رغم تحديات بيئية وحقوقية.. هل تحقق السعودية طموحها السياحي؟

الأحد 25 يونيو 2023 09:09 م

تواجه السعودية معوقات عديدة تثيرا شكوكا بشأن قدرتها على تحقيق طموحاتها السياحية ضمن الاستراتيجية التنموية "رؤية 2030" الهادفة إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، بحسب مقال لكاثرين شاير في موقع إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله" (Deutsche Welle).

كاثريت قالت، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إنه "في وقت سابق من الشهر الجاري، وقَّعت السعودية صفقة بملايين الدولارات مع شركة "هابيتاس" (Habitas) الأمريكية للضيافة، التي بدأت في إنشاء معسكرات فاخرة في مهرجان "الرجل المحترق" (Burning Man) السنوي في الصحراء الأمريكية".

وأضافت أن هذا المهرجان "يشتهر بافتقاره للقواعد، والشرب، والرقص، وتعاطي المخدرات، والأزياء البرية شبه العارية التي يرتديها الذكور والإناث".

وتابعت كاثرين: "في هذه الأثناء، تشتهر السعودية بأنها تحكمها عائلة ملكية لا تتسامح مع أي معارضة سياسية، وتوجد ثقافة دينية محافظة للغاية تفضل للجنسين ارتداء ملابس محتشمة، بالإضافة إلى حظر الخمور".

واستدركت: "لكن يوجد سبب وجيه لهذه الصفقة التجارية البالغ قيمتها 400 مليون دولار، فالسعودية تضخ المليارات في قطاع السياحة بالمملكة كجزء من رؤية 2030، وهي خطة طويلة الأجل لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط، وتهدف إلى أن تزيد السياحة مساهمتها في الدخل القومي من 3% إلى 10%، وإضافة مليون وظيفة أخرى إلى القطاع".

2019.. بداية الانفتاح

و"في 2019 فقط، بدأت المملكة الغنية بالنفط في السماح للزوار من 49 دولة بدخول أسهل إلى المملكة عبر شراء تأشيرة إلكترونية تتكلف أكثر بقليل من 142 دولارا"، بحسب كاثرين.

وقال ماركوس بيلماير، أستاذ السياحة في جامعة ميونيخ للعلوم التطبيقية، إنه "أمر مثير للغاية أن نراقب ما يحدث في السعودية، فالمملكة كانت حتى وقت قريب بقعة فارغة على الخريطة السياحية، لكن لا يزال من السابق لأوانه تقييم ما إذا كان الأمر سينجح أم لا".

وأوضحت كاثرين أن "الأرقام تشير إلى أنه في حين أن طموحات المملكة السياحية كبيرة، إلا أنها ليست مستحيلة، فمثلا في الإمارات المجاورة يبلغ إجمالي مساهمة السياحة في الدخل القومي حوالي 12%. والسعوديون ينفقون مبالغ كبيرة على خططهم باستثمارات تصل إلى تريليون دولار".

وتابعت: "أبرموا صفقات مع بعض أكبر الأسماء في الأعمال التجارية، بينها هيلتون وحياة وأكور، وستبدأ شركة طيران جديدة، طيران الرياض، بالتحليق في عام 2025".

واستطردت: "وبموازاة بناء الفنادق وشراء الطائرات، أعدت الدولة ستة مواقع على قائمة التراث العالمي لليونسكو لاستقبال مزيد من الزوار، كما يتم التخطيط لتطويرات ضخمة أخرى، بينها المكعب، وهو مركز ضخم للترفيه والتسوق في ضواحي العاصمة الرياض، بالإضافة إلى منتجعات جديدة على طول حوالي 120 كيلومترا في ساحل البحر الأحمر، مع ميناء لليخوت".

مقاومة قوية محتملة

كاثرين اعتبرت أنه "بعد وابل دعائي استمر لسنوات، من الصعب العثور على تحليل محايد لخطط السياحة في السعودية"، ولفتت إلى أن المجلس العالمي للسفر والسياحة ومقره لندن أفاد العام الماضي بأن المملكة لديها قطاع السياحة الأسرع نموا في الشرق الأوسط، وبحلول 2025، ستحصل على حوالي 40% من الزوار الدوليين أكثر من إمارة دبي.

لكن جاستن فرانسيس، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "ريسبونسبل ترافيل" (Responsible Travel) لتنظيم الرحلات الناشطة في المملكة المتحدة، قال إنه "يوجد قدر هائل من الاستثمار، ومن المحتمل أن تكون هناك فرصة للنجاح، لكن لست مقتنعا تماما بعد، وبالتأكيد ستكون هناك مقاومة قوية".

ويمكن أن تأتي المقاومة من جهات مختلفة، بينها أن قطاع السياحة يتعرض لتهديد متزايد بسبب تغير المناخ، وندرة المياه هي إحدى أكبر مشاكل السعودية، فمعظم البلاد صحراء وتستخدم كميات هائلة من الطاقة لتشغيل محطات تحلية المياه، كما أنها تستنفد بسرعة مصادر المياه الجوفية، ومن الصعب تصور كيف يمكن أن تظل جميع حمامات السباحة في الفنادق مليئة بالمياه، وفقا لكاثرين.

وتابعت أنه "من المحتمل أيضا أن يتسبب مشروع البحر الأحمر، الذي من المفترض أن يفتتح أول منتجع فاخر له هذا العام وسيكون له مطار خاص به في نهاية المطاف، في حدوث متاعب لمحافظي البيئة".

وقالت شركات مثل "هابيتاس"، التي بنت فندقها الأول في المملكة "هابيتاس العلا"، إنها تستخدم الطاقة الشمسية ولا تستخدم المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، لكن كما لاحظ نزلاء مؤخرا في مواقع التعليقات، مثل "تريب أدفايزر" (Tripadvisor)، توجد أكياس شاي مغطاة بالبلاستيك وأكياس قهوة في الفندق، إلى جانب الافتقار إلى وسائل النقل العام الصديقة للبيئة.

واعتبر فرانسيس أنه "يوجد الكثير من الدعاية التسويقية والغسيل الأخضر معه (محاولة تحسين الصورة عبر ادعاءات الحفاظ على البيئة)، ومن المهم التدقيق في الادعاءات حول الاستدامة والسياحة المسؤولة، فالسياحة الجماعية في السعودية ستضع ضغطا كبيرا على الموارد، ولاسيما المياه".

الخمور وحقوق الإنسان

وبحسب فرانسيس، فإن "التحدي الآخر الذي يمكن أن يعيق تطوير السياحة في السعودية هو سجلها التعيس في مجال حقوق الإنسان وثقافتها المحلية المحافظة للغاية".

وقالت كاثرين إن "السعودية تقيد حقوق المرأة المحلية وتجرم ممارسة الجنس قبل الزواج بالنسبة للسكان المحليين، وكذلك العلاقات المثلية، وبعد الانفتاح على السياحة في 2019، خففت تلك القواعد لكن للزوار الدوليين فقط".

وزادت بأنه "على الرغم من استمرار مشغلي السفر الدوليين بالقول إنهم يأملون في تخفيف القواعد الخاصة بالخمور، ربما داخل المنتجعات الخاصة، إلا أنه لا تزال المشروبات محظورة، ومن الصعب معرفة ما إذا كانت تلك القواعد قد تدفع الزوار الدوليين إلى اختيار وجهات أكثر تساهلا في المنطقة، مثل مصر والمغرب والأردن".

كاثرين تابعت أنه "عندما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا أن نجم كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي قد يكسب 25 مليون دولار من الترويج للسعودية بمجرد قضاء عطلة في المملكة، كتب له العديد من عائلات سجناء الرأي السعوديين رسالة مفتوحة".

وكتبت المجموعة، وبينها شقيقة الناشطة في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول، أن "النظام السعودي يريد أن يستخدمك لغسيل سمعته.. والقول لا للسياحة السعودية يبعث برسالة قوية مفادها أن حقوق الإنسان مهمة، ومَن يمارسون التعذيب والقتل لن يلفتوا من العقاب".

وقال فرانسيس إن "قلة من الدول يمكنها أن تتباهى بسجل ناصع في أي شيء، من حقوق الإنسان إلى الوقود الأحفوري (الملوث للبيئة) أو رعاية الحيوانات، لكن السعودية وجهة مثيرة للجدل بشكل خاص وتشكل معضلة أخلاقية للمسافرين".

المصدر | كاثرين شاير/ دويتشه فيله - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية سياحة ندرة المياه حقوق الإنسان طموحات

بحلول 2030.. السعودية تستهدف جذب 70 مليون سائح دولي سنوياً