نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق: لا عودة للثقة بالاقتصاد إلا ببرنامج إصلاح شامل

الخميس 25 مايو 2023 09:29 ص

سلط نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق، زياد بهاء الدين، الضوء على الإصلاحات الاقتصادية التي ينبغي لمصر القيام بها "للبناء على قصص نجاحها السابقة" حسب تعبيره، مشيرا إلى تخفيض الوكالات الدولية لتصنيف بلاده الائتماني مؤخرا، وهو ما لن يتغير إلا ببرناج إصلاحي شامل.

وذكر بهاء الدين، في مقال نشره بموقع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية وترجمه "الخليج الجديد"، أن مصر بدت، في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، بصدد تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي لإخراج أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا من أزمة متنامية بدأت في أوائل عام 2022، وشمل ذلك اتفاقية جديدة مع صندوق النقد الدولي، تضمنت الموافقة على تخفيض قيمة الجنيه، والإعلان عن سياسة جديدة لتقليص دور الدولة في الاقتصاد بنسبة 50%، وطرح 32 شركة مملوكة للدولة للبيع.

وقوبلت هذه الإجراءات ببعض الحماس، لكن بعد عدة أشهر، ساد التشكك بين المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، وكذلك وكالات التصنيف والمؤسسات المالية الدولية، في التزام مصر بالإصلاحات الموعودة، بحسب بهاء الدين، مشيرا إلى أن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية ظلت بعيدة عن أن تكون مطمئنة.

وفي أوائل مايو/أيار الجاري، خفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لمصر لأول مرة منذ عقد على أساس "عدم وجود إصلاحات اقتصادية كبيرة" في البلاد.

وأشارت الوكالة إلى ارتفاع متطلبات التمويل الخارجي في مصر، إلى جانب القيود المفروضة على التمويل، فضلاً عن تدهور مقاييس الدين العام.

الإنكار الحكومي

فلماذا لم تتحقق جهود الإصلاح ولم تحقق الانتعاش المتوقع؟ يجيب بهاء الدين بأن سببا واحدا وراء هذا الأمر، وهو "الإنكار الذي يستمر كعامل في إعاقة التقدم"، حسب تعبيره.

وأوضح نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق أن حكومة بلاده أصدرت بيانا لدحض تشاؤم توقعات فيتش وتخفيضها تصنيف مصر الائتماني، ونسبت فيه الأزمة الاقتصادية إلى كورونا، بالإضافة إلى تداعيات حرب روسيا على أوكرانيا.

لكن هذا التبرير لم يعد هذا مقبولاً من معظم المحللين والمراقبين المستقلين، حسبما يؤكد بهاء الدين، مشيرا إلى أنهم قلقون بشأن إنكار الحكومة المصرية لتأثير الأسباب الذاتية للأزمة الاقتصادية، ومنها الإنفاق المفرط على مشروعات البنية التحتية طويلة الأجل، وعدم الحصافة في الاقتراض محليا ودوليا، والنمو غير المسبوق لدور الدولة في الاقتصاد، والبيئة شديدة البيروقراطية التي تواجه مستثمري القطاع الخاص.

ويرى بهاء الدين أن الاعتراف بأخطاء السياسة السابقة يعد شرطًا مسبقًا ضروريًا للشروع في مسار إصلاح شامل بعدما بلغت نسبة التضخم الرسمية 40%، وازدهرت السوق السوداء للعملات، وزادت قيود الاستيراد التي تضر بالقدرات الإنتاجية، ووصل عبء الديون المصرية إلى ارتفاع جديد ينذر بالخطر.

وبإضافة "الدعم الفاتر من دول الخليج"، حسب تعبير بهاء الدين، يمكن القول بأن "إصلاحا اقتصاديا حقيقيا أصبح مسألة ذات أولوية قصوى"، حسب تعبيره.

بعض النجاحات

ورغم هذا الوضع، يشير بهاء الدين إلى بعض النجاحات في الوضع الراهن، إذ وجدت بعض الشركات المصرية، القديمة والجديدة، والصغيرة والكبيرة، فرصًا جديدة، وتمكن كثير منها من التكيف مع الوضع الجديد، عبر الاتجاه للتصدير.

ويلفت بهاء الدين إلى أن العشرات من المنتجين الزراعيين ومصنعي مواد البناء والملابس والسلع الخفيفة ومقدمي الحلول التكنولوجية، وجدوا طريقهم إلى الأسواق المتنامية في المنطقة وخارجها.

كما استهدفت عديد الشركات، المتخصصة في الخدمات المهنية والتكنولوجيا، زيادة عائداتها من خلال توفير "خدمات المكاتب الخلفية للاقتصادات المجاورة"، وبالتالي الاستفادة من الفرص التي يوفرها انخفاض قيمة الجنيه المصري.

لكن هذا لا يكفي للنمو والتغلب على الصعوبات الاقتصادية الحالية، حسبما يرى بهاء الدين، مشيرا إلى أن مصر تحتاج إلى تحويل هذه الأقلية من الشركات الناجحة إلى أغلبية ساحقة.

وأشار إلى أن السمات المشتركة بين نجاحات هذه الشركات تشير إلى صعوبة الأزمة الاقتصادية الحالية، إذ تشمل هذه الميزات: الاعتماد في الغالب على المدخلات المحلية وبالتالي تجنب قيود الاستيراد، وتجنب المنافسة من قبل الشركات الحكومية، والحد من نمو النفقات العامة.

وفي 16 مايو/أيار الجاري، أعلنت الحكومة المصرية عن حزمة شاملة من الإجراءات الصديقة للاستثمار، تهدف إلى تعزيز استثمارات القطاع الخاص من خلال تقليل العقبات البيروقراطية، وتوفير بعض الضمانات للمنافسة العادلة مع الدولة وإيضاح الضرائب.

يصف بهاء الدين هذه التدابير بأنها محل ترحيب كبير، "ربما للإشارة الإيجابية التي ترسلها، أكثر من جوهرها ومحتواها"، مشيرا إلى أن تغيير مسار الاقتصاد سيتطلب أكثر من مجرد تسهيل إصدار التصاريح أو توفير بعض الإعفاءات الضريبية.

فلكي تكون الرسالة مقنعة حقًا، وتجذب انتباه مجتمع المستثمرين الدوليين والمحليين المتشككين يجب اعتماد برنامج إصلاح اقتصادي شامل، والإعلان عنه ومتابعته، حسبما يرى نائب رئيس الوزراء المصري السابق، مضيفا: "عندها فقط ستصبح قصص النجاح هي القاعدة وستتحقق الفرص والإمكانيات الوفيرة في مصر".

المصدر | زياد بهاء الدين | فايننشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر زياد بهاء الدين فيتش الاقتصاد المصري