الصفقة النووية المتواضعة.. هل هي أفضل خيار أمريكي إيراني حاليا؟

السبت 24 يونيو 2023 03:30 م

قالت مجلة "ذي إيكونوميست" (The Economist) البريطانية أن "التفاهم" المرتقب وغير المكتوب بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي الإيراني قد يكون "أفضل خيار متاح" حاليا، معتبرة أن البلدين يحاولان "التراجع عن حافة الهاوية".

المجلة أضافت، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "على مدى السنوات الخمس الماضية، منذ انسحاب (الرئيس الأمريكي السابق) دونالد ترامب (عام 2018) من الاتفاقية النووية مع إيران لعام 2015، سعى الرؤساء الأمريكيون إلى صفقة جديدة مع خصمهم القديم".

واستدركت: "لكن بدلا من عقد صفقة، خصبت إيران اليورانيوم بدرجة نقاء أعلى من أي وقت مضى، فهي على وشك أن تصبح دولة مسلحة نوويا، ولوقف تقدمها، تريد الولايات المتحدة التفاوض على تفاهم ضمني قائم على تقديم مبلغ مالي لإيران مقابل تجميد أنشطتها النووية".

وتتهم الولايات المتحدة ودول إقليمية، بينها السعودية وإسرائيل، إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

والتفاهم المأمول، بحسب المجلة، "بعيد كل البعد عن اتفاقية 2015، خطة العمل الشاملة المشتركة، التي فرضت قيودا صارمة على تخصيب اليورانيوم، لكن من المحتمل أنه أفضل صفقة معروضة حاليا، وستقبل بها الدول العربية الحريصة على تجنب حدوث أزمة".

وتابعت أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الصادر في مايو/ أيار الماضي، أفاد بأن إيران جمعت 114 كيلوجراما من اليورانيوم المخصب حتى درجة نقاء 60%، وهو مستوى ليس له استخدام مدني، ويكفي لإنتاج قنبلتين نوويتين على الأقل إذا تم تحسينه إلى مستوى 90٪، وفي منشأو فوردو، وجد مفتشو الوكالة عينات ليورانيوم مخصب حتى 83.7٪، وبررت طهران الأمر بأنه خلل مؤقت في أجهزة التخصيب".

تفاهم ضمني 

المجلة اعتبرت أن "الصفقة المأمولة ستكون متواضعة، إذ تتعهد إيران بعدم التخصيب إلى مستوى يتجاوز 60٪، لكن لن تضطر إلى تقليص مخزونها من اليورانيوم، وقد تطلق سراح ما لا يقل عن ثلاثة أمريكيين تحتجزهم منذ سنوات بتهم وهمية".

وأضافت أنه "في المقابل لن ترفع الولايات المتحدة العقوبات عن صناعة النفط الإيرانية، لكن ستفرضها بشكل أقل شراسة، وستفرج عن أموال إيرانية مجمدة بالخارج، مثل عائدات نفطية بقيمة 7 مليارات دولار عالقة في كوريا الجنوبية، وسيكون هذا بمثابة دعم للنظام الإيراني الذي يكافح جراء ارتفاع التضخم".

وذكرت أن كل هذا نوقش في محادثات غير مباشرة خلال الأشهر الأخيرة، بعضها في سلطنة عُمان، فيما تُصر واشنطن على أنه من السابق لأوانه الحديث عن اتفاقية، وربما ترغب إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن في تجاوز الكونجرس عبر التوصل إلى "تفاهم ضمني" وليس اتفاقية مكتوية.

ولفتت إلى أن قانونا صدر في 2015 يُلزم الكونجرس بمراجعة أي اتفاقية نووية مع إيران، وسيعارض الجمهوريون أي اتفاقية جديدة، وحتى العديد من الديمقراطيين سيرفضون اتفاقية تترك لطهران مخزونا من اليورانيوم عالي التخصيب، وإدارة بايدن مترددة في المخاطرة بهزيمة تشريعية محرجة قبل انتخابات رئاسية العام المقبل يأمل بايدن من خلالها في الفوز بفترة رئاسية ثانية.

أصدقاء واشنطن

و"في السنوات الماضية، كانت مثل هذه المقايضة (المرتقبة) سيثير غضب أصدقاء واشنطن في الشرق الأوسط، لكنهم قد يكونون أقل عداءً اليوم، ففي مارس (آذار الماضي)، اتفقت السعودية وإيران (بوساطة الصين) على إعادة العلاقات الدبلوماسية بعد انقطاع دام سبع سنوات"، وفقا للمجلة.

وتابعت أنه "بعد حرب بالوكالة استمرت لسنوات مع إيران، يريد السعوديون الآن الهدوء في المنطقة ليتمكنوا من التركيز على خطط طموحة لبناء وتنويع اقتصاد المملكة بعيدا عن النفط".

وبالنسبة لإسرائيل، بحسب المجلة، "فقد جعل رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو برنامج إيران النووي قضية حاسمة في حكمه الطويل، وقال قبل الشهر الجاري إنه يعارض أي "اتفاق صغير" بين واشنطن وطهران".

وتمتلك تل أبيب ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية، وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها.

واستدركت: "لكن نتنياهو أيضا صامت بشكل غير عادي في انتقاداته، ويعتقد أن بايدن جاد في محاولته إجراء صفقة منفصلة مع السعودية لتعترف إسرائيل (عبر تطبيع العلاقات)".

ولا ترتبط السعودية بعلاقات معلنة مع إسرائيل، وتشترط انسحابها من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

واعتبرت المجلة أنه "من الصعب على أي شخص أن يفرح باتفاق يترك إيران على العتبة النووية، لكن من الصعب أيضا رؤية بديل آخر، لاسيما وأن الضربات العسكرية على المنشآت النووية الإيرانية، والتي هددت بها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، يمكن أن تجر المنطقة إلى حرب، لذلك فإن الصفقة الصغيرة المرتقبة قد تكون أفضل خيار متاح في الوقت الحالي".

المصدر | ذي إيكونوميست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة إيران نووي صفقة السعودية إسرائيل

رغم الحصار الأمريكي.. إيران تحقق اختراقات سياسية مثيرة للإعجاب

تمليه الضرورة.. كيف تسير الولايات المتحدة وإيران نحو إبرام اتفاق نووي جديد؟