معهد أمريكي: بايدن قرر تفضيل السيسي على حقوق الإنسان

الخميس 15 ديسمبر 2022 10:45 م

بينما يزور الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" واشنطن لحضور قمة القادة الأفارقة مع الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، أتذكر رحلتي الأخيرة إلى القاهرة خلال مؤتمر المناخ الشهر الماضي، عندما ظلت كلمات "جان جاك روسو" قائمة في ذهني: "ولد الإنسان حرا، وفي كل مكان، هو الآن يرسف في الأغلال".

وبالرغم أن رؤية "روسو" للدولة الحديثة قد لا تكون دقيقة، إلا أن تصويره للرجال والنساء المقيدين بالسلاسل من قبل شكل من أشكال الحكم الذي لم يوافقوا عليه كانت مناسبة؛ فلا يقتصر الأمر على وجود عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في مصر، بل تمتد قيود الدولة إلى ما هو أبعد من أولئك المعتقلين جسديًا، فهناك أعداد كبيرة تعاني من حظر السفر، وغير قادرين على رؤية أفراد أسرتهم في الخارج، أو متابعة الفرص المهنية أو التعليمية، أو الهروب من مصر قبل أن يتم احتجازهم.

لكني تجولت في القاهرة بحرية غير مثقل بالخوف الذي تعلمت من زملائي من ناشطي حقوق الإنسان كيف يتعايشون معه. وبدأت رحلتي من شرم الشيخ، حيث خاطر المدافعون الشجعان عن حقوق الإنسان بتحدي الحكومة المصرية من خلال التحدث علنًا عن قمع الدولة والدعوة إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين - ومن أبرزهم "علاء عبدالفتاح"، الذي كان في إضراب جزئي عن الطعام لأكثر من 200 يوم وتوقف عن شرب الماء مع بداية قمة المناخ.

ولفتت محنة "عبدالفتاح" الانتباه في جميع أنحاء العالم، ودعا المستشار الألماني "أولاف شولز" إلى إطلاق سراحه، وتوالت الدعوات من قبل المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان "فولكر تورك" وآخرين لا حصر لهم، وقاطعت الناشطة المناخية البارزة "غريتا ثونبرج" المؤتمر.

وقبل المؤتمر، حث المشرعون الأمريكيون رئيس بلادهم على "الضغط على الحكومة المصرية للإفراج عن النشطاء"، وقد خطف سجل مصر السيئ في مجال حقوق الإنسان الأضواء مع وصول "بايدن" إلى شرم الشيخ.

ومع ذلك، ظل "بايدن" صامتا، لكن لغة جسده كانت تتحدث عن مجلدات، حيث تم تصويره وهو يتحدث بمرح مع "السيسي"، حيث أثنى على استضافته للقمة. وبدت رئيسة مجلس النواب "نانسي بيلوسي" ودودة في الصور التي أظهرت أنها تمسك بذراع "السيسي"، ورأسها مائل تجاهه مثل تلاميذ المدارس.

ولم يشر خطاب "بايدن" إلى البيئة السياسية في مصر، ولم يقر بأن مصر احتجزت مدافعين عن حقوق البيئة ومنعت آخرين من السفر. وبدلاً من ذلك، أعلن عن حزمة تمويل مشتركة بين الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي بقيمة 500 مليون دولار لمساعدة القاهرة على خفض الانبعاثات الكربونية.

وعندما غادر "بايدن" مصر، قال مستشار الأمن القومي "جيك سوليفان" للصحفيين، إن الرئيس الأمريكي وجه فريقه للعمل على قضايا بعض السجناء السياسيين بشكل فردي. وقال "سوليفان": "هناك حاجة إلى حل هذه القضايا دبلوماسياً بدلا من الضغط العام". وقد رددت هذه الكلمات المزاعم التي سمعتها من بعض المصريين المرتبطين بالحكومة - أن الضغط العلني على قضية "علاء" عرّض الأسرة و"علاء" نفسه للخطر.

وبصفتي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، سمعت كلمات مماثلة من الحكومات الاستبدادية في جميع أنحاء العالم. ونادرًا ما يؤدي الصمت، حسب تجربتي، إلى العدالة.

وبحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى القاهرة، كان تأثير الزيارة الأمريكية واضحًا بالفعل؛ ففي الأسابيع التي سبقت قمة مؤتمر المناخ، كان "السيسي" خائفًا، كما أخبرني الناس، ودفاعيًا لدرجة أنه أطلق حملة قمع جديدة في الأيام التي سبقت القمة وحتى أثناءها، حيث سجن أو أخفى أكثر من 800 شخص.

كما حاولت السلطات المصرية التشكيك في إضراب "علاء" عن الطعام وتشويه سمعة الدعوات لإطلاق سراحه. ويخشى المدافعون عن حقوق الإنسان الذين تحدثت إليهم المزيد من القمع الوحشي في الأسابيع والأشهر القادمة.

ولم تكن الزيارة الدافئة للولايات المتحدة هي أول مبادرة ودية، ففي يونيو/حزيران، التقى "بايدن" مع "السيسي" على هامش رحلته إلى السعودية لحضور قمة دول مجلس التعاون الخليجي، بعد فترة قصيرة من قبضته الشهيرة مع ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان".

وبالرغم أن البيت الأبيض قال إن الاجتماعات تضمنت مناقشة قضايا حقوق الإنسان، إلا أنها لم تؤد سوى لتغيير طفيف. وأصر كل من البيت الأبيض ومكتب "بيلوسي" على أن مخاوف حقوق الإنسان قد أثيرت مع "السيسي" على انفراد؛ وسيحدد الوقت ما إذا كان لها أي تأثير. ولكن حتى لو تم إطلاق سراح عشرات أو حتى مئات السجناء السياسيين في الأسابيع المقبلة، فقد حدثت أضرار جسيمة.

وإذا كان "بايدن" جادًا في التركيز على حقوق الإنسان، فلا ينبغي أن يجتمع مع "السيسي" في واشنطن هذا الأسبوع ما لم يتلق أولاً التزامات ملموسة بشأن حقوق الإنسان، بما في ذلك إطلاق سراح مئات السجناء المحتجزين في الأيام التي سبقت قمة المناخ وخلالها.

ومع وجود عامين آخرين في المنصب، يحتاج "بايدن" إلى إعادة ضبط نهجه تجاه منتهكي حقوق الإنسان، بنهج يركز على الضحايا والمجتمع المدني، وليس المنتهكين.

وبدلاً من دعم المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، عرّضتهم الولايات المتحدة لخطر أكبر. وبدلاً من استغلال قمة المناخ من أجل حماية الكوكب وتعزيز الديمقراطية، قدم "بايدن" هدية بقيمة 500 مليون دولار إلى حاكم مستبد. لقد غادرت القاهرة وعدت إلى واشنطن مع الهدايا التذكارية وصور الأهرامات وشعور عميق بخيبة الأمل.

**لقراءة النص الأصلي Biden needs to confront el-Sisi on human rights

المصدر | أندريا جي براسو/ ريسبونسبال ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بايدن السيسي مصر المناخ المعتقلين حقوق الانسان العلاقات المصرية الأمريكية

المونيتور: السيسي حظي باستقبال حار في واشنطن لهذه الأسباب

لتعزيز سلطته.. منظمات حقوقية تتهم السيسي بالتلاعب بمكافحة الإرهاب