منصة إلكترونية تفاعلية في مصر.. هل تكون بديلا للحوار الوطني أم محاولة لتنفيس الشعب؟

الأحد 12 مارس 2023 09:04 ص

أطلقت مصر منصة تفاعلية للمشاركة المجتمعية، وسط جدل واسع حول دورها الحقيقي؛ بين مشاركة المواطنين في اتخاذ القرار، ومحاولة للتنفيس عن الشعب، في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد.

جاء إطلاق المنصة، في الوقت الذي تترقب فيه مصر انطلاق جلسات الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ 11 شهراً، ولم يتم تحديد موعد جلساته بعد، وسط تساؤلات حول ما إذا ستكون بديلا عن هذه الجلسات.

منصة "حوار" التي أعلنت عنها الحكومة المصرية الشهر الماضي، "تهدف إلى تحقيق أفضل مشاركة مستدامة للمواطنين في عملية صنع القرار (..) وتُتيح للمواطن إبداء الآراء والمقترحات في مختلف الموضوعات المطروحة، والمشاركة في استطلاعات الرأي".

وأضاف المجلس أن المنصة "ستكون بمثابة حلقة الوصل بين الحكومة والمواطنين، لضمان الحرية التامة في عرض الآراء والمقترحات مع إتاحة الفرصة للجميع لعرض آرائهم ومبادراتهم على المسؤولين".

وجاء إنشاء منصة "حوار"، بعد دراسة أفضل 10 تجارب دولية في مجال المشاركة المجتمعية الإلكترونية بدول اليابان وأستراليا وإستونيا وسنغافورة وفنلندا والدنمارك وكندا والإمارات والسعودية وعمان، التي حققت أعلى تصنيف بمؤشر المشاركة الإلكترونية.

وتتكون منصة "حوار" من 7 أقسام، أولها للتعريف بالمنصة وأهدافها وقواعد عملها، وقسم لتسجيل بيانات الدخول، وقسم ثالث تحت اسم "منتدى الحكومة"، وهو الجزء الرئيسي الذي يتيح المشاركة المجتمعية في القضايا والموضوعات المطروحة من قبل الحكومة المصرية، للتعرف على اتجاهات الرأي العام في شأنها وآراء المتخصصين حولها.

بينما يأتي رابع الأقسام تحت اسم "حوار الخبراء"، وتم تخصيصه للخبراء للتعرف على آرائهم حول بعض الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية التخصصية، ومنها الموضوعات المتعلقة بالمشروع البحثي المتكامل لصياغة السيناريوهات وبدائل السياسات اللازمة لتعامل الاقتصاد المصري مع الوضع الاقتصادي العالمي خلال عامي 2023 و2024.

أما القسم الخامس فيتعلق بنشاطات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار للتواصل مع المواطنين والمتخصصين، إلى جانب قسم سادس تلقي المبادرات والمقترحات، وسابع للتعريف بالقطاعات المختلفة التي يشملها الحوار على المنصة، مثل الثقافة والإعلام وعديد من القطاعات الاقتصادية والتعليم والصحة.

وفي أول أسبوعين من إطلاق المنصة، قدم 73 مواطناً مقترحات وأفكار تركز معظمها حول الاقتصاد والأحوال الوظيفية.

وللمشاركة تطلب المنصة التسجيل بكتابة الاسم رباعي باللغتين العربية والإنجليزية ورقم بطاقة الهوية ورقم التليفون المحمول والوظيفة وجهة العمل والبريد الإلكتروني مع إمكانية إضافة صورة شخصية.

وعند تدوين المقترح ترد المنصة آلياً في صورة تعليق: "نشكركم على مشاركتكم الفعالة وثقتكم في منصة حوار، ويرجى من سيادتكم إرسال مقترحكم بشكل أكثر تفصيلاً حتى يتسنى اتخاذ اللازم في شأنه".

ويمكن للمواطن عبر المنصة المشاركة بالتصويت حول قضايا محددة خلال توقيت زمني، ما قد يستخدم كمؤشر حول آراء المواطنين والمتخصصين حول مختلف الملفات.

يقول عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية محمد شومان، إن المنصة تعد "ظاهرة إيجابية وطريقة مهمة لمشاركة المواطنين في حوار مستمر ودائم مع متخذي القرار"، مضيفا: "كما تعد أحد مظاهر الديمقراطية الإلكترونية".

ويعرب شومان في تصريحات صحفية، عن تعجبه من عدم الترويج الكافي للمنصة عبر وسائل الإعلام المختلفة، مشددا على "ضرورة تحديد محاور يتم التفاعل حولها، ثم يلي ذلك قرارات فعلية، وألا يكون الحوار من أجل الحوار أو شكلاً من أشكال التنفيس، لكن يجب ترجمته إلى قرارات حكومية وتستجيب الحكومة لأطروحات المواطنين".

وحول تزامن إطلاق المنصة مع مرور الدولة المصرية بعدد من الأزمات الاقتصادية وبعد عدة أشهر من انطلاق الحوار الوطني، يقول شومان إن ذلك لا يقلل من أهمية المنصة، بل يؤكد ضرورتها وتفعيلها بالشكل المطلوب بمشاركة مجتمعية على قدر الحدث.

لكن مصدر برلماني مطلع على مجريات الحوار الوطني، يربط بين إطلاق المنصة، وتجميد أو تعديل أو إرجاء جلسات الحوار، التي تناقش المواضيع الأساسية، إلى "أجل غير مسمى".

ويرى المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، لصحيفة "العربي الجديد" أن "الحوار بات مجمداً بصورة فعلية منذ بيان مجلس أمنائه الأخير، بشأن تحديد الموضوعات المطروحة على لجانه الفرعية، في 12 يناير/كانون الثاني الماضي، إذ لم يعقد المجلس سوى اجتماع تحضيري واحد طوال هذه الفترة، من دون أن يُعلن عن أسماء المشاركين في الحوار أو موعد انطلاق جلساته".

ويذكر المصدر أن "السلطة غير جادة في إجراء الحوار، وهو ما ظهر بوضوح من خلال التسويف المتعمد لانطلاق جلساته، أو الاستجابة لأي من مطالب الحركة المدنية الديمقراطية، الممثلة لأحزاب ليبرالية ويسارية، وأهمها الإفراج عن سجناء الرأي من المحبوسين احتياطياً، وتعديل قوانين تكوين الجمعيات الأهلية والنقابات، وتحرير وسائل الإعلام من القيود المفروضة عليها".

ويعتبر المصدر أن "إطلاق الحكومة منصة حوار في هذا التوقيت يمهد لجعلها بديلاً للحوار الوطني، لأن الهدف منها هو رصد آراء ومقترحات الخبراء والمتخصصين في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي المحاور الرئيسية الثلاثة نفسها للحوار المعطل منذ قرابة عام، والذي لا يعلم أحد متى ستنطلق جلساته على وجه التحديد حتى الآن".

ويضمّ مجلس أمناء الحوار الوطني 19 عضواً، وشكّل 19 لجنة نوعية تندرج تحت المحاور الرئيسية الثلاثة للحوار.

ويستبعد المصدر بدء جلسات الحوار الوطني خلال الشهرين المقبلين، بسبب انشغال المنسق العام للحوار، نقيب الصحفيين المنتهية ولايته ضياء رشوان، بانتخابات نقابة الصحفيين، المقرر إجراؤها في 17 مارس/آذار، وبسبب صعوبة إجراء فعاليات الحوار خلال شهر رمضان (بين أواخر مارس/آذار وأواخر أبريل/نيسان المقبلين).

وسبق أن تعهد رشوان بأن يبدأ الحوار الوطني الشهر الماضي، لكن ممثلي ما يعرف بـ"التيار المدني" أبدوا اعتراضاً بسبب عدم الالتزام بتعهدات سابقة للإفراج عن عدد كبير من المعتقلين السياسيين.

بينما يرى مدير مركز الدراسات الاستراتيجية (غير حكومي) سعد الزنط، أن "البلاد ليست في حاجة إلى حوار ولا منصات، وكل هذا الكلام يعد محاولة لخلق نوافذ للمواطنين للتنفيس عن أنفسهم" في ظل وجود أزمات معيشية واقتصادية، مؤكداً أهمية وجود الجرأة لدى الدولة لحل المشكلات التي تواجهها من خلال مسؤولين وطنيين.

ويشير إلى أن الدولة ليست عاجزة بأجهزتها الأمنية والمعلوماتية والتنفيذية عن التوصل لحلول للتحديات المختلفة، وليست في حاجة إلى لبحث عن حلول، لافتاً إلى غياب الثقة بين المواطن والمسؤولين الحكوميين، والتغلب على أزمة الثقة يكون بتغيير الحكومة وتعيين "حكومة إنقاذ وطني"، وليس مجرد الحوار عبر منصات إلكترونية.

بينما يذهب قطاع آخر إلى التحذير من أن يكون الهدف من المنصة "أمني"، وهو اصطياد أصحاب الأفكار المعارضة للسلطة.

ويستغرب ناشطون معارضون أن تطلب منصة "حوار" من المصريين الذين تطالبهم أن يقولوا آراءهم في مشاريع السلطة وأفكارهم، أرقام هوياتهم وهواتفهم وعناوينهم.

 

 

 

 

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تنفيس حوار وطني مصر أزمات اقتصادية تواصل

كلمة عمرو موسى في أولى جلسات الحوار الوطني تثير جدلا واسعا.. ماذا حدث؟