مصر بعد 8 سنوات من 30 يونيو.. جمهورية السيسي الجديدة خلف القضبان

الأربعاء 30 يونيو 2021 01:01 م

ما بين احتفالات رسمية بمناسبة حلول الذكرى الثامنة لثورة 30 يونيو/حزيران من كل عام، وبرقيات تهنئة من قيادات الدولة المصرية للرئيس الحالي "عبدالفتاح السيسي"، تظل الشبهات والتساؤلات تلاحق المظاهرات التي أطاحت بالرئيس الراحل "محمد مرسي" أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد.

يزيد من حدة التساؤلات، المصير الذي انتهت إليه مصر في مجالات عدة، بعد سيطرة العسكر على الحكم، بدعم من تيارات ليبرالية ويسارية، كانت ترى في حكم جماعة "الإخوان" خطرا على "أم الدنيا".

وما بين وعود بـ"دولة تانية خالص"، و"جمهورية جديدة"، يستقبل الشارع المصري الذكرى الثامنة لـ30 يونيو، مشحونا بأجواء من الكبت والغضب، ومحملا بفاتورة ثقيلة من الديون والضرائب والأعباء المعيشية، إلى جانب تدهور حاد في أوضاع حقوق الإنسان وحرية الصحافة.

أيام "مبارك"

"ولا يوم من أيامك يا أبو علاء(النجل الأكبر للرئيس المصري الراحل حسني مبارك)"، عبارة تتكرر كثيرا على ألسنة المصريين، في دلالة لافتة على الحنين إلى أوضاع معيشية كانت أفضل في ظل عملة محلية كانت تحتفظ بعض الشيء بقيمتها (الدولار يعادل 5  جنيهات و79 قرشا) قبل اندلاع شرارة ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

ومع الذكرى الثامنة لـ30 يونيو/حزيران، اختلف الحال، واقترب سعر الدولار من حاجز الـ16 جنيها، مصحوبا بقرارات حكومية لرفع الدعم، وفرض الضرائب، وزيادة أسعار الوقود والكهرباء والمياه والغاز والمواصلات العامة ومترو الأنفاق، وغيرها من الخدمات الأساسية.

وقبل عقد من الآن، كان الحد الأدنى للأجور، يبلغ 1200 جنيه، أو ما يعادل، في حينه، أكثر من 200 دولار، فيما يبلغ، بعد الزيادات المقررة مع بداية السنة المالية، يوليو/تموز المقبل، أقل من 180 دولارا، أو ما يساوي نحو 2400 جنيه، وهو ما لا يتناسب مع الغلاء الرهيب الذي ضرب مختلف السلع والمنتجات، بشكل دفع الكثير من الأسر المتوسطة للاندثار، والدخول تحت خط الفقر.

وخلال العامين الأخيرين، فاقمت أزمة "كورونا" من تدهور أحوال المواطن المصري، جراء تضرر أنشطة عدة، وتوقف النشاط السياحي والترفيهي، وتسريح العمالة من الخليج، وإغلاق وبيع منشآت اقتصادية حكومية وخاصة، وتزايد معدلات البطالة، ما زاد من حنين المصريين لأيام الرئيس المخلوع. 

جمهورية جديدة

ويستقبل المصريون، "الجمهورية الجديدة" التي وعد بها "السيسي" عبر نقل المقار الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة، شرق القاهرة، بفاتورة دين خارجي تلامس حاجز 130 مليار دولار، ليقفز بالدين الخارجي للبلاد بنسبة تصل إلى 145%، إذ لم تكن الديون الخارجية تتجاوز حينما تولى الحكم، حاجز 46 مليار دولار.

ومع إعلان وزارة الداخيلة المصرية، عن إنشاء 8 سجون جديدة، ترتفع قائمة السجون التي بناها "السيسي" خلال عهده إلى 27 سجنا، تعج بعشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين، من كافة التيارات الإسلامية والليبرالية، وسط ظروف إنسانية قاسية.

ويقبع المصريون تحت حكم الطوارئ التي جرى تجديدها 16 مرة منذ أبريل/نيسان 2017، حيث يجري تجديدها كل 3 أشهر في جميع أنحاء البلاد.

وتخضع أكثر من 500 وسيلة إعلامية ما بين صحيفة وموقع إلكتروني للحجب، بقرارات أمنية، جعلت مصر تحتل المرتبة 166 على مؤشر حرية الصحافة من إجمالي 180 دولة، وفق التصنيف الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، للعام 2020.

ووفق مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، عن العام 2019، جاءت مصر في المركز الـ13 عربيا و139 عالميا.

وحقوقيا، ضاعفت مصر أكثر من ثلاثة أضعاف تنفيذ عمليات الإعدام المبلغ عنها (من 32 على الأقل، إلى ما لا يقل عن 107)، خلال العام 2020، وفق منظمة العفو الدولية.

ويستبق الأمن المصري، الذكرى الثامنة لمظاهرات الثلاثين من يونيو/حزيران 2013، بحملة اعتقالات واسعة بعدد من المحافظات لمعارضين، طالت عددا كبيرا من المفرج عنهم من السجون مؤخرا على ذمة قضايا سياسية، إضافة إلى إرسال مكاتب جهاز الأمن الوطني (استخباراتي داخلي) مئات الاستدعاءات لأصحاب الملفات الأمنية والسياسية على مستوى البلاد.

ويتزامن مع حلول الذكرى الثامنة، انتهاء مهلة الـ14 المقررة قانونا، لإصدار عفو رئاسي مصري عن المحكوم عليهم بالإعدام في قضية فض اعتصام رابعة العدوية، وسط مخاوف من تنفيذ الحكم بحق 12 من قيادات جماعة الإخوان، التي أطيح بها من الحكم قبل 8 سنوات.

وعود "السيسي"

مقابل الواقع المؤلم المشار إليه، تستند الجمهورية الجديدة، إلى مشروعات كبرى لإنشاء عاصمة جديدة، وإقامة طرق وكباري، وبناء مدن جديدة، ومطارات متطورة، وقطار كهربائي، وخط رابع لمترو الأنفاق، وتطوير مناطق عشوائية، ومنح معدومي الدخل معاش "تكافل وكرامة" بقيمة 400 جنيه (نحو 25 دولارا).

وخلال عهد "السيسي"، زادت مصر من مشروعات استخرج الغاز باستثمارات أجنبية، وكذلك رفعت وتيرة عمليات التنقيب عن الآثار وافتتاح المتاحف القومية، إضافة إلى تشغيل محطات كهربائية، ومحطات لتحلية المياه، وبناء أكبر مسجد، وأكبر كنيسة، وأكبر أوبرا، وأكبر حديقة، وأطول سارية علم، في الشرق الأوسط.

لكن أزمة "سد النهضة" والنقض المحتمل في حصة مصر من مياه النيل، ألقت ولا زالت بظلالها على الشارع المصري، الذي وعده "السيسي" مرارا بحل المشكلة، ونصحه بالاطمئنان والصبر، قبل سنوات، رغم قرب إتمام عملية الملء الثاني للسد، يوليو/تموز المقبل.

وفي مقابل زيادة وتيرة إبرام صفقات التسليح خلال السنوات الماضية، واستضافة بطولات رياضية قارية وعالمية، بدا جليا في أزمة "كورونا" مدى تدهور المنظومة الصحية في البلاد، ونقص الإمكانات الطبية، وموت مرضى جراء نقص الأكسجين، وهجرة الأطباء للخارج، وانتظار تلقي اللقاحات المضادة للفيروس من الدول المنتجة.

وإزاء ترويج إعلامي واسع لـ"7 سنوات من إنجازات السيسي"، تبدو الصورة مغايرة في ضوء استمرار الإغلاق الكامل للحياة السياسية، وتكبيل المعارضة، وزيادة نفوذ الأجهزة الأمنية، وتضخم الإمبراطورية الاقتصادية للمؤسسة العسكرية في البلاد، وتواري السلطتين التشريعية والقضائية، بموجب تدخلات حكومية، وتعديلات دستورية، جعلت "الجمهورية الجديدة" على هوى الجنرالات، ودون طموحات المواطن المصري الذي توقف عن ترديد أغنية "تسلم الأيادي" التي شاعت بقوة عقب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر 30 يونيو السيسي الإخوان الجمهورية الجديدة رابعة مبارك ثورة يناير

مصر تنفذ اعتقالات سياسية واسعة قبل ذكرى 30 يونيو

مطالبات لشيخ الأزهر والمفتي بالتدخل لوقف الإعدامات في مصر

مصر في 30 يونيو.. حصاد 7 سنوات عجاف

مصريون عن مظاهرات 30 يونيو: أكبر عملية تغيير وعي وتغييب

مصر.. زيادة جديدة في أسعار الوقود بالتزامن مع ذكرى 30 يونيو