كيف سيكون تأثير الزلزال على الانتخابات التركية المقبلة؟

السبت 11 فبراير 2023 12:48 م

ألقى موقع "المونيتور" البريطاني الضوء على تأثير كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا مؤخرا على الانتخابات العامة المقررة في تركيا بعد أشهر، مستشهدا بعبارة وردت في كتاب للمؤلفين "بروس بوينو دي ميسكيتا" و"أليستير سميث" اعتبرا فيها أن "الزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى قادرة على هز الأنظمة السياسية".

لكن الموقع أوضح، في تقرير له ترجمه "الخليج الجديد"، أن دور أي كارثة طبيعية في إسقاط حكومة ما يعتمد على أمرين؛ الأول هو حجم "التحالف الحاكم"، فكلما كان أصغر كان وضعه أفضل للبقاء في السلطة بعد مثل هذه الكوارث. أما الثاني فهو مدة بقاء الحاكم في السلطة؛ فكلما طالت مدة حكمه كان ذلك أفضل بالنسبة له.

ومعلقا على أثر الزلازل على الأنظمة السياسية، قال "ميسكيتا"، وهو أستاذ علوم سياسية بجامعة نيويورك: إن "الخطر أكبر على الديمقراطيات منه على الديكتاتوريات".

وأوضح أن المواطنين يحاسبون الديمقراطيات على الحكم الرشيد، لاسيما طريقة الاستجابة للكوارث مثل الزلازل، وتكون هذه المحاسبة أكبر خلال سنوات الانتخابات. ولا تعاني الديكتاتوريات من مثل هذه المساءلة.

وهذا يعني أن تداعيات الزلزال ستكون أكثر إشكالية بالنسبة للرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" مقارنة برئيس النظام السوري "بشار الأسد"، فقد ظل الرئيس "أردوغان" في السلطة لمدة 20 عاما، إما كرئيس أو رئيس وزراء، لكنه سيواجه الناخبين في 14 مايو/أيار المقبل في سباق تتقارب فيه الحظوظ كثيرا.

واعتبر تقرير "المونيتور" أن الضغط على الرئيس "أردوغان" هائل؛ حيث قُتل ما يقرب من 20 ألف شخص حتى الآن في تركيا نتيجة الزلزال.

ولفت إلى أن 7 من الولايات التركية العشر التي ضربتها الكارثة يسيطر عليها رؤساء بلديات من حزب "العدالة والتنمية"، الذي يقوده الرئيس "أردوغان"، وهي: أديامان، وملاطيا، وكيليس، وغازي عنتاب، وكهرمان ماراش، وعثمانية، وشانلي أورفا.

بعبارة أخرى، ضرب الزلزال الأوساط الانتخابية الأساسية للرئيس "أردوغان"، وهو بحاجة إلى أن يُظهر لهم قدرته على التعويض مع اقتراب موعد الانتخابات. وليس من المستغرب أن يصبح الزلزال قضية الحملة الأولى.

واستشهد تقرير "المونيتور" بما قالته الكاتبة "نازلان إرتان": "مع اقتراب الانتخابات الحاسمة في تركيا بعد أشهر قليلة، تشدق القادة السياسيون في تركيا جميعًا بالوحدة السياسية". "ولكن مع تزايد الغضب الشعبي مع ارتفاع عدد القتلى، بدأ الجمهور والمعارضة ووسائل الإعلام في إلقاء اللوم على شكل الاستجابة للزلزال والمباني الرديئة التي أودت بحياة الأرواح".

واعتبر التقرير أن الرئيس "أردوغان"، الذي كان له دور لامع على المسرح العالمي منذ الغزو الروسي لأوكرانيا؛ حيث وضع نفسه كوسيط رئيسي بين الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" والأوكراني "فولوديمير زيلينسكي"، وظف منذ وقوع الزلزال، شبكته للعمل من أجل بلاده، وأظهر نفسه على أنه الشخص الذي لديه صلات دولية لتقديم الدعم الدولي لتركيا في هذا الوقت الحرج.

كما طبّق "أردوغان" حالة الطوارئ للتعامل مع الزلزال.

وبالمقارنة مع  "الأسد"، يقدر التقرير أنه من غير المرجح أن يهز الزلزال قبضة الأخير على السلطة، ويمثل في الواقع فرصة للضغط على قضيته من أجل إنهاء العقوبات الدولية على سوريا حيث يفي "الأسد" بسهولة بكل من معايير "بوينو دي ميسكيتا" للبقاء، بالرغم من مقتل ما يقرب من 3500 شخص حتى الآن بسبب الزلزال، فقد عاش كرئيس لأكثر من 22 عامًا، ويحكم عبر دائرة انتخابية ضيقة.

ومعلقا على موقف "الأسد"، قال "ميسكيتا": "بصفته ديكتاتورًا راسخًا، لا يجد الأسد سوى قدر ضئيل من المساءلة أمام الناس عن استجابته للزلزال، وبالتالي فهو معرض لخطر ضئيل بفقدان السلطة". ورأى أن هناك فرصة للسيطرة على أي إغاثة ومساعدة دولية يتم توجيهها من خلال حكومته.

وأضاف التقرير: "الزلزال يمنح الأسد منصة عالمية رفيعة للمطالبة برفع العقوبات الدولية، وإعادة العلاقات مع الدول العربية، والإصرار على إيصال المساعدات عبر شبكات الحكومة السورية"، كما ذكرته الكاتبة "أمبرين زمان" التي كتبت أن الزلزال الذي دمر أجزاء من معقل "الأسد" في اللاذقية يكشف بعض الثغرات في رواية واشنطن بشأن العقوبات.

وتزعم الولايات المتحدة أن العقوبات لا تحد من المساعدة الدولية، لكن هناك محظورات، أو على الأقل "منطقة رمادية"، بشأن توزيع المساعدات في الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة.

وقد غرّدت حكومة "الأسد"، الجمعة، قائلة إنها ستسمح بدخول المساعدات عبر الحدود إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة والمعارضة. سيكون الشيطان في التفاصيل. من غير المرجح أن يسمح "الأسد" لوكالات الأمم المتحدة أو المنظمات غير الحكومية بالوصول غير المقيد إلى اللاذقية أو أي مكان آخر دون ثمن.

وعرج التقرير على الوضع في شمال سوريا حيث تعثرت عملية الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بسبب إغلاق معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وسوريا بسبب الأضرار التي لحقت بالطرق من الزلزال. وكان مسؤولو الأمم المتحدة يسعون جاهدين لإيجاد بدائل، ولكن هناك إحباط عام من الاستجابة البطيئة وغير الكافية تمامًا حتى الآن، كما ذكرته الكاتبة "إليزابيث هاجيدورن".

وأورد التقرير بعض الإفادات المحلية حيث أفاد "خالد الخطيب" من حلب أن المساعدات الدولية لم تصل حتى يوم الخميس، تاركة المواطنين المحليين والمنظمات غير الحكومية وحدهم في عمليات القيام بانتشال المدفونين تحت الأنقاض، والتعامل مع الجرحى، وإصلاح الخدمات الأساسية والبنية التحتية. وقد ذكر "الخطيب" أن المركبات الوحيدة التي وصلت حتى الآن إلى سوريا عبر باب الهوى هي تلك التي تحمل جثث سوريين ماتوا في تركيا.

ووفقا للتقرير هناك عقبة أخرى محتملة هي أن هيئة تحرير الشام التابعة لتنظيم القاعدة تسيطر على معظم محافظة إدلب، التي تأثرت أيضًا بالزلزال. وقد تم تصنيف هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وكما يرى زعيمها، "أبومحمد الجولاني"، أن هناك فرصة في الأزمة لتنسيق عمليات الإغاثة مع الغرب.

وقد شارك "الجولاني" في حملة علاقات عامة في السنوات القليلة الماضية، حيث كان يتخلى أحيانًا عن زيه لبدلة سريعة وقصة شعر وتقليم لحيته، ويقول كل الأشياء الصحيحة عند التحدث مع المراسلين الغربيين، بينما يقوم في الوقت نفسه بقمع الجهاديين المتشددين لتوحيد سيطرته على إدلب.

ويختتم التقرير بما كتبته "هاجيدورن" في وصف المعاناة في إدلب: "يؤدي الاضطراب الحالي في توصيل المساعدات إلى تفاقم المعاناة في إدلب، موطن أحد أكثر فئات السكان ضعفًا في العالم حتى قبل الزلزال".

وأضاف: "على مر السنين، أدت الضربات الجوية السورية والروسية على جيب المعارضة المكتظ بالسكان إلى تدمير أحياء بأكملها بالأرض وتدمير المستشفيات وخلق موجة جديدة من النازحين".

المصدر | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا الانتخابات الزلزال أردوغان الأسد

أمريكا: زلزال تركيا من بين الأقوى خلال القرن الأخير

قد تطال الانتخابات التركية.. كارنيجي: تداعيات الزلزال ستستمر لأشهر مقبلة

هل يؤدي زلزال تركيا المدمر إلى تأجيل الانتخابات؟