نووي إيران.. إسرائيل قلقة من الوكالة الدولية والقناة الدبلوماسية الأمريكية الخفية

الأحد 4 يونيو 2023 01:18 م

"إسرائيل ستفعل كل ما يلزم لمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية".. هكذا رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على إغلاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التحقيق مع إيران بشأن أحد المواقع النووية، لكن سببا خلفيا كان وراء هذا التصريح، وهو احتمال وجود قناة دبلوماسية خلفية أمريكية مع إيران.

هكذا يتحدث تحليل لموقع "المونيتور"، ترجمه "الخليج الجديد"، قال إنه على الرغم من إعلان البيت الأبيض أن "الاتفاق النووي الإيراني ليس على جدول الأعمال في الوقت الحالي"، إلا أن الدبلوماسية الأمريكية الإيرانية تواصل مع ذلك بشكل غير مباشر من خلال وسطاء موثوق بهم.

وذكر موقع "أكسيوس"، هذا الأسبوع، أن منسق الشرق الأوسط بريت ماكجورك، كان في مسقط يوم 8 مايو/أيار، لإجراء مناقشات مع مضيفيه بشأن إيران.

في حين نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، عن دبلوماسيين ومحللين قولهم إن المبعوث الأمريكي الخاص للشؤون الإيرانية روبرت مالي في  نيويورك، مرات عدة خلال الأيام الأخيرة، مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة سعيد إيرواني، في اجتماع "إيراني أمريكي" مباشر، يعد الأول من نوعه منذ 5 سنوات.

وفي حين لم تتحدث الولايات المتحدة وإيران بشكل مباشر عن هذه المحادثات، اعتمدت على الاتحاد الأوروبي وسلطنة عمان وغيرهما للعمل من خلال ما قد يكون ممكنًا في غياب خطة العمل الشاملة المشتركة.

ومن المتوقع أن تتضمن الحزمة المتوقعة، حتى الآن والمعروفة باسم "الأقل مقابل الأقل"، شكلاً من أشكال تخفيف العقوبات، باستثناء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، وإلغاء تجميد ما يصل إلى 7 مليارات دولار من الأموال المستحقة لإيران، مقابل قيام طهران بتنفيذ الحد الأقصى لمنع إحراز المزيد من التقدم نحو سلاح نووي محتمل.

وجاءت زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد، إلى إيران الأسبوع الماضي، شريك ومحاور موثوق به وقيِّم من قبل كل من واشنطن وطهران، بما في ذلك اجتماعه مع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، في 29 مايو/أيار، أثار التكهنات بأنه قد يكون هناك المزيد من الزخم للدبلوماسية الأمريكية الإيرانية.

ولعبت مسقط دوراً فعالاً في الدبلوماسية الأمريكية والإقليمية مع إيران، بما في ذلك إطلاق سراح وتبادل المعتقلين الغربيين هناك.

وبعد زيارة السلطان هيثم إلى إيران، أفرجت طهران عن دنماركي واثنين من النمساويين بعد وساطة عمان، وذلك عقب إطلاق سراح مواطن بلجيكي واثنين من الفرنسيين في مايو/أيار، بوساطة عمانية أيضا.

ووفق "المونيتور"، يعتمد أي تقدم في الدبلوماسية الأمريكية الإيرانية في نهاية المطاف على عودة المواطنين الأمريكيين الثلاثة المحتجزين هناك.

ويضيف: "كانت جميع الأطراف هادئة بشكل خاص بشأن ما قد يحدث أو لا يحدث".

ويتابع: "يبدو أن الدبلوماسية الشخصية للسلطان هيثم في إيران ترفع مستوى المشاركة في مجموعة من القضايا، وناقش هو وخامنئي تحسن العلاقات بين إيران والسعودية ومصر".

ويزيد: "يمكننا أن نفترض على الأرجح أنهم ناقشوا أيضا ملف الولايات المتحدة".

وفقًا للتقديرات السرية التي تم تعميمها على الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الأسبوع، زادت إيران مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 27% خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ويمكن أن يكون لديها وقود كافٍ لصنع سلاح نووي في غضون أسبوعين أو أقل.

وبخلاف ذلك، تتمسك إيران بخط أحمر أمريكي مفهومة على نطاق واسع بشأن توسيع التخصيب بما يتجاوز 60% إلى 90%، أو درجة تصنيع الأسلحة، لتجنب عقوبات الأمم المتحدة المفاجئة أو ما هو أسوأ.

وتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم إلى 60% من النقاوة، وفي يناير/كانون الثاني الماضي، اكتشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية جزيئات مخصبة إلى نحو 84%، وهي مادة تكاد تستخدم في صنع الأسلحة، في مصنع فوردو الإيراني.

في غضون ذلك، علقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الملفات القديمة المتعلقة بالأسئلة المتعلقة بالأنشطة النووية غير المعلنة، قبل أن توافق إيران على إعادة تركيب الكاميرات ومعدات المراقبة في المنشآت الرئيسية.

وكانت وكالة "إيرنا" الإيرانية (رسمية)، قد نقلت عن مصادر مطلعة قولها، الثلاثاء الماضي، إن قضيتين مثار خلاف بين طهران والوكالة الدولية بشأن موقع نووي، واكتشاف جزيئات يورانيوم مخصَّب، قد سُوّيتا.

ويعلق على ذلك مارك فيتزباتريك الزميل المشارك في الاستراتيجية والتكنولوجيا ومراقبة الأسلحة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، بالقول: "بشكل عام، قد يكون تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية خطوتين صغيرتين للأمام، بالنظر إلى تعاون إيران المتزايد، وخطوة كبيرة واحدة إلى الوراء، بسبب التوسع المستمر في مخزون اليورانيوم لدى إيران".

ويضيف: "قدرة إيران على إنتاج  أسلحة نووية في مثل هذا الوقت القصير أمر مثير للقلق".

ويشير تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران قد تكون مستعدة للعمل ضمن قيود التزامها كعضو في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، في غياب الاتفاق النووي مع أمريكا، على افتراض أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تواصل العمل نحو إغلاق ملفات الحماية المتبقية.

ومن المرجح أن يتم استخدام المخزونات كورقة مساومة، وحتى كرادع، في انتظار نوع من التفاهم مع الولايات المتحدة حول أي شيء يتضح أنه "أقل مقابل أقل".

لكن أمام هذه المتغيرات، شعرت إسرائيل بالقلق، للدرجة التي دفعت نتنياهو للقول: "ستفعل إسرائيل كل ما يلزم لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية".

وفي هذه الأثناء، قام حزب الله باستعراض غير مسبوق للقوة في منتصف مايو/أيار في جنوب لبنان، استعرض خلالها قدرته على اقتحام الحدود مع إسرائيل من خلال تمارين تحاكي تنفيذ هجمات داخل الأراضي الإسرائيلية، كما عرض خلالها أنواعا مختلفة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة من بينها مدافع مضادة للطيران.

فيما حملت رسائلُ قادةِ إسرائيل تلويحًا واضحًا بوضع كل الخيارات على الطاولة في التعامل مع إمكانية نشوب مواجَهة مع حزب الله أو إيران أو كليهما، فيما لم يتوانَ حزب الله عن الرد على هذه التهديدات، والأمر ذاته من "الحرس الثوري" الإيراني تعليقًا على تصريحات حول جهوزية إسرائيل للتعامل مع الملف النووي الإيراني وتقدُّمه.

فيما لم تتوقف الرسائل عند التهديدات، بل تضمنت مناوراتٍ مختلفةً ومتلاحقة، نظَّمتها المقاومة اللبنانية، وكذلك الجيش الاسرائيلي.

ووفق "المونيتور"، على فإنه على الرغم من المخاوف الإسرائيلية، إلا أنه يبدو أن التنسيق الأمني ​​بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن إيران "منسقًا جيدًا كما كان دائمًا".

فالجنرال مايكل كوريلا، الذي يشرف على جميع القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة، أمضى 3 أيام في إسرائيل الأسبوع الماضي.

كما زار كبار مسؤولي الأمن القومي الإسرائيلي رئيس الشاباك رونين باروزير، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، العاصمة واشنطن هذا الأسبوع، لمناقشة عدة قضايا على راسها الملف الإيراني مع نظرائهم الأمريكيين.

وسبق أن ألقى القادة الإسرائيليون بشهادة أمام الكونجرس في 23 مارس/آذار، مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، الذي قال إن إيران يمكن أن تنتج ما يكفي من المواد الانشطارية لـ4 أو 5 قنابل نووية في أقل من أسبوعين، وهو تقييم تعرفه المخابرات الإسرائيلية جيدا.

لكن، ما أذهل مؤسسة الدفاع الإسرائيلية هو ادعاء ميلي أنه "بمجرد أن تنتج إيران ما يكفي من اليورانيوم العسكري، يمكنها تجميع سلاح نووي في غضون عدة أشهر أخرى"، حسبما ذكر المحلل الإسرائيلي بن كاسبيت.

"قد يكون رد الفعل الإسرائيلي والجدول الزمني مبالغة"، وفقًا لعلي فايز مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، مبررا بأن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا يشير إلى أي تحول مهم في قدرة إيران، أو أنها قررت السعي للحصول على سلاح.

ويضيف: "إنهم (الإسرائيليون) يريدون القضاء على أي مبادرة دبلوماسية في مهدها، قبل أن تتمكن من المضي قدما".

يؤكد تحليل "المونيتور"، أنه لا تزال إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع تنحية خطة العمل الشاملة المشتركة جانبًا، تفضل اتباع نهج دبلوماسي تجاه إيران يعطي الأولوية لخفض التصعيد ووقف الصراع في كل من المنطقة وملفاتها النووية.

ويضيف: "على الرغم من أن الولايات المتحدة عززت موقفها الرادع الشامل، ودعمت المبادرات الإقليمية لنزع فتيل التوترات مع إيران، بما في ذلك الاتفاق السعودي الإيراني لاستئناف العلاقات في مارس/آذار، إلا أن عواصم الخليج غير مرتاحة بشأن ما يعتبرونه عدم وضوح بشأن السياسة الأمريكية في العراق والمنطقة"، خاصة بعد أن استولت إيران على ناقلتي نفط في 27 أبريل/نيسان و3 مايو/أيار.

والأربعاء، أعلنت الإمارات الانسحاب من القوة البحرية الموحدة في الخليج، بعد نشر تقارير عن ضغوط مارستها أبوظبي على واشنطن لاتخاذ خطوات أكثر قوة لردع طهران، بعد أن احتجز الجيش الإيراني ناقلتي نفط بخليج عمان في الأسابيع الأخيرة.

وعكس قرار الانسحاب غضبا إماراتيا مستمرا نتيجة ما تعتبره تقاعسا أمريكيا عن التصدي لتهديدات إيران لأمن الملاحة في منطقة الخليج، حيث تواصلت عمليات إيران والتي كان آخرها الاستيلاء على ناقلتي نفط في 27 أبريل/نيسان و3 مايو/أيار الماضيين، وهو ما يعكس عدم فاعلية الإجراءات الأمريكية.

ويوضح التحليل أنه "قد لا تمانع إدارة بايدن في الضغط الإسرائيلي والتهديد باستخدام القوة لإبقاء إيران تحت السيطرة، حتى تصل إلى نوع من التفاهم الدبلوماسي مع طهران".

ويضيف: "في الوقت الحالي، قد يكون ترتيب (الأقل مقابل الأقل) هو الاحتمال الأكثر واقعية، بالنظر إلى الرياح السياسية المعاكسة في كل من واشنطن وطهران، وبعض القلق بشأن النوايا الأمريكية والإيرانية في المنطقة".

بدوره، يوضح فايز أن بايدن في مرحلة انتخابية، وأنواع تخفيف العقوبات التي تسعى إيران إلى تحقيقها لن تجتاز الكونجرس "وبالتالي، فإن الفجوة بين إيران والولايات المتحدة قد لا يمكن ردمها على المدى القصير".

ويتابع: "إيران، أيضا، قد تفضل إبقاء التوترات منخفضة، مع استمرارها في التصالح مع الاقتصاد المتعثر والتداعيات السياسية والاجتماعية للاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني في سبتمبر/أيلول".

ويختتم فايز حديثه بالقول، إن "أفضل نتيجة ممكنة في الوقت الحالي، قد تكون تفاهما لمنع الغليان والتصعيد".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

نووي إيران إيران الاتفاق النووي إسرائيل أمريكا

نتنياهو يجتمع بحكومته الأمنية تحت الأرض ويهدد إيران

مسؤول إسرائيلي سابق: وصلنا لوضع خطير.. إيران تقترب من النووي

جانتس: المعارضة ستمنح الحكومة الإسرائيلية الدعم الكامل لشن حرب على إيران

ستراتفور: اتفاق نووي مؤقت بين إيران وأمريكا.. منطقي ومحتمل وهذه عقباته

نتنياهو مؤكدا قرب توصل أمريكا لاتفاق "صغير" مع إيران: يمكننا التعايش معه

الدبلوماسية الإقليمية تتسارع مع تراجع حدة التنافس الإيراني السعودي.. ماذا حدث؟