ارتفاع مفاجئ للجنيه المصري.. ومسؤول مصرفي: السوق السوداء عادت

الاثنين 28 يناير 2019 12:01 م

أثار ارتفاع مفاجىء للجنيه المصري أمام الدولار بنحو 2%، الأحد، الجدل بين المتعاملين والمستثمرين في ظل حديث مصرفيين عن تحريك موجه من قبل البنك المركزي وعودة سوق الصرف السوداء مجددا.

وبلغ متوسط سعر بيع الدولار في البنوك إلى الجمهور 17.75 جنيه مقابل 17.95 جنيه للدولار، وهو أقوى مستوى للجنيه مقابل العملة الأمريكية منذ مايو/أيار 2018 وفقا لبيانات رفينيتيف أيكون.

وتباينت آراء المصرفيين ومحللي الاقتصاد بشأن أسباب الارتفاع المفاجئ، في ظل عدم صدور أي تصريحات من البنك المركزي أو الحكومة، ففي حين عزاه عدد من المحللين إلى تدخل البنك بشكل مباشر لتحريك العملة بعد استقرارها لنحو عام، رأى آخرون أنه نتيجة لتدفقات المستثمرين الأجانب على أدوات الدين.

ونقلت رويترز عن مسؤول مصرفي بأحد البنوك الخاصة العاملة في مصر (قالت إنه طلب عدم نشر اسمه) أن ارتفاع الجنيه المصري "حركة مثيرة للقلق وموجهة، ليس لها أي علاقة بالعرض والطلب".

وأضاف: "تصريحات محافظ البنك المركزي نهاية الأسبوع الماضي كانت تمهيدا لما يريد فعله هذا الأسبوع"، في إشارة إلى تصريح "طارق عامر" لوكالة بلومبرغ أكد فيه أن العملة ستشهد مزيدا من "التذبذب" بعد إنهاء العمل بآلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب إذ سيتعين على المستثمرين التعامل عبر سوق الصرف بين البنوك.

وانتهى العمل بالآلية بمصر في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والتي كانت تضمن للمستثمرين الأجانب الراغبين في بيع ما بحوزتهم من أوراق مالية مصرية تحويل أموالهم للخارج بالدولار.

واستحدثت مصر هذه الآلية في مارس/آذار 2013 لضمان حصول المستثمرين الأجانب على النقد الأجنبي عندما تكون لديهم الرغبة في التخارج من الأوراق المالية المحلية.

 

تحريك موجه

 

وتابع المسؤول المصرفي: "إلغاء آلية تحويلات الأجانب ورفع سعر الدولار الجمركي (في ديسمبر/كانون الأول الماضي) قرارات من شأنها التأثير على سعر الصرف، وهو ما لم يحدث، وكان أحد نقاط الخلاف بين مصر وصندوق النقد بأن المركزي يتدخل في سعر الصرف (..) لذا كان لا بد من توجيه رسالة بأن السوق متروك للعرض والطلب وهو ما رأيناه أمس".

وأردف: "قد نرى مزيدا من الارتفاع للعملة المحلية خلال الأسبوعين المقبلين قبل معاودة النزول وسط توقعات برفع أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية منتصف فبراير".

وتراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر إلى 1.1 مليار دولار في الفترة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 2018 مقارنة مع 1.84 مليار دولار قبل عام.

وقال مصرفي آخر طالبا عدم نشر اسمه: "هناك التزامات على البنوك العاملة بمصر بالعملة الصعبة والسوق السوداء عادت من جديد خلال الفترة الأخيرة".

وبلغ صافي الالتزامات بالعملة الصعبة للبنوك العاملة في مصر نحو 99.282 مليار جنيه نهاية أكتوبر/تشرين الأول، وفقا لبيانات البنك المركزي.

وأبقى البنك على أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير في اجتماع ديسمبر/كانون الأول الماضي، وكانت آخر خطوة على صعيد أسعار الفائدة في مارس/آذار 2018، عندما خفض العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة 100 نقطة أساس إلى 16.75% و17.75% على الترتيب.

تدفقات أجنبية

لكن محلل الاقتصاد المصري في بنك الاستثمار هيرميس "محمد أبو باشا" يرى أن التذبذب في أسعار العملة المحلية مقابل الدولار كان متوقعا بعد إنهاء العملة بآلية تحويل أموال الأجانب، قائلأ: "رأينا تدفقات أجنبية كبيرة نهاية الأسبوع الماضي في سوق أدوات الدين".

وأضاف: "كان هناك قلق من حائزي الدولار من تراجع الأسعار وهو ما دفعهم للبيع وسط زيادة العرض عن الطلب.. التذبذب سيستمر وفقا لحجم التدفقات النقدية. توقعاتنا لمتوسط سعر الدولار مقابل الجنيه 17.90-17.95 جنيه هذا العام لكن قد نغير التوقعات بعد ما حدث الأحد".

وبلغت استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومي بمصر 14 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر/أيلول وهو ما يقل عن مستوى 17.5 مليار دولار المسجل في نهاية يونيو/حزيران ومستوى 23.1 مليار دولار المسجل في نهاية مارس/آذار 2018.

ويمتنع المسؤولون المصريون منذ فترة عن الكشف عن أرقام استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية بعدما أخذت مسارا نزوليا.

وأكد متعامل في سوق أدوات الدين الحكومية وجود تدفقات أجنبية "لكن ليست بالقوة التي كانت موجودة من قبل بعد تحرير سعر العملة في 2016" حسب قوله.

وتجذب مصر بين حين وآخر استثمارات أجنبية في أدوات الدين الحكومية قصيرة الأجل لكنها سرعان ما تعاود الخروج.

توقع متشائم  

لذا أكدت رئيس قسم البحوث في بنك الاستثمار فاروس "رضوى السويفي" أن توقعات البنك لمتوسط سعر الدولار عند 18.50 جنيه هذا العام ستظل كما هي لحين التأكد من استمرار تدفقات الأجانب بقوة.

ورغم نجاح مصر في جذب أموال الأجانب الساخنة في أدوات الدين قصيرة الأجل، إلا أنها لم تتمكن بعد من جذب استثماراتهم المباشرة بنفس مستوياتها قبل ثورة يناير 2011 رغم تحرير سعر صرف الجنيه.

وتعتمد مصر على الاقتراض الخارجي والأموال الساخنة من الأجانب في أدوات الدين على المدى القصير في توفير الدولار بجانب المصادر الأساسية مثل إيرادات قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين في الخارج والصادرات التي لم تشهد نموا يضاهي خطوة تحرير سعر صرف الجنيه في أواخر 2016.

وأمام مصر جدول صعب لسداد الديون الخارجية في العامين المقبلين، ولذا فهي تحاول توسيع قاعدة مستثمريها وتمديد أجل استحقاق ديونها والاقتراض بفائدة أقل.

وبلغ الدين الخارجي لمصر 92.64 مليار دولار في نهاية يونيو/حزيران الماضي بزيادة 17.2% على أساس سنوي.

وتنفذ مصر سلسلة من إجراءات التقشف الصارمة التزاما بشروط برنامج قرض حجمه 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي كانت وقعته في أواخر 2016.

ويتضمن البرنامج زيادة الضرائب وإجراء تخفيضات كبيرة في دعم الطاقة. وكانت مصر تتوقع الحصول على دفعة جديدة من القرض هذا الشهر وهو ما لم يحدث بعد في ظل حديث عن خلاف بين الصندوق والحكومة بشأن بعض البنود وهو ما تنفيه مصر مرارا.

  كلمات مفتاحية

الجنيه المصري مصر البنك المركزي المصري طارق عامر بنك فاروس