حروب العملات.. تلاعب وسياسة

الأحد 8 مارس 2015 09:03 ص

تشهد شتى عملات العالم تقريباً تراجعاً أمام الدولار الأميركي. وفي غالب الأحيان يقف وراء هذا التراجع ميل الحكومات والبنوك المركزية نحو خفض قيمة عملاتها لكسب ميزة في التجارة العالمية وتعزيز اقتصاداتها الضعيفة. ومنذ ديسمبر الماضي، هبطت قيمة 22 عملة أجنبية رئيسية بمتوسط 4% في المئة مقابل الدولار.

وكلما كانت العملة أقل قيمة قلت أسعار التصدير، وهو ما يجعلها جاذبة للمشترين الأجانب. كما تزيد العملات المنخفضة قيمة أسعار الواردات، الأمر الذي يثبط المستهلكين المحليين عن شراء السلع المستوردة.

وأعلن مسؤولو المالية في مجموعة العشرين أن الإضعاف المتعمد لعملات الدول سعياً إلى تعزيز النمو المحلي أمر مقبول، في حين أن خفض قيمتها للحصول على ميزة في التجارة الخارجية ليس كذلك. وعلى رغم عدم قدرتي على معرفة الفرق، لكن يبدو أن رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) «جانيت يلين» قادرة على ذلك!

وفي شهادتها التي أدلت بها أمام مجلس الشيوخ في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، رفضت "يلين" جهود أعضاء الكونجرس الرامية إلى إضافة عقوبات قانونية على الاتفاقيات التجارية ضد الدول التي تتلاعب بعملاتها، لأنها يمكن أن تعرقل جهود المجلس، موضحة أن «السياسات النقدية» يمكن أن تكون لها أصداء على أسعار الفائدة.

وأضافت: «لا أعتقد حقيقة أنه من الصواب وصف ذلك بالتلاعب في العملة ووضعها في نفس خانة التدخلات في أسواق الصرف التي تدفع حقيقة إلى تغيير المشهد التنافسي على نحو يصب في صالح إحدى الدول».

بيد أن مجلس الاحتياطي الاتحادي يواجه مأزقاً:

فبينما تقلص دول أخرى قيمة عملاتها أمام الورقة الخضراء، لا يمكن للولايات المتحدة خفض سعر الدولار عمداً. وباعتبارها عملة الاحتياطي العالمي، فأية عملة سيتم تقليص سعر الدولار أمامها؟

وتجعل قوة الدولار الواردات الأميركية أرخص، وهو ما يجبر المنتجين المحليين على تعزيز التنافسية عن طريق خفض الأسعار، والاستغناء عن الموظفين بهدف خفض التكاليف. ومن ثم يسير ارتفاع العملة الأميركية في الاتجاه المعاكس لهدف مجلس الاحتياطي المعني باستقرار الأسعار وتوفير الوظائف.

علاوة على ذلك، تشوش تحركات العملات البنوك المركزية الأخرى، فالبنك الوطني السويسري كان بوضوح من بين المتلاعبين بالعملات عندما ربط الفرنك عند 1.20 مقابل اليورو في عام 2011. وللحفاظ على هذا الربط، تعين على المركزي السويسري مواصلة بيع الفرانك لشراء اليورو. وحتى ديسمبر الماضي كانت 42٪ من أصول البنك باليورو، أي ما يعادل 36٪ من إجمالي الناتج المحلي السويسري.

ولكن فجأة فك البنك ربط عملته باليورو في الخامس عشر من يناير الماضي، قبل أسبوع من إعلان البنك المركزي الأوروبي عن دعمه مشتريات الديون الحكومية في إطار برنامج التيسير الكمي. وسرعان ما ارتفع الفرنك 30% مقابل اليورو.

من ثم، سببت الصعوبات الاقتصادية بمنطقة "اليورو" تدفق الأموال إلى سويسرا باعتبارها ملاذاً آمناً. وهو ما دفع الفرنك إلى الصعود مقابل "اليورو"، بدرجة أضعفت الصادرات السويسرية. ويدفع الاقتصاد السويسري الثمن في الوقت الراهن.

 

* غاري شيلينغ: محلل اقتصادي أميركي

  كلمات مفتاحية

حروب العملات تلاعب الكونجرس مجلس الاحتياط الفدرالي جانيت يلين الدولار اليورو الفرنك السويسري

حروب العملة.. انتصار صيني!