل سلطة الجيش، ولكن، في عام 2013، أطاح الجيش، بقيادة السيسي آنذاك، بمرسي وسجنه بعد انقلاب عسكري».

ويرى محللون أن «هذا التاريخ الحديث وراء استبداد السيسي المتزايد؛ إذ يعتقد هو ورجال الجيش المصري أن قرار مبارك بالرضوخ إلى ضغوطٍ من الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى وعقد أول انتخابات رئاسية متعددة الأحزاب في مصر في عام 2005، هو ما أدَّى في نهاية المطاف إلى رحيله وما أعقبه من اضطرابات سياسية».

وفي هذا الصدد، قال «إتش. أي. هيلير»، وهو زميل غير مقيم في المجلس الأطلسي: «إن حكومة السيسي ليست بالضرورة حكومةً هشَّة أو على حافة الانهيار، لكنَّها من المؤكد تشعر بالقلق بشأن السماح ببداية مرحلة الانفتاح، بالتأكيد، ترى الحكومة خطأ مبارك المصيري بسماحه بهذا النوع من البدايات».

الاعتداء على الحريات

وفي خلال العام الماضي 2017، كثف «السيسي» اعتداءه على الحريات الأساسية وقمعها؛ إذ حجبت المئات من المواقع الإلكترونية باعتبارها منتقدة لنظامه، واستمرت عمليات القتل خارج سلطة القضاء في الزيادة، بحسب ما قالته جماعات حقوق الإنسان، فضلاً عن سجن عدد لا يُحصى من المعارضين، بعضهم «اختفى قسريا»، وهمش البعض الآخر بطرق أخرى، وعادة ما كانت تستهدفهم قوات الأمن تحت مسمى مكافحة الإرهاب، وبالأخص انتسابهم إلى الجماعات الإسلامية في شمال شبه جزيرة سيناء.

وكان آخر ما استهدفته الحكومة المصرية هو الإعلام الأجنبي، إذ اتهم «نبيل صادق»، النائب العام، منافذ إعلامية بنشر أخبارٍ كاذبة، وهدد باتخاذ إجراءاتٍ قانونية ضد وسائل الإعلام التي تسعى لتقويض سمعة البلاد بالتغطية السلبية.

وفي الوقت نفسه، أدَّى التقشف الاقتصادي، وارتفاع الأسعار، وانخفاض الدعم إلى إصابة الشعب بالإحباط، مما يعرض شعبية السيسي للخطر.

قمع المنافسين

لم تلق حملة قضاء الحكومة على المنافسين المحتملين أي استياء عام من الولايات المتحدة، الحليف الغربي لمصر، أو الدول الأوروبية، بل احتضن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» الرئيس المصري ودعاه إلى البيت الأبيض.

وأكدت الصحيفة الأمريكية «لم يرحب الرئيس السابق باراك أوباما بالسيسي أبداً، في ظل فترته الرئاسية، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وانعدام الحريات الديمقراطية في مصر».

ويقول مسؤولون كبار في حكومة «ترامب»، إنهم منخرطون مع حكومة «السيسي» في سجل حقوق الإنسان بشكلٍ خاص، مشيرين إلى القرار الذي صدر، في أغسطس/آب الماضي، بقطع أو تأخير مبلغ 290 مليون دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية، ردا على صدور قانونٍ مصري يقوض منظمات غير حكومية، خاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان، والجماعات المؤيدة للديمقراطية.

في فبراير/شباط الماضي، أثار «ريكس تيلرسون»، وزير الخارجية الأمريكي، بشكل خاص مخاوف الولايات المتحدة بشأن الانتخابات خلال زيارته للقاهرة، وأكد دعم الولايات المتحدة لإجراء انتخابات حرة في كل مكان، على حد قول مساعديه، لكن حملة «السيسي» لقمع المنافسين المحتملين ومعارضيه ظلت مستمرة.

ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2018، أخذت السلطات المصرية على عاتقها استبعاد جميع المنافسين الحقيقيين للسيسي؛ فقد تعرَّض اثنان من القادة العسكريين السابقين -هما الفريق «سامي عنان» والعقيد «أحمد قنصوة»- للاعتقال والسجن لمخالفتهما القانون العسكري بإعلانهما عن نيتهما الترشح للرئاسة.

كذلك، تراجع الفريق «أحمد شفيق»، رئيس الوزراء وقائد القوات الجوية سابقاً، عن سباق الانتخابات، بعد أن وُضع قيد الإقامة الجبرية حسبما أفادت التقارير، وإن كان الفريق «أحمد شفيق» نفسه قد أرجع سبب تراجعه عن الترشح للرئاسة إلى ابتعاده عن البلاد لمدة طويلة.

وكان من بين المرشحين للرئاسة أيضاً النائب البرلماني المصري السابق «محمد أنور السادات»، ابن شقيق الرئيس المصري الراحل الذي اغتيل عام 1981، لكنه أعلن انسحابه من السباق الرئاسي، بعد أن واجه عدة عقبات، من بينها رفض الفنادق استضافة فعاليات حملته الرئاسية، وتعرّضه للمهاجمة من وسائل الإعلام الحكومية.

وأعلن النائب المصري السابق والمنافس الثاني، هو المحامي الحقوقي «خالد علي»، أن سبب تراجعهما عن الترشح للرئاسة يرجع إلى تعرضهما للقمع من الحكومة المصرية، وخوفهما على سلامة مؤيديهما.

المنافس بأمر «السيسي»

لم يتبق سوى مرشح واحد، «موسى مصطفى موسى»، الذي أعلن عن ترشحه للرئاسة، في 29 يناير/كانون الثاني 2018، آخر يوم متاح للالتحاق بالسباق الرئاسي؛ الأمر الذي ترتب عليه ظهور تكهنات فورية، بأنه قد تلقّى أوامر بالترشح للرئاسة لمجرد إضفاء مظهر المصداقية والنزاهة على «السيسي» كمرشح رئاسي وكيلا تتحول الانتخابات إلى مجرد تصويت على سجل إنجازات السيسي فقط.

تعقيباً على ذلك، قال « هيلير»: «إذا لم يكن هناك اسم آخر على ورقة الاقتراع، ستتحول الممارسة إلى مجرد استفتاء، وهو ما لا يعطي انطباعاً جيداً أمام الدبلوماسية العامة الدولية، بغض النظر، الممارسة جلية: فقد أعلن موسى صراحةً عن كونه مؤيداً قوياً للرئيس السيسي».

وفي الأسبوع الماضي، ظهر عدد من اللافتات الانتخابية لحملة «موسى» في شوارع القاهرة، بعد أن أثار الصحفيون هذا الموضوع ضمن الأسئلة التي وجههوها للمسؤولين عن حملة «موسى».

مع ذلك، فإن نتيجة الانتخابات محسومة بالفعل؛ لأنهم لا يعتقدون أن التصويت سوف يتسم بالحرية أو الشفافية.

في حين قال آخرون إن الحكومة المصرية دبرت ترشح «موسى» للرئاسة لإرضاء المجتمع الدولي عموما، ومانحي المساعدات لمصر من دول الغرب خصوصا.

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية في مصر بين يومي 26 و28 مارس/آذار الحالي، على أن تجرى جولة الإعادة بين 24 و26 أبريل/نيسان المقبل، في حال عدم حصول مرشح على أكثر من 50% من الأصوات في الجولة الأولى، وهو احتمال يبدو مستبعدا في الانتخابات المقبلة.

ويخوض تلك الانتخابات مرشحان فقط هما الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي» ورئيس «حزب الغد»، «موسى مصطفى موسى»، الموالي للنظام، والذي يراه مراقبون مرشحا ديكوريا لانتخابات باتت مضمونة للأول؛ بعدما أطاحت السلطات تباعا بمنافسين رئيسيين أعلنوا نيتهم الترشح.

وتولى «السيسي» الرئاسة في 8 يونيو/حزيران 2014، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية، بعد انقلاب عسكري قاده في 3 يوليو/تموز 2013، على «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، وذلك حين كان «السيسي» وزيرا للدفاع.

المصدر | الخليج الجديد + هاف بوست

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسي مبارك مصر رئاسيات مصر 2018