إقرار بشعبيته ومخاوف من طموحه.. فوز أردوغان في صحف غربية

الاثنين 29 مايو 2023 09:53 ص

ياسين مهداوي- الخليج الجديد

ركزت صحف أمريكية وبريطانية وفرنسية على دلالات فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (69 عاما) بفترة رئاسية جديدة مدتها 5 سنوات، على حساب زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو (74 عاما)، بحسب رصد لـ"الخليج الجديد".

وعبر جولة إعادة غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات الرئاسية التركية، حصل أردوغان، زعيم حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ عام 2022، على 52.16% من الأصوات مقابل 47.84%  لكليتشدار أوغلو، وفقا لنتائج غير نهائية أعلنتها هيئة الانتخابات.

وأقرت الصحف الغربية بتمتع أردوغان، الذي يحكم منذ 20 عاما كرئيس وزراء ثم رئيس جمهورية، بـ"شعبية حقيقية" مكنته من الفوز رغم تحديات عديدة داخلية وخارجية، لكنها أعربت في الوقت نفسه عن مخاوف غربية من طموحاته بشأن دور تركيا على المستويين الإقليمي والدولي.

تلك الصحف أجمعت على توجيه انتقادات معتادة بشأن أسلوب أردوغان في الحكم، وإن لفتت إحداها إلى سخريته من اتهامه بالديكتاتورية، حين تساءل مستنكرا إن كان الحكام المستبدون يخوضون جولة إعادة في الانتخابات.

زعيم زئبقي

تحت عنوان "إعادة انتخاب أردوغان بعد حملة مريرة"، قالت صحيفة "واشنطن بوست" (The Washington Post) إن "فوز أردوغان سلط الضوء على قوة مؤيديه الأكثر ولاءً، وكثير منهم من المسلمين المحافظين، كقوة محورية ودائمة في سياسة البلاد".

في المقابل "ترك ذلك الفوز المعارضة تتساءل عما كان يمكن أن يكون لو اختاروا مرشحا أكثر جاذبية من كليتشدار أوغلو، وهو بيروقراطي تبنى خطابا أكثر تشددا في الأسابيع الأخيرة من حملته في محاولة فاشلة لجذب الناخبين القوميين"، وفقا للصحيفة.

ورأت أنه "على حلفاء تركيا في الخارج، وبينهم الولايات المتحدة، اجتياز فترة ولاية أخرى مدتها 5 سنوات مع أردوغان الزئبقي، وهو شريك شائك استفاد من علاقات حكومته مع كوكبة من الجهات الفاعلة الدولية، بينها روسيا، لتحقيق مكاسب سياسية محلية".

هيمنة غربية

محاولةً استشراف مستقبل سياسيات أردوغان، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) إنه "أعطى مؤشرات قليلة على أنه يعتزم تغيير المسار في الداخل، حيث يواجه أزمة اقتصادية، أو في السياسة الخارجية، حيث أثار حفيظة الحلفاء الغربيين".

وتحت عنوان "رغم التضخم والزلازل والسباق الشرس، أُعيد انتخاب أردوغان"، وصفته الصحيفة بأنه "زعيم زئبقي أثار حفيظة حلفائه الغربيين، بينما كان يشدد قبضته على الدولة التركية".

وتابعت أن "فوزه يعني أنه يمكن أن يظل في السلطة لمدة ربع قرن على الأقل، ما يعمق بصمته المحافظة على المجتمع التركي بينما يتابع رؤيته لبلد يتمتع بقوة اقتصادية وجيوسياسية متزايدة (...) وهو يعزز مكانة تركيا كقوة مسلمة تضم 85 مليون شخص".

واعتبرت أن "أنصار أردوغان تجاهلوا التحديات التي تواجه تركيا، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق، وأشادوا به لتطوير البلاد ودعم القيم الإسلامية المحافظة".

وبخصوص السياسة الخارجية، نقلت الصحيفة عن جاليب دالاي محلل الشؤون التركية في مجموعة "تشاتام هاوس" البحثية ومقرها لندن قوله إن "أردوغان يعمل على أساس أن العالم قد دخل مرحلة لم تعد فيها الهيمنة الغربية أمرا مفروغا منه".

وأردف دالاي أن "وجهة النظر هذه دفعت القوى الإقليمية مثل تركيا إلى الاستفادة من العلاقات مع الغرب حتى أثناء التعامل مع خصوم للولايات المتحدة مثل روسيا والصين، فالفكرة هي أن تركيا تعمل بشكل أفضل من خلال الانخراط في توازن جيوسياسي بين الخصوم".

مسار أكثر واقعية

أما صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، (The Wall Street Journal) فاعتبرت أن "أردوغان سيقرأ بلا شك فوزه الانتخابي باعتباره تفويضا لمواصلة سياساته الخارجية والاقتصادية المشاكسة، لكن سيكون من الأفضل له وتركيا توجيه مسار أكثر واقعية".

الصحيفة تابعت، تحت عنوان "أردوغان بحاجة إلى محور ما بعد الانتخابات"، أنه على الرغم من التحديات، فإن أردوغان "انتصر بسهولة في جولة الإعادة (...) ولا يزال يتمتع بشعبية حقيقية بين الأغلبية القومية المحافظة".

واعتبرت أنه "على أردوغان أن يتجنب إثارة المزيد من الصراع غير الضروري مع الغرب، إذ يظل الاتحاد الأوروبي إلى حد بعيد الشريك التجاري الأكبر لتركيا ومصدرا مهما للاستثمار، وانهيار العلاقات بسبب (عدم مشاركة أنقرة في) تطبيق العقوبات (الغربية) على روسيا (جراء حربها في أوكرانيا)، مثلا، سيكون قصير النظر".

وأوضحت الصحيفة أن "أردوغان لعب دورا اكتسبه بشق الأنفس كمحاور بين المعسكرات المتعارضة، سواء في أوكرانيا حيث تفاوض على تبادل الأسرى واتفاق للسماح بتصدير الحبوب الأوكرانية، أو في الشرق الأوسط، لكن الميل أكثر من اللازم نحو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يقلص النفوذ العالمي للزعيم التركي".

ورأت أن "تغيير لهجة أردوغان (المنتقدة) نحو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والتركيز بدلا عن ذلك على مجالات التعاون المحتمل، من التفاوض على إنهاء حرب أوكرانيا إلى الإنتاج الدفاعي ومشاريع التنمية المشتركة في أفريقيا، سيكون من شأنه أن يعمل على استقرار العلاقات وصقل أوراق اعتماد أردوغان كرجل دولة وسيكون مفيدا لإرثه، بل سيكون أفضل للأتراك".

استقطاب حاد

على الجانب الآخر من الأطلسي، قالت صحيفة "ذا جارديان" (The Guardian) البريطانية، إن "أردوغان حقق الفوز على منافسه كليتشدار أوغلو بعد انتخابات الإعادة الرئاسية غير المسبوقة، وفي تصويت عكس الاستقطاب السياسي الحاد والمستمر في تركيا".

وتابعت أن "فوز زعيم تركيا الأطول بقاء في السلطة يمنحه فترة أخرى في منصبه كرئيس وتأييدا لأسلوبه الشعبوي في السياسة".

وتعجبت الصحيفة من "حصوله على الدعم في العديد من المناطق الأكثر تضررا جراء الاضطرابات المالية في البلاد، وكذلك المناطق التي ضربها زلزالان (في 6 فبراير/شباط الماضي) أسفرا عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص في جنوب شرقي البلاد".

ولفتت إلى قول أردوغان لمؤيديه من شرفة القصر الرئاسي: "لسنا الوحيدين الذين انتصروا، لقد فازت تركيا... لقد انتصرت ديمقراطيتنا".

وفي مقابلة مع شبكة "سي إن إن" (CNN) الإخبارية الأمريكية، سخر أردوغان من الإيحاء بأنه يسعى إلى زيادة السيطرة الاستبدادية، متسائلا باستنكار: "كيف يمكن لشخص يخوض جولة الإعادة، بدلا من الفوز بالانتخابات من الجولة الأولى، أن يكون ديكتاتورا؟.. أي ديكتاتور هذا؟!".

على مفترق طرق

 "شعبوي مثير للانقسام"، هكذا وصفت صحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية أردوغان، وأشارت إلى خلافته مع عواصم غربية بينها باريس.

ورأت الصحيفة، في تقرير بعنوان "أردوغان يفوز بجولة الإعادة التاريخية في تركيا"، أن الفوز بفترة رئاسية جديدة "سيمنحه يدا أقوى على الصعيدين المحلي والدولي".

وزادت بأنه "ستكون لنتائج الانتخابات آثار تتجاوز أنقرة بكثير، حيث تقف تركيا على مفترق طرق بين أوروبا وآسيا، وتلعب دورا رئيسيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)"، معتبرا أن الوضع الاقتصادي المأزوم سيكون "الاختبار الأكثر إلحاحا لأردوغان".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان انتخابات رئاسة فوز الغرب صحف

مؤسسات ولاعبين.. الرياضة التركية تتفاعل مع فوز أردوغان بالرئاسة

المفكر فرانسوا بورغا لـ"الخليج الجديد": فرنسا تريد إسلاما على مقاسها.. والغرب يعادي أردوغان لمقاومته الهيمنة

فوز أردوغان بالنسبة للسياسة الخارجية التركية.. ماذا يعني؟

هل تراجع تأييد أردوغان انتخابيا منذ 2014؟ الأرقام تجيب