العلاقات القطرية البحرينية.. الأولوية للتطبيع رغم التاريخ المعقد

الأربعاء 26 أبريل 2023 07:39 م

شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في الأشهر الأخيرة، تقدمًا ملحوظًا نحو التطبيع والسلام، خاصة بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، برعاية الصين، والمناقشات المتعلقة بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، والتي ستؤدي إلى تحسين العلاقات بين السعودية وسوريا، ما انعكس أثره على تحسن العلاقات بين قطر والبحرين رغم الخلاف الطويل بين البلدين.

وترى الزميلة بمنتدى الخليج الدولي، ديانا جاليفا، في تحليل نشرته بموقع "منتدى الخليج الدولي"، وترجمه "الخليج الجديد"، ان حل الخلاف الطويل بين البلدين الخليجيين سيكون أيضًا إنجازًا مهمًا لمجتمع دول مجلس التعاون الخليجي الأوسع، مشيرة إلى أن معالجة سوء التفاهم بين الدوحة والمنامة، من خلال نهج مربح للجانبين، يمكن أن يؤدي إلى علاقات أكثر براجماتية، وتعزيز السلام الإقليمي.

وذكرت ديانا، في تحليلها، أن أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، التقى ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، في يوليو/تموز 2022، على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، وكان هذا أول اجتماع رفيع المستوى بين الزعيمين بعد التوقيع على اتفاق العلا في يناير/كانون الثاني 2021، الذي أنهى 3 سنوات ونصف العام من حصار قطر وأعاد العلاقات التجارية والدبلوماسية والسفر بين قطر من جانب وبين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جانب آخر.

ومع ذلك، كان الاجتماع بين الزعيمين هو الأول والأخير حتى الآن، حيث التقى أمير قطر بقادة السعودية والإمارات ومصر قبل ذلك بكثير، وعادت العلاقات بين قطر والدول الثلاث الأخرى في وقت أبكر من العلاقات بين قطر والبحرين.

وبعد عامين من توقيع اتفاق العلا، أصبح من الواضح أن إعادة العلاقات بين الدوحة والمنامة ستكون صعبة، إذ لم ينعقد اجتماع وزيري الخارجية لوضع "الآليات والإجراءات اللازمة لبدء المناقشات على مستوى اللجان الثنائية" حتى فبراير/شباط 2023، أي بعد عامين من انتهاء الحصار.

وجاءت التقدم المتأخر في 13 أبريل/نيسان الجاري، عندما أعلن الجانبان أنهما اتفقا على إعادة العلاقات الدبلوماسية، وأكدا أن هذه الخطوة "تنبع من الرغبة المشتركة في تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز الوحدة والتكامل الخليجي".

ومن خلال إصلاح العلاقات بين البحرين وقطر، ستنهي دول الخليج "رسميًا" أزمة دول مجلس التعاون، والتي تصفها ديانا بأنها "أسوأ أزمة دبلوماسية ضربت الممالك العربية الست".

تاريخ معقد

وتشير الزميلة بمنتدى الخليج الدولي إلى أن العلاقة الحديثة بين البحرين وقطر معقدة ولها خلفية تاريخية، إذ كانت عائلة آل ثاني، التي تحكم قطر اليوم، عائلة حاكمة جديدة نسبيًا عندما ظهرت لأول مرة في القرن التاسع عشر، وكانت شبه جزيرة قطر محكومة آنذاك من عائلة آل خليفة.

وفي عام 1868، وقع حدث مهم يمثل علامة فارقة لآل ثاني، ففي قريتي الدوحة والوكرة الشرقيتين، تحدى شعب قطر بشكل متقطع حكم البحرين.

 وهاجمت القوات البحرية البحرينية الوكرة لمواجهة تقويض حكم آل خليفة، لكنها انتهكت لوائح المعاهدة البريطانية، ولذا أدانت بريطانيا الجانبين، ثم أرسلت موفدا لها إلى الوكرة، هو المقيم السياسي البريطاني في الخليج العقيد "لويس بيلي"، حيث عمل محمد بن ثاني، مؤسس حكم آل ثاني، نيابة عن شعب قطر، ليتم الاعتراف رسميًا بهم لاحقا لحكام للدوحة.

ونتيجة لذلك، وقع الشيخ علي بن خليفة، حاكم البحرين، والشيخ محمد آل ثاني، رئيس دولة قطر، بالإضافة إلى بريطانيا العظمى، على وثيقتين، بتاريخ 6 و 12 سبتمبر/أيلول 1868،  وفي 13 سبتمبر/أيلول 1868، توسط "بيلي" في موافقة زعماء القبائل المقيمون في قطر رسميًا على دفع المبالغ السنوية التي كانت تدفع سابقًا إلى الشيخ علي بن خليفة في البحرين.

وكان النظام المعمول به آنذاك هو دفع هذه المبالغ إلى محمد آل ثاني بالدوحة، والذي كان بدوره يقوم بتحويلها، مع مساهمته الخاصة، إلى المقيم السياسي البريطاني، ليسلمها بدوره إلى وكيل الشيخ علي بن خليفة.

وتختلف تفسيرات هذه الأحداث في البحرين وقطر الحديثة، فموقف قطر هو أن اتفاقية 1868 اعترفت رسميًا بقطر دولة مستقلة لأول مرة، لأن الاتفاقية تعاملت مع حاكم البحرين وحاكم قطر على قدم المساواة، ومثلت تأكيدًا للاعتراف البريطاني بأن سلطة شيخ البحرين لا تمتد إلى أراضي قطر.

وتقبل المؤرخة، روزماري سعيد زحلان، هذا التفسير، بحجة أن الاتفاقية الموقعة في 12 سبتمبر/أيلول 1868، اعترفت صراحةً بمحمد بن ثاني وشعب قطر باعتبارهم "مستقلون عن البحرين".

وعلى النقيض من ذلك، ترى البحرين أن التصديق على الضرائب التي تدفعها القبائل التابعة لشبه جزيرة قطر إلى آل خليفة، بالطريقة التي تسمح بها اتفاقية 13 سبتمبر 1868، يؤكد أن لشيخ البحرين "السلطة السيادية" على شبه الجزيرة.

ويؤيد هذا التفسير مؤرخون بينهم، جمال سليم العريض، الذي يرى أن الاتفاقية الموقعة في 13 سبتمبر/أيلول 1868، اعترف فيها زعماء القبائل في شبه جزيرة قطر رسميًا بسلطة حاكم البحرين المستمرة.

ويخلص العريض إلى أن آل ثاني وزعماء إقليميين آخرين اعترفوا "بأنهم ظلوا خاضعين لآل خليفة".

وتم توقيع المعاهدة الأنجلو-قطرية عام 1916، والتي وافقت على الحماية البريطانية لقطر كدولة مستقلة معترف بها، ورغم ان هذا الحدث يمكن اعتباره لحظة فاصلة، إلا أن جذور التوترات في العلاقات القطرية البحرينية تعود إلى العلاقات التاريخية السابقة والعلاقات الشخصية بين الأسرتين الحاكمتين.

ولذا فإن الفارق ملموس بين خلفيات الصراع بين البحرين وقطر، والصراع بين السعودية والإمارات وقطر في أزمتي دول مجلس التعاون الخليجي بين عامي 2014 و2017.

الخلاف الحديث

فمع اندلاع الانتفاضة الشعبية في البحرين، اعتبرت المنامة أن تغطية قناة الجزيرة لانتهاكات حقوق الإنسان ووجهات النظر المعارضة تستهدف الأسرة الحاكمة لصالح إيران.

 وفي حين اختلفت قطر مع سياسات إيران الإقليمية، إلا أنها حافظت على قنوات الاتصال وكانت تربطها علاقات ودية مع طهران، بينما تنظر العائلة المالكة البحرينية إلى السياسات الإيرانية على أنها "تهديد وجودي".

ونتيجة لقمة العلا، فتحت هيئة الطيران المدني البحرينية مجالها الجوي لقطر عام 2021 وأعادت السفر بدون تأشيرة للمواطنين.

وهناك أيضًا مؤشرات على أن وجهة نظر البحرين تجاه إيران قد تتغير، خاصة بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، واستقبال وفد إيراني في المنامة، لاستكشاف التعاون التجاري في مارس/آذار الماضي.

ومع ذلك، لا تزال بعض القضايا بين قطر والبحرين عالقة دون حل، مثل استمرار حظر قناة الجزيرة في البحرين، بينما لم تعد محظورة في الإمارات.

لكن الزميلة بمنتدى الخليج الدولي ترى أن ذلك لا ينفي التحول في التفكير الاستراتيجي إقليميا نحو نهج "الفوز للجميع"، والذي يمكن أن يساعد في تعزيز وحدة مجلس التعاون الخليجي ويسمح بمصالح وطنية متوائمة بين دوله.

وتشير ديانا إلى أن إمكانية امتداد هذا التحول إلى ما هو أبعد من العلاقات الثنائية بين قطر والبحرين، ما قد يؤدي إلى زيادة التبادل التجاري والثقافي، وتحسين الديناميكيات الجيوسياسية.

المصدر | ديانا جاليفا/منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البحرين قطر مجلس التعاون الخليجي آل ثاني آل خليفة تميم بن حمد آل ثاني حمد بن عيسى آل خليفة

البحرين تعلن استئناف الرحلات الجوية مع قطر في 25 مايو