«ستراتفور»: منافسة تركية سعودية على الزعامة السنية .. وقناة خلفية للتفاوض مع إيران عبر مسقط

الثلاثاء 31 مارس 2015 02:03 ص

في الوقت الذي تسير فيه إيران حاليا نحو تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى نية الولايات المتحدة خفض العبء في الشرق الأوسط، فإن مسؤولية إبقاء الطموحات الإيرانية تحت السيطرة ساهمت في زيادة الثقل السني في المنطقة، ويُقصد بذلك ارتفاع أسهم المملكة العربية السعودية وتركيا.

وفي قيادة عملية «عاصفة الحزم» في اليمن، انتقلت السعودية بشكل واضح إلى دائرة الضوء كزعيم للعالم العربي السني على استعداد لمواجهة إيران قولا وفعلا ومن دون أخذ رأي أحد. تركيا، في الوقت نفسه، كانت أكثر تحفظا في مسألة تحدي طهران، ما جعلها مصرة على تبني أساليب خفية مثل دعم قوات المتمردين الإسلاميين في سوريا، وتعميق البصمة الاقتصادية في كردستان العراق، في الوقت الذي تعمل فيه مباشرة مع الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد.

ولكن تركيا بدأت تشعر بأن لمعان نجم المملكة العربية السعودية يغطي عليها. فمن جهة، لا تريد أنقرة أن تكون مجرد شريك للمملكة العربية السعودية مثلها مثل العديد من الشركاء داخل التحالف الذي تقوده السعودية، وتريد أنقرة أن تكون لها عباءتها الخاصة بها. من ناحية أخرى، فإن البيئة السياسية في تركيا، والتي تعيش حالة استقطاب بالغة للغاية، تجعل من الصعب على أنقرة المشاركة في عمل عسكري محفوف بالمخاطر خارج حدودها، ما يعزز الاعتقاد بأن المملكة العربية السعودية هي الوحيدة التي تقوم بالعمل بينما تبقى تركيا على الهامش.

تحليل

قال الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، في محاولة لتعويض نقص مشاركة تركيا في التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن، إنه لم يعد يحتمل أو يقبل «محاولات إيران للهيمنة على المنطقة». لقد كان هذا انتقادا صريحا ونادرا للغاية توجهه تركيا إلى إيران. وكانت تركيا تفضل في السابق الحفاظ على علاقة ودية مع إيران في الظاهر، حتى وإن كانتا تتنافسان في ساحات قتال داخل بلدان أخرى. وما زال «أردوغان» ينوي زيارة إيران في أوائل أبريل/نيسان، ويبدو أن البلدين يسيران، إلى حد ما، في الحفاظ على العلاقة الظاهرية. ومع ذلك، فإن البيئة الإقليمية من المرجح أن تدفع أنقرة إلى موقف أكثر مواجهة بشأن طهران، في الوقت الذي تناضل فيه تركيا من أجل دور قيادي في العالم السني.

وستبقى أوراق اعتماد القيادة التركية محل ريبة وشك، على الأقل على المدى القصير. ففي الوقت الذي تتحرك فيه تركيا نحو علاقات عسكرية أقوى مع الولايات المتحدة من خلال التعاون ضد تهديد تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا، فإن رؤيتها دعم فصائل الإسلام السياسي لتصل إلى السلطة سوف تصطدم بطبيعة الحال مع الرؤية السعودية والإماراتية والكويتية بضرورة منع من هم على شاكلة الإخوان المسلمين من تشكيل أي تحديات أو تهديدات لحكوماتهم. لكن تركيا تلعب لعبة طويلة الأمد في المنطقة، مع العلم أن الإسلاميين في مصر وسوريا ومنطقة الخليج سيظلون قوة سياسية لا يستهان بها في المستقبل.

وكانت المملكة العربية السعودية في عهد الملك «سلمان» أكثر إدراكا لهذه الحقيقة، ومن ثم حاولت التوافق مع قطر، المؤيد الآخر للإسلام السياسي في المنطقة. ويمكن لتركيا الاستفادة من زيادة ليونة الموقف السعودي في التعامل مع جيرانها العرب وعرض تعاون انتقائي في العراق وسوريا، حيث تتركز المصالح التركية. وتركيا هي العنصر الرئيسي في برنامج تدريب المتمردين الذي تشارك فيه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والأردن وقطر.

وعرضت تركيا أيضا دعما لوجستيا عن طريق بغداد لهجوم الموصل، وتجري محادثات مع الولايات المتحدة حول انطلاق الطائرات بدون طيار من قاعدة إنجرليك الجوية. وهذه خطوات صغيرة، ولكنها سوف تكون بداية لنشاط عسكري تركي في المنطقة يزداد ويتمدد مع مرور الوقت.

وفي الوقت الراهن، تتولى المملكة السعودية مقاليد إدارة شؤون الشرق الأوسط نظرا للإمكانيات الكبرى ورغم انخفاض أسعار النفط عند متوسط 50 دولارا للبرميل. ورغم هذا الانخفاض لا زال السعوديون يحققون ربحا من وراء إنتاج النفط وتصديره للأسواق العالمية. وتعطي الاحتياطيات النقدية الكبيرة، جنبا إلى جنب مع دعم عسكري من قوات عربية مؤهلة ومجهزة مثل الإمارات العربية المتحدة، الرياض القدرة على إعادة تعيين التوقعات بأن دول الخليج تشكل جيوشا ورقية تعتمد على الراعي الأمريكي.

ولا تزال المملكة العربية السعودية لا تملك حلا سهلا لأي مشكلة مستعصية كتلك التي في اليمن. وقد أظهرت الحملة العسكرية في اليمن عزم السعودية على احتواء التوسع الحوثي بأي ثمن، ولكن المملكة العربية السعودية لن تكون قادرة بالحملة الجوية وحدها على حماية وعزل المملكة ضد مجموعة من التهديدات التي يبدو أن تستعد للانفجار في الجنوب. كما أن السعودية لم تتجهز جيدا لخطر خطوة أي تدخل بري شامل يهدف إلى تحييد التهديد واحتلال أراض معادية.

قنوات خلفية للتفاوض

ومن المرجح أن توافق المملكة العربية السعودية على الجلوس حول طاولة المفاوضات مع الحوثيين في نهاية المطاف. وهذا هو بالضبط ما تأمله إيران.

وحصل موقع «ستراتفور» على معلومات تفيد بأن التفاوض عبر قنوات خلفية بين إيران والمملكة العربية السعودية حدث بالفعل في مسقط بشأن الأزمة اليمنية. عمان، التي اختارت عدم الانضمام إلى العملية العسكرية للحفاظ على حيادها،يجعل منها قناة مثالية لمثل هذه المفاوضات. كما ثبت أيضا أنها يمكن أن تكون وسيطا موثوقا به في محادثات القنوات الخلفية بين إيران والولايات المتحدة. أي مفاوضات بين إيران والمملكة العربية السعودية من المحتمل أن تشمل قضايا مثل الانسحاب الحوثي من صنعاء وعدن، وقرار بشأن القوات المسلحة الموالية للرئيس السابق «علي عبد الله صالح»، وتنازلات سياسية للحوثيين في تشكيل الحكومة الجديدة التي ستدير اليمن للخروج من عنق الزجاج الضيق. وفي المقابل، يمكن لإيران انتزاع تنازلات من المملكة العربية السعودية في العراق وسوريا.

ومن السابق لآوانه معرفة ما إذا كانت المحادثات بين الرياض وطهران يمكن أن تؤدي إلى تسوية سياسية لنزع فتيل الصراع اليمني أو اذا كانت إيران نفسها ستلتزم بمثل هذا الحل الوسط. رأس أولويات المملكة العربية السعودية حاليا وقف دعم صالح للحوثيين، لجعل الصراع اليمني أكثر قابلية للإدارة، وليس للتنازل للإيرانيين في مفاوضات أوسع. ومع ذلك، فإنه رغم عمل تركيا والمملكة العربية السعودية كلٌ بطريقته الخاصة لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة المترامية الأطراف والمحتدمة النزاعات، إلا إنهما يتنافسان ضد بعضهما البعض من أجل القيادة السنية في وجه إعادة تأهيل إيران.

  كلمات مفتاحية

السعودية تركيا إيران

«ستراتفور»: الخيارات المعقدة للمملكة العربية السعودية في اليمن

«أردوغان» يجري اتصالا مع الملك «سلمان» ويطلع على تطورات «عاصفة الحزم»

«أردوغان» يوسع المواجهة: قد ندعم «عاصفة الحزم» لوجيستيا .. وعلى إيران الانسحاب من المنطقة

«معهد الشرق الأوسط»: الإحباط يقرب المسافة بين تركيا والسعودية

«أسوشيتدبرس»: السعودية تبتعد عن مصر وتوثق علاقتها بقطر وتركيا

«ستراتفور»: نضوج ميزان القوى في الشرق الأوسط

أولويات «سلمان»: ترميم الأحلاف لوقف التمدد الإيراني

الدور السعودي النافذ في الخليج والشرق الأوسط

«بن علوي»: عُمان بلد سلام ... وأطراف الحرب في اليمن ما زالت غير مستعدة للحوار

القدس العربي: «عاصفة الحزم» تعيد التوازن لمكانة السعودية التي أضرتها «عاصفة الصحراء»

تركيا تؤكد مساندتها لـ«عاصفة الحزم» وترحب بالحل السياسي

نحو حوار «إيراني - تركي - مصري - سعودي»

«ظريف»: الاتفاق النووي نجاح لأشقائنا بالمنطقة .. و«بن علوي» يعتبره ”منجزا هاما“

«ستراتفور»: تركيا وباكستان لا ترغبان في تحول «عاصفة الحزم» إلى صراع طائفي

موقع تركيا في المحاور الإقليمية ما بعد «عاصفة الحزم»

التدخل التركي السعودي في سوريا: معادلات القوة القائمة تفوق اندفاعة «عاصفة الحزم»

مصادر: السعودية وتركيا وباكستان تحضر لاتفاق إستراتيجي عسكري ”غير مسبوق“

ما بعد كامب ديفيد: تنافر وتفاهم وتناقض

وفد حوثي يبحث مشروع حل سياسي للأزمة اليمنية في مسقط

حرب متعددة الجبهات

كيف أضعفت السياسات الغربية العرب السنة طوال القرن العشرين؟

هل الصراع هو الخيار الوحيد مع إيران؟

«ستراتفور»: لماذا تبدو صراعات الشرق الأوسط مرشحة للتصاعد بعد الاتفاق النووي؟

«التليغراف»: بودار ”وحدة سنية“ تشمل الرياض والدوحة و«الإخوان»

مصدر يكشف دور سلطنة عمان في الوساطة الإقليمية .. ويؤكد: لا نفوذ سعودي في مسقط

في فهم السياسة العُمانية

العلاقات العمانية الإيرانية: هل تغرد السلطنة خارج السرب؟

نعي المثلث الذهبي

هل ستنجح السعودية في زعامة العالم العربي؟

تركيا والصراع على النموذج الإقليمي

«ولد الشيخ» يزور مسقط اليوم السبت للقاء وفد «الحوثي» و«صالح» التفاوضي