أنجلوس تايمز: هل تلقى المشاريع التنموية السعودية الضخمة مصير برج جدة وأخواته؟

الخميس 12 يناير 2023 05:03 م

سلطت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الضوء على المخاوف المثارة والمتزايدة مؤخرا، من أن تلحق المشاريع التنموية العملاقة التي تنفذها الحكومة السعودية في الوقت الحالي، بنظيراتها السابقة التي تم تجميدها بعد ثبوت عدم جدواها وفشلها.

وتستهدف المملكة من وراء إقامة تلك المشاريع التي تسميها بـ"المشاريع الكبرى" ويمولها صندوق الاستثمارات العامة (حكومي)؛ إصلاح وتنويع اقتصادها القائم على النفط، وترسيخ مكانتها كقوة تجارية عظمى في المنطقة، وتعزيز مكانة مدنها العالمية.

واستشهد التقرير بمشروع "برج جدة"، الذي إذا تم بناؤه كما خطط له، فسيكون الأعلى في العالم، بطول يصل إلى ألف متر، لكن رغم أن موعد الانتهاء من إقامته كان في 2020 (بعد 7 سنوات من بدء التشييد) لايزال المبني قيد التشييد ويظل موعد افتتاحه الرسمي مجهولا.

تم إطلاق "برج جدة" في عام 2008، وكان من بنات أفكار الملياردير السعودي الأمير "الوليد بن طلال"، الذي كان في ذلك الوقت أكبر رجل أعمال من الأسرة المالكة في البلاد، قبل أن يصبح ولي العهد الحاكم الفعلي للمملكة.

مشاريع ضخمة

وفق "لوس أنجلوس تايمز" فإن "برج جدة" يلوح في الأفق الآن، كعلامة استفهام حول ما وصفتها بمقامرة ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" لإصلاح اقتصاد بلاده التي يبلغ عدد سكانها 36 مليون نسمة، عبر إقامة مشاريع ضخمة عين لتنفيذها كبار المهندسين المعماريين  من حول العالم، للتفوق على منافسيه في المنطقة كالإمارات.

في عام 2017، أعلن "بن سلمان" عن مشروعه الرائد "نيوم"، مدينة ضخمة بحجم ولاية ماساتشوستس يجري بناؤها في شمال غرب السعودية.

ثم جاء الإعلان عن مشروع "ذا لاين" وهناك أيضا تروجينا وهو منتجع تزلج، سيستضيف دورة الألعاب الآسيوية الشتوية لعام 2029.

وتشمل تلك المشاريع أيضا "أوكساجون" وهو أكبر مجمع صناعي عائم في العالم، ومطار الملك سلمان الجوي، الذي من المفترض أن يستوعب 120 مليون مسافر بحلول عام 2030؛ و"سندلة" وهو مشروع جزيرة قبالة ساحل نيوم، ومن المتوقع أن تقوم المملكة بتنفيذ المزيد من المشاريع الضخمة.

ووفق مجموعة "ميدل إيست إيكونوميك دايجست"، فقد سيطرت المملكة هذا العام على قطاع الإنشاءات في الشرق الأوسط حيث تم إرساء 35٪ من العقود من حيث القيمة.

من بين 719 مليار دولار مخصصة لـ 15 مشروعًا ضخما، تم منح 30 مليار دولار فقط حتى الآن، مما يعني أن المشاريع لا تزال في مرحلة الإنشاء، ومن المتوقع أن تتسارع وتيرتها في السنوات القليلة المقبلة.

وضع برج جدة

فيما يتعلق بـ"برج جدة" فقد كانت التطلعات تشير إلي أن إقامة البرج سيكون هو العامل المساعد في ازدهار المدينة ومن حولها.

في البداية، تقدم البناء بسرعة في مشروع بناء "برج جدة"، حيث تم تشييد 63 طابقًا بحلول نهاية عام 2017. ثم أصبح "بن سلمان" وليا للعهد وأطلق حملة تطهير ضد الفساد - وصفها النقاد بأنها انتزاع للسلطة - أوقعت بالأمير "الوليد" ومجموعة "بن لادن"، المقاول الرئيسي للبرج.

ومنذ ذلك الحين توقف العمل تمامًا بالبرج، وبينما كان على وشك العودة في عام 2020، ضرب فيروس كورونا المستجد العالم، وحتى الآن ظل الموقع هادئًا على الرغم من التصريحات العرضية التي تشير إلى عكس ذلك.

وأشارت الصحيفة إلى أنه يبدو أن ولي العهد لديه خططه الخاصة في جدة، وهو ما قد يفسر عدم إحراز تقدم في برج جدة، حيث أعلن في ديسمبر/ كانون 2021 "وسط جدة"، المعروف سابقًا باسم "جدة داون تاون الجديدة"، حيث سينفق 20 مليار دولار لتطوير 2.2 ميل مربع في الجزء الجنوبي من المدينة.

وأشارت إلى أن عمليات الهدم للمباني في جدة قوبلت بانتقادات حقوقية بعد تسببها في تهجير مقيمين، وكان هناك انتقادات أخرى بأن الحكومة السعودية يجب أن تستثمر في تحسين البنية التحتية المتداعية في جدة بدلاً من بناء أبراج فاخرة.

إلى جانب عمليات الإخلاء القسري، يقول المشككون إن هناك عقلية في العمل تهدف إلى إنشاء مجتمعات مغلقة تشبه "ديزني لاند" تعمل كمولدات للربح ولكنها لا توفر ملمس مدينة حقيقية.

وفي المقابل، تدافع سلطات جدة عن المشروع باعتباره تصحيحًا ضروريًا لعقود من الإهمال وتصر على صرف تعويضات النازحين بشكل عادل.

فشل محتمل

وقالت الصحيفة الأمريكية، أن ثمة مشاريع مماثلة في الدولة الخليجية والمنطقة كان من المفترض أن تفعل الشيء نفسه إلى حد كبير ولكنها الآن أصبحت مهجورة تمامًا.

وأضافت أن السؤال المركزي الذي فشل الكثير من مختلف القادة في الخليج الإجابة عليه على مدار عقود رغم إنفاق المليارات هو هل ينجح الجمع بين الأموال غير المحدودة والمعماريين والجراءة المطلقة في إنشاء مكان يريد الناس أن يعيشوا فيه بالفعل؟ أو بعبارة أكثر بساطة، إذا قمت ببناء ذلك، فهل سيأتي الناس إليه؟

وذكرت أن السجل الحافل للمساعي التنموية المماثلة، في السعودية وأماكن أخرى، يثير تساؤلات حول ما إذا كان الناس يريدون العيش في نوع البيئة العقيمة المعروضة.

فقد كان من المفترض أن تجتذب مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، التي افتتحت منذ أكثر من عقد من الزمان وتقع على جزء من الساحل البكر على بعد 70 ميلاً تقريبًا شمال جدة، مليوني شخص بحلول عام 2035؛ حتى الآن، يتراوح عدد سكانها من 4000 إلى 7000.

أما بالنسبة لمشروع تطوير برج جدة الذي يبدو مجمداً، فإن الأشخاص المرتبطين بالمشروع يصرون على استئناف البناء لكنهم لا يقدمون جدولاً زمنياً.

يقول آخرون إن إعادة تنظيم الملكية يجب أن تحدث، إلى جانب حل التزامات مجموعة بن لادن المثقلة بالديون.

قامت شركة المملكة القابضة، شركة الأمير "الوليد"، ببيع جزء من أسهمها إلى صندوق الاستثمارات العامة السيادي، مما يعني أن الدولة تستثمر الآن في مستقبل البرج.

في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" عام 2018، قال الرئيس التنفيذي للشركة إن مشروع البرج يتماشى مع رؤية ولي العهد لإعادة تشكيل السعودية.

ومع ذلك، فإن الزيارة الأخيرة لموقع البرج لم تظهر أي علامة على تقدم أو حتى استعدادات لاستئناف البناء؛ كان العمال الوحيدون المتواجدون يعملون على الانتهاء من محطة كهرباء فرعية قريبة لخدمة 6 آلاف منزل في مدينة جدة الاقتصادية.

قال أحد العمال، الذي لم يذكر اسمه لأسباب تتعلق بالخصوصية، "نحن هنا منذ عامين ولم نر أحدًا على البرج".

كما ألقت تطورات أخرى بظلال من الشك على جدوى المشروع. إذ أفادت تقارير الشهر الماضي أن صندوق الاستثمارات العامة يدرس خططًا لإنشاء مشروع ضخم لبرج يبلغ ارتفاعه 6000 قدم كجزء من مشروع تطوير أكبر في الرياض.

يتساءل المستشارون سرا عما إذا كان ذلك يعني أن برج جدة تيتم. يتكهن البعض أن الخطة البديلة يمكن أن تتمثل في الانتهاء من ارتفاعه الحالي أو هدمها وبدء شيء جديد، على الرغم من أن أكثر من ثلث الخرسانة قد تم صبها بالفعل وتم إنفاق الكثير من الأموال.

في رسالة بريد إلكتروني، قال "سميث"، أحد مصممي برج جدة، إنه يعتقد "أنه سيكون بمثابة دفعة مذهلة لصناعة السياحة وجدة لرؤية هذا البرج من جديد والوصول إلى ارتفاع التصميم".

وعندما سئل عما إذا كان يتوقع ازدهار حي برج جدة كما هو متصور، هز كتفيه قائلا: "كل هذا يتوقف على البرج. هذا هو عامل الجذب الرئيسي ".

"إذا لم يتم اكتمال البرج أو انتقل إلى الارتفاع المخطط له، فسيكون من الصعب جلب الناس إلى هنا."

المصدر | لوس أنجلوس تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

برج جدة نيوم ذا لاين محمد بن سلمان تنويع الاقتصاد