مبيعات الأسلحة الروسية.. هل تهدد التقارب بين إيران والعرب؟

الجمعة 21 أبريل 2023 11:06 ص

حذر جرانت روملي، زميل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، من أن مبيعات الأسلحة الروسية المتقدمة إلى طهران تهدد التقارب الراهن بين إيران وجيرانها العرب، لاسيما وأنه "لم ينجح حتى الآن في خفص التصعيد".

روملي تابع، في تحليل لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية ترجمه "الخليج الجديد"، أن "روسيا تلقت مئات الطائرات الإيرانية بدون طيار التي تقصف المدن الأوكرانية والبنية التحتية المدنية، بينما يبدو أن طهران تتأهب للحصول على مقاتلة روسية متطورة من طراز سوخوي إس يو-35، وورد أن موسكو نقلت إلى إيران أسلحة أمريكية وغربية تم الاستيلاء عليها" في حرب روسيا المستمرة في جارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

ووفقا للبيت الأبيض فإن إيران يمكن أن تحصل أيضا على "مكونات عسكرية متقدمة" وأسلحة أخرى، مثل طائرات الهليكوبتر وأنظمة دفاع جوي.

وأضاف روملي أن "الحصول على تلك المقاتلة الروسية متعددة المهام الرئيسية، فضلا عن التعاون في التدريب العسكري وتطوير الأسلحة، يعد خطوة مهمة في تعميق العلاقة الأمنية بين موسكو وطهران".

واعتبر أن هذا الوضع "يمثل تغييرا عن الماضي، حين قامت موسكو بمعايرة مبيعاتها من الأسلحة إلى إيران بعناية مع علاقاتها العسكرية والدبلوماسية الأخرى في المنطقة، وكانت الصفقة الأبرز في العقد الماضي استحواذ إيران على نظام الدفاع الجوي الروسي إس-300 عام 2016".

تدريب وصيانة

"على المدى القريب، قد لا يغير بيع الأسلحة الجديدة من روسيا إلى إيران بشكل كبير ميزان القوى العام في الشرق الأوسط، فالخسائر الهائلة في المعدات الروسية في الحرب الدائرة بأوكرانيا تجعل من المحتمل أن تضطر موسكو إلى تقليص صادراتها من الأسلحة"، وفقا لروملي.

وأردف: "والأهم من ذلك أن القوة العسكرية الأساسية لإيران تكمن في قدراتها غير المتكافئة: استخدامها لصواريخ كروز وصواريخ باليستية وشبكة معقدة من الوكلاء الإقليميين، وحتى يتم إدخال مقاتلات سوخوي إس يو-35 في الميدان، سيتعين على طهران تطوير وتدريب طيارين لتشغيلها وإنشاء خط صيانة لإبقائها عاملة".

ورجح أن "العقوبات المفروضة على صناعة الدفاع الروسية (على خلفية الحرب) واستنزاف موسكو في ساحة المعركة بأوكرانيا ستجعل الحصول على قطع غيار للمقاتلات الروسية أمرا صعبا، لذلك من المحتمل أن يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن تتمكن إيران من دمج تلك المقاتلات في قدراتها".

إعادة تصنيع

روملي اعتبر أن "التأثير الأكبر والأكثر أهمية لهذه الشحنات هو على المدى الطويل، عبر قدرة إيران على الهندسة العكسية (إعادة تصنيع) والتكرار والإنتاج الضخم لمكونات هذه المقاتلات، مما سيضيف المزيد من القدرات العسكرية التقليدية إلى ترسانات طهران ووكلائها".

وتابع أن "إيران تمتلك صناعة أسلحة متطورة ونجحت في إعادة تصنيع العديد من المعدات، بينها طائرات مقاتلة وصواريخ وأجزاء طائرات، وبينها طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار كانمت قد استولت عليها".

وزاد بأنه "سيتعين على خصوم إيران الرئيسيين، الولايات المتحدة وإسرائيل، التخطيط ليس فقط لمواجهة جيش إيراني يتمتع بقدرات أكثر تقدما، ولكن أيضا لمواجهة شبكة إقليمية من الوكلاء المجهزين من طهران بأسلحة أكثر تقدما".

وتتهم عواصم إقليمية وغربية، في مقدمتها الرياض وتل أبيب وواشنطن، طهران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية بينها اليمن ولبنان والعراق وسوريا، بينما تقول إيران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار.

تحول مقلق

وتنذر شحنات موسكو من الأسلحة أيضا، كما أضاف روملي، بـ"تحول محتمل مقلق في صادراتها من الأسلحة في المنطقة، فتاريخيا حققت روسيا توازنا في عمليات نقل الأسلحة إلى الشرق الأوسط والمناطق المجاورة".

وتابع: "في الواقع، تضاءلت صادرات الأسلحة الروسية إلى إيران مقارنة بنظيرتها إلى مصر والجزائر والهند. الآن يقال إن المقاتلات المتجهة إلى إيران هي التي كانت قد اشترتها مصر ثم ألغت الصفقة ويرجع ذلك جزئيا إلى احتمال تعرضها عقوبات من الولايات المتحدة (المنافس الاستراتيجي لروسيا)".

وأفاد بأن "تأثير حرب أوكرانيا والعقوبات اللاحقة على صناعة الدفاع الروسية أدت إلى تعقيد صادرات الأسلحة الروسية (...) ونظرا لأهمية الصادرات الدفاعية للاقتصاد الروسي، قد توجه موسكو المزيد من مبيعاتها إلى إيران، بينما تتعرض معاملاتها مع العملاء التقليديين للخطر".

العرب وإسرائيل

وعلى المدى الطويل، من المرجح أن تؤدي هذه الشحنات من الأسلحة الروسية إلى زيادة الإنفاق الدفاعي في الشرق الأوسط، وفقا لروملي.

وأوضح أن "الشرق الأوسط تعد بالفعل إحدى أكبر المناطق المستوردة للأسلحة في العالم، فهي موطن لخمسة من أكبر 15 مستوردا للأسلحة في العالم (السعودية وقطر ومصر والإمارات والكويت)".

وزاد بأن المنطقة "تضم تسعة من أكبر 15 دولة من حيث الإنفاق الدفاعي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي (سلطنة عمان والكويت والجزائر والأردن والسعودية والمغرب وإسرائيل والإمارات وقطر وفقا بيانات 2022).

وحذر روملي من أن "بيع روسيا أسلحة إلى إيران يمكن أن يهدد روح المصالحة التي تنتشر حاليا في المنطقة، لاسيما وأن التقارب السعودي الإيراني لم ينجح حتى الآن في خفص التصعيد".

وأردف أن هذا التقارب "فشل حتى الآن في معالجة عوامل زعزعة الاستقرار على المدى الطويل وهي: سعي إيران المحتمل لامتلاك سلاح نووي واستمرارها في استخدام الوكلاء في جميع أنحاء المنطقة".

وبوساطة صينية، وقَّعت السعودية (ذات أغلبية سنية) وإيران (ذات أغلبية شيعية)، في 10 مارس/ آذار الماضي، اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية خلال شهرين، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات بين دولتين يقول مراقبون إنهما تتصارعان على النفوذ في المنطقة عبر وكلاء في عدة دول.

واستطرد روملي أن "تدفق الأسلحة الروسية المتقدمة سيزيد من إجهاد الديناميكية ليس فقط بين إيران وجيرانها العرب، ولكن أيضا بين إيران وإسرائيل، وسيتعين على الأخيرة، في أي عمل مستقبلي محتمل ضد إيران، أن تأخذ في الاعتبار قدرات عسكرية إيرانية إضافية".

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتمتلك تل أبيب ترسانة نووية غير خاضعة للرقابة الدولية، وتتهم طهران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول الأخيرة إن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

المصدر | جرانت روملي/ فورين بوليسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا أسلحة الشرق الأوسط مصالحة العرب إسرائيل

إيران تعلن انتهاء حظر الأسلحة: مستعدون لتعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الأخرى

مع اشتعال حربي أوكرانيا وغزة.. زيادة تاريخية بمبيعات الأسلحة الأمريكية