هل يتوافق الدبيبة مع حفتر لإسقاط حكومة باشاغا؟

الاثنين 18 يوليو 2022 10:23 ص

إقالة "مصطفى صنع الله"، رئيس مؤسسة النفط الليبية، وتعيين "فرحات بن قدارة" خلفا له، تطور مهم يحمل في طياته أكثر من مغزى استراتيجي من شأنه إعادة ترتيب التحالفات السياسية والأمنية القائمة بين الشرق والغرب.

إحدى مؤشرات بداية تغير هذه التحالفات، إنهاء الجهات التابعة لـ"خليفة حفتر"، قائد قوات الشرق الليبي، إغلاق الحقول والموانئ النفطية، بمجرد تعيين "بن قدارة"، رئيسا لمؤسسة النفط، رغم أن مطلبها الرئيسي كان تسليم رئيس حكومة الوحدة "عبدالحميد الدبيبة"، السلطة لـ"فتحي باشاغا"، رئيس الحكومة المعينة من مجلس النواب في طبرق (شرق).

تعيين رئيس حكومة الوحدة لـ"بن قدارة"، المحسوب على معسكر الشرق، لا يمكن أن يتم إلا باتفاق بين "الدبيبة" و"حفتر"، باعتبارهما من يملكان سلطة الأمر الواقع.

ولم يعلن أي طرف وجود اتفاق بين "الدبيبة" و"حفتر"، برعاية إماراتية، إلا أن ناشطين ليبيين يتداولون على نطاق واسع، صفقة توصل إليها "صدام حفتر"، مع ممثل عن "الدبيبة"، لإسقاط "مصطفى صنع الله"، من رئاسة مجلس إدارة مؤسسة النفط، وفتح الحقول والموانئ النفطية المغلقة منذ نحو 3 أشهر، رغم نفي "الدبيبة" إبرام أي صفقة.

لكن وكالة "نوفا" الإيطالية، لمحت إلى هذا الاتفاق، عندما لفتت إلى أن الاتفاق الوحيد "الممكن تقنيًا، في الوقت الحالي، هو بين "الدبيبة" و"حفتر"، حيث يبحث الأخير بشكل مزمن عن أموال لتمويل آلته الحربية.

وليست الأموال فقط ما يبحث عنه "حفتر"، بل إن المظاهرات التي اندلعت في مختلف المدن الليبية في الأول من يوليو/تموز الجاري، طالبت برحيل جميع الوجوه السياسية الحالية، لأسباب عديدة بينها انقطاعات الكهرباء لساعات طويلة، والتي من بين أحد أسبابها غلق المنشآت النفطية.

فـ"حفتر"، يدرك أنه لا يمكنه إغلاق النفط لفترات طويلة، لأن من شأن ذلك أن ينفجر في وجهه في شكل غضب شعبي، وضغوط دولية، لذلك سارع للاتفاق مع حكومة "الدبيبة"، على فتح المنشآت النفطية، مقابل تعيين أحد الموالين له على رأس مؤسسة النفط.

ولم ترشح بعد تفاصيل هذه التفاهمات، باستثناء تعيين بن قدارة، محافظ البنك المركزي في عهد نظام "معمر القذافي"، والمحسوب حاليا على معسكر "حفتر"، لكنها لن تختلف كثيرا على التفاهمات التي جرت في صائفة 2020، بين "صدام حفتر"، ونائب رئيس المجلس الرئاسي حينها "أحمد معيتيق".

و"حفتر" يريد ضمان حصة من عائدات النفط، ولا يمكنه الصمود أكثر أمام الضغط الشعبي والدولي بقيادة الولايات المتحدة، التي تريد تدفق النفط والغاز الليبيين نحو أوروبا، لتخفيف تداعيات العقوبات الغربية على المحروقات الروسية والتهاب أسعار الطاقة عالميا.

بالمقابل، فإن "الدبيبة"، يدرك أن عدم حل أزمة الكهرباء سريعا، أو على الأقل التقليل من ساعات انقطاعه، من شأنه الإطاحة بحكومته شعبيا.

والاتفاق مع "حفتر"، لفتح النفط، من شأنه إعادة تدفق الغاز نحو محطات إنتاج الكهرباء، ما سيساعد على تخفيف أزمة الانقطاعات الطويلة.

وبعد إقالة "الدبيبة"، لمجلس إدارة شركة الكهرباء نهاية يونيو/حزيران الماضي، جاء الدور على "مصطفى صنع الله"، في مؤسسة النفط، لكن "باشاغا"، قد يكون القربان الثالث لإسكات غضب الشارع الليبي الذي يطالب برحيل جميع وجوه الطبقة السياسية.

فاتفاق "الدبيبة" و"حفتر"، على تعيين مدير جديد لمؤسسة النفط، مقابل فتح حنفية الإنتاج والتصدير، يعني أن "باشاغا"، وحكومته لم يعد لهما دور مهم في المرحلة المقبلة، وهو اعتراف ضمني بحكومة الوحدة، التي فرضت تنفيذ قرارها بتغيير مجلس إدارة مؤسسة النفط، رغم معارضة "صنع الله"، ومجلسي النواب والدولة، وحتى السفير الأمريكي للقرار.

فبالنسبة لـ"حفتر"، لم يتمكن "باشاغا"، من دخول طرابلس، كما وعد بذلك أكثر من مرة، وتمسكه بالسلمية وعدم استخدام القوة لإزاحة حكومة "الدبيبة"، لا يخدم أهداف قائد قوات الشرق لإضعاف قوات المنطقة الغربية وتقسيم كتائب مدينة مصراتة، القوة الرئيسية التي أفشلت محاولته اقتحام طرابلس ما بين 2019 و2020.

كما أن مطالبات شعبية برحيل كل من "الدبيبة" و"باشاغا"، تعني أن الأخير، أصبح مرفوضا شعبيا، ناهيك عن عدم قدرة حكومته على ممارسة مهامها من العاصمة منذ مارس/آذار الماضي، واستقرارها في مدينة سرت (شمال/وسط)، وعدم حصولها على أي ميزانية من المصرف المركزي لتنفيذ برنامجها.

وفي حالة تأكد توافق "الدبيبة" و"حفتر"، برعاية إماراتية، لمواجهة "الخطر الشعبي" المشترك، فإنه لن يكون أمام "باشاغا"، إلا خيارين، إما الاستسلام للأمر الواقع، وإعلان استقالته وإنهاء حكومته، أو محاولة تغيير هذا الواقع، من خلال السيطرة على طرابلس بالقوة المسلحة، وإعادة التفاوض مع "حفتر"، وهذا خيار انتحاري ستكون له تداعيات خطيرة على أمن البلاد.

و"باشاغا"، يدرك جيدا أنه لن يحكم ليبيا إلا من طرابلس، ودخول العاصمة قد يكلفه إزهاق الكثير من الدماء، لذلك يحاول الرهان على إقناع قادة الكتائب في طرابلس على تغيير ولائهم، لتجنب السيناريو الدموي والكارثي حتى وإن انتصر فيه.

فبعد عدم نجاح 3 محاولات لدخول أو استقرار حكومته في طرابلس، آخرها تسببت في مقتل أحد رجاله، قرر باشاغا اتخاذ سرت عاصمة مؤقتة لحكومته، لكنه عاد، في 9 يوليو/تموز، للإعلان أنه سيباشر مهامه من طرابلس، "خلال الأيام المقبلة".

وبرر "باشاغا"، تغيير موقفه من عدم دخول طرابلس، إلى أن "القوى التي كانت معارضة تغيّرت مواقفها، وتريدنا أن ندخل إلى العاصمة، وسوف ندخل".

وبالنسبة لاحتمال وقوع مواجهات مسلحة مع الكتائب الداعمة لحكومة الوحدة، قال "باشاغا": "ليست هناك معارضة شديدة، هناك معارضة من بعض القوى التي دفعت لها الحكومة السابقة أموالاً".

وهذا التصريح يعكس بداية نفاد صبر "باشاغا"، وأنه يستعد لمواجهة الكتائب الداعمة لحكومة "الدبيبة".

لذلك سارع عدد من قادة الكتائب الأمنية والعسكرية في المنطقة الغربية للتحذير من أنهم عازمون على "التصدي لكل من يحاول إحداث الفوضى داخل طرابلس"، في إشارة إلى تهديدات "باشاغا".

كما أصدر ناشطون في الحراك المدني، بيانا عبروا فيه عن رفضهم اقتحام العاصمة، والدخول في مراحل انتقالية، في إشارة إلى حكومة "باشاغا".

وأمام هذا الرفض الأمني والعسكري والشعبي، بغض النظر عن حجمه، فلن تكون مهمة "باشاغا" هينة، خصوصا، أن سكان طرابلس، ما زالوا لم ينسوا بعد المآسي والجراح الذي تسبب فيها هجوم قوات حفتر على مدينتهم.

وحتى الآن، لم يتجاوز توافق "الدبيبة" و"حفتر"، مسألة النفط، ولم يتم التوافق بعد بشأن اعتراف الأخير بحكومة الوحدة، وسحب البساط من تحت حكومة "باشاغا".

فـ"الدبيبة" و"حفتر"، ليسا لوحدهما في تقرير مصير البلاد، هناك فاعلون آخرون بإمكانهم قلب الطاولة على الجميع، على غرار مجلسي النواب والدولة، اللذان قد يتفقان على حكومة جديدة، لا يكون على رأسها لا "الدبيبة" ولا "باشاغا".

دون تجاهل دور المجلس الرئاسي، الذي قد يلجأ إلى فرض حالة الطوارئ، وإسقاط البرلمان بغرفتيه، فضلا عن الحكومتين المتصارعتين، وإعادة تشكيل المشهد السياسي من جديد.

روسيا، التي لن يسعدها عودة النفط الليبي إلى السوق الدولية، قد تحرك شركة "فاجنر"، ذراعها الأمنية في البلاد، للضغط على الأطراف الليبية لتحقيق مصالح معينة.

وفي هذا الصدد، نقلت قناة بانوراما (محلية) عن مصدر أمني، قيام "مرتزقة فاجنر الروس بتمرين تعبوي بالذخيرة الحية في محيط قاعدة الجفرة الجوية (وسط) باتجاه سرت، بمشاركة مكثفة لطائرات "ميغ 29"، ودون مشاركة مليشيات حفتر".

فالجميع في هذا المرحلة يترقب أي خطوة يقوم بها الآخر، خاصة مع تعدد اللاعبين السياسيين والعسكريين في ليبيا، والفاعلين الدوليين أيضا، مع عدم استبعاد تغير التحالفات، وسقوط أوراق، وصعود أسهم أشخاص لم يكونوا في الحسبان.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

الدبيبة باشاغا حفتر ليبيا نفط ليبيا الأزمة الليبية

باشاغا يكشف عن رفض دولي لتحالفه مع حفتر ويصف معارضيه بـ"مزدوجي الجنسية"

الدبيبة: مشروع الانقلاب انتحر سياسيا ولا حل إلا الانتخابات

الدبيبة: تغيير مجلس مؤسسة النفط أحبط خطط الطامعين في السلطة

ليبيا.. حكومة باشاغا تحذر من يرفع عليها السلاح

إيني تثير مناكفات جديدة بين الدبيبة وباشاغا في ليبيا.. ما القصة؟