واشنطن بوست: رسائل مهمة يجب أن تصل لإسرائيل وسط التوترات الميدانية الخطيرة

السبت 3 ديسمبر 2022 07:19 ص

كتب "جون بوشان" في روايته الكلاسيكية "جرين مانتل" عن التجسس البريطاني الألماني التركي خلال الحرب العالمية الأولى: "هناك رياح ساخنة تهب عبر الشرق، والأعشاب الجافة تنتظر الشرارة". ولا يمكننا التفكير في تشبيه أفضل لوصف ما يمكن أن يكون حالة مماثلة للإسرائيليين والفلسطينيين الذين يعيشون بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن.

الرياح الساخنة اليوم مدفوعة بثلاث قوى قوية تزيد من تفاقم الوضع المتقلب بالفعل: سلطة فلسطينية ضعيفة غير قادرة على السيطرة على الأوضاع، وحكومة إسرائيلية يمينية متطرفة سيتم الإعلان عنها قريبًا؛ وإدارة "بايدن" التي تنفر من المخاطرة وتتجنب اتخاذ قرارات حاسمة. وبينما إيران تحرك القدر، فإن الدول العربية الموقعة على "اتفاقيات إبراهيم" تدفن رؤوسها في الرمال.

ويجب على "بايدن" التعامل مع هذه الظروف الخطيرة المحتملة بشكل مباشر.

ومع اقتراب إسرائيل من عيد تأسيسها الخامس والسبعين العام المقبل، جاء "بنيامين نتنياهو" مرة أخرى ويحاول تشكيل الحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ الدولة، وكل ذلك في محاولة لتأمين تشريع لتأجيل محاكمته أو إلغاء لوائح الاتهام تماما.

وبعد أن أحيا أحزاب اليمين المتطرف والعنصري والكاره للنساء والمثليين، أصبح "نتنياهو" عالقًا معهم الآن. لقد أبرم صفقة مع المحرض المدان على الكراهية والعنف "إيتمار بن غفير" وجعله وزيرا للأمن القومي، مع سلطة واسعة على الضفة الغربية والقدس والمدن العربية اليهودية المختلطة في إسرائيل.

كما أن "بتسلئيل سموتريتش"، الذي دعا إلى طرد العرب، سيقوم بإدارة وزارة المالية، مع سلطة إضافية على الإدارة المدنية، التي تحكم الضفة الغربية. أما "آفي ماعوز"، الذي يتبنى بفخر أجندة شرسة مناهضة للمثليين، فقد تم تعيينه نائبًا في مكتب رئيس الوزراء المسؤول عن "الهوية اليهودية".

ويمكن اختصار جدول أعمال هذا التحالف في زيادة النشاط الاستيطاني ومصادرة الأراضي، وتعزيز عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين، وتكثيف المبذولة لتغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى من خلال إضفاء الشرعية على الصلاة اليهودية في الحرم الشريف، وتخفيف القيود المتعلقة باستخدام قوات الأمن للعنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والمواطنين العرب في إسرائيل.

في المقابل، من المرجح أن تكثف الجماعات الفلسطينية هجماتها ضد الإسرائيليين في الضفة الغربية وإسرائيل.

وكحد أدنى، يهدد ذلك بإلغاء حل الدولتين المحتضر بالفعل. وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى موجات عنف واسعة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في القدس، وبين المواطنين الإسرائيليين اليهود والعرب، وبين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين في الضفة الغربية. وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى اندلاع جولة أخرى من القتال بين إسرائيل و"حماس" في غزة، كما حدث في مايو/أيار 2021.

ولدى إدارة "بايدن" أولويات سياسية أكثر إلحاحًا في الوقت الحالي، خاصة مع وجود أغلبية جمهوريين مؤيدين لإسرائيل بشكل أعمى في طريقهم قريبًا للسيطرة على مجلس النواب. كما أن القضية النووية الإيرانية التي تلوح في الأفق، تجعل إدارة "بايدن" لا تبحث عن قتال مع "نتنياهو".

ومع ذلك، فإن الطبيعة غير المسبوقة لهذا الائتلاف -المنتخب ديمقراطياً ولكنه يمتلك قيمًا مناهضة للديمقراطية معادية لمصالح الولايات المتحدة- يجب أن يدفع البيت الأبيض إلى إرسال رسائل واضحة إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية والدول العربية.

ويجب إخبار إسرائيل أنه بينما ستستمر الولايات المتحدة في دعم المتطلبات الأمنية المشروعة لحليفها، فإنها لن تقدم أسلحة هجومية أو أي مساعدة أخرى للأعمال الإسرائيلية الخبيثة في القدس أو الأراضي المحتلة.

كما يجب على الولايات المتحدة أن تحذر على وجه التحديد من الجهود المبذولة لتغيير وضع الضفة الغربية والقدس، أو "إضفاء الشرعية" على البؤر الاستيطانية، وتوسيع البنية التحتية للمستوطنات لتقويض أي إمكانية لحل الدولتين.

يجب على "بايدن" أيضًا أن يوضح لإسرائيل أن إدارته لن تتعامل مع "بن غفير" أو "سموتريتش" أو وزاراتهم إذا استمروا في تبني سياسات وإجراءات عنصرية.

ويجب أن تعلم إسرائيل أن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة في المحافل الدولية، بما في ذلك مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، لن يكون مفتوحا أو أمرا مفروغا منه، بل إن الإدارة الأمريكية ستكون في حالة تأهب للأعمال الإسرائيلية التي تستحق الاستدعاء والإدانة.

من جانبها، يجب إخبار القيادة الفلسطينية بوضوح أن دعم الولايات المتحدة يعتمد على استعدادها لإجراء انتخابات وبناء حكومة ديمقراطية قادرة على السيطرة على الأوضاع.

أخيرًا، تحتاج إدارة "بايدن" إلى إبلاغ دول "اتفاقات أبراهيم" -الإمارات والبحرين والمغرب والسودان- بأن عدم اهتمامها الواضح بمحنة الفلسطينيين سيضر بمصداقيتهم لدى الولايات المتحدة.

ومن المهم أن ندرك أن الأزمات السابقة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية حدثت في سياق مفاوضات السلام.

إن قيام رئيس أمريكي بالضغط على حكومة إسرائيلية منتخبة ديمقراطيًا سيكون أمرًا غير مسبوق ومثير للجدل، لكن إسرائيل لم تشرع من قبل في مثل هذا المسار الخطير.

إن الإرادة السياسية مهمة، وهذه لحظة "لبايدن" لإظهار القوة والتصميم الأمريكي.

المصدر | آرون ديفيد ميلر ودانييل كيرتزر | واشنطن بوست -ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بايدن نتنياهو بن غفير إسرائيل مستوطنات الضفة الغربية اليمين المتطرف

نتنياهو يغرق في وحل الحكومة الائتلافية ومستنقع التصعيد؟

حكومة نتنياهو: التركيب الانفجاري وديمقراطية الموز!

رئيس الشاباك يحذر نتنياهو من انهيار السلطة الفلسطينية