زار الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الأربعاء مدينة قم المقدسة لدى الشيعة في مسعى لحشد دعم رجال الدين وطلاب الحوزات الدينية والعامة هناك لجهوده الرامية إلى إبرام صفقة مع الدول الكبرى بشأن برنامج طهران النووي المتنازع عليه.
وتخوض إيران مفاوضات دقيقة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين ألمانيا بشأن برنامجها النووي.
وتشتبه الدول الكبرى في سعي إيران لاكتساب القدرة على صناعة أسلحة نووية وسط نفي طهران المتكرر لذلك.
ومنح الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي موافقة متحفظة على المفاوضات غير أنه لا يثق في نوايا الغرب وأعرب مرارا عن شكوكه في أن تصب خلاصة المفاوضات في صالح إيران.
ولعب كبار رجال الدين في قم وهي مركز السلطة الدينية في إيران منذ فترة طويلة دورا محوريا في السياسة وفي تشكيل الرأي العام وتحريك الحشود ولا يزال بعضهم يحتاج إلى المزيد من الاقناع بشأن المفاوضات النووية.
ويأتي الخطاب الذي وجهه روحاني كمحاولة ربما لكبح انتقاداتهم قبل حلول المهلة النهائية لوضع الخطوط العريضة للاتفاقية بنهاية مارس آذار المقبل.
ويتوقع أن تبدأ الجولة المقبلة من المفاوضات في الثاني من مارس آذار المقبل في جنيف بسويسرا.
ويشكك معارضو سياسة روحاني في قم- كما خامنئي- في نوايا الدول الكبرى المشاركة في المفاوضات كما يشعرون بالاستياء العميق جراء العقوبات الغربية المفروضة على إيران جراء برنامجها النووي ويتهمون الغرب بإذكاء الاضطرابات في البلاد بعد الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها في عام 2009.
وأسفرت العقوبات -التي تعد مسؤولة إلى حد كبير عن إضعاف العملة والانكماش الاقتصادي- عن استبعاد إيران من النظام المصرفي العالمي وضرب نشاطها التجاري وخسارتها مليارات الدولارات من عائدات النفط.
ونقلت وكالة فارس عن روحاني قوله "لن نقبل الإكراه والإذلال واستمرار العقوبات في المفاوضات."
وأضاف "كما في كل يوم على مر تاريخ هذه الثورة تسعى الحكومة إلى (كسب) دعم الشعب وخصوصا ممن هم في قم من طلبة حوزات ورجال دين."
غير أن روحاني شدد في الوقت عينه على أنه لن يتساهل مع من يحاولون إعاقة الحكومة.
وقال روحاني "نحن نحترم دوما المنتقدين ونقول لهم -كما للمؤيدين- انهم يحظون بحماية الحكومة وسيستمرون بذلك.. لكن ليس للتآمر مكان في هذه الدولة."
وفي حين لم يوضح روحاني تصريحه لكنه بدا وكأنه يشير إلى المعارضين المتشددين للمفاوضات النووية الذين عبروا مرارا عن شكوكهم في أن يتمكن مفاوضوه من التوصل إلى اتفاق مع دول الغرب يحظى في الوقت عينه برضى إيران.
وفي الشهر الماضي اتهم روحاني هذه الفئة من المعارضين بأنهم كمن "يشجعون (في الواقع) الطرف الآخر" في المفاوضات مع الدول الكبرى.
مناورات عسكرية بمضيق هرمز
وكان الحرس الثوري الإيراني قد بدأ مناورات عسكرية في مضيق هرمز يوم الأربعاء شملت هجوما بزوارق حربية على نموذج لسفينة أمريكية في أحدث استعراض للقوة من طهران في ممر شحن حيوي بالخليج لصادرات النفط العالمية.
وتعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية الخليج الذي يقع بينها وبين دول عربية سنية بمثابة ساحة خلفية لها وتعتقد أن لها مصلحة مشروعة في توسيع نفوذها هناك.
وأقيم احتفال بمناسبة بدء التدريبات حضره قادة الحرس الثوري وهو قوة عسكرية ذات نفوذ يتزعمها صقور معادون للغرب كما حضره رئيس البرلمان علي لاريجاني.
ونقلت وكالة فارس للأنباء عن لاريجاني قوله خلال مؤتمر صحفي قبل بدء المناورات "في ظل الاهتمام بالوضع في المنطقة زدنا بشكل ملحوظ ميزانية الدفاع للقوات المسلحة لضمان أمن مستقر للمنطقة."وأظهرت لقطات بثها تلفزيون الدولة عددا من الزوارق الحربية وهي تهاجم نموذجا لسفينة حربية وتفجرها بالصواريخ.
وبني نموذج بنفس مقاييس حاملة طائرات أمريكية واستهدف بصواريخ كروز وصواريخ باليستية حسبما أفادت وكالة فارس التي لها صلات بالحرس الثوري.
وفي إحدى اللقطات ظهرت لافتة كتبت عليها عبارة للزعيم الأعلى الراحل لإيران آية الله روح الله الخميني قال فيها "إذا كان الأمريكيون على استعداد لأن يدفنوا في قاع مياه الخليج .. فليكن."
ووفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية يمر نحو 30 في المئة من كل شحنات النفط البحرية التجارية عبر مضيق هرمز وسبق أن عبر مسؤولون أمريكيون عن قلقهم من أن تحاول إيران تعطيل تدفق النفط أو حتى مهاجمة السفن الحربية الأمريكية التي تنظم دوريات في الخليج.
وتقوم قوات بحرية غربية بتدريبات عسكرية في الخليج أيضا قائلة إنها تريد ضمان حرية الملاحة.
وسبق أن قالت إيران - التي تطل حدودها الجنوبية على الخليج - إنها قد تغلق مضيق هرمز إذا تعرضت طهران لهجوم عسكري بسبب برنامجها النووي مثار الخلاف.
وتهدف المحادثات بين إيران والولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا للتأكد من أن برنامج الجمهورية الإسلامية النووي لا يهدف لتطوير أسلحة نووية. وتقول إيران إن نشاطها النووي سلمي لتوليد الكهرباء.